“قوارب اللجوء”: كنديّة فيتناميّة تتذكّر

يحيي أبناء الجالية الفيتناميّة في كندا ذكرى مرور 40 عاما على سقوط سايغون عاصمة فيتنام الجنوبيّة بيد قوّات فيتنام الشماليّة الشيوعيّة ومقاتلي الفيت كونغ. وأسفر سقوط سايغون عن إعادة توحيد فيتنام واستتبعته  أزمة إنسانيّة لم يسبق لها مثيل وهجرة مكثّفة للفيتناميين ولا سيّما من أبناء الجنوب، اعتبارا من الثلاثين من نيسان ابريل عام 1975. وتحيي كندا هذه السنة ذكرى مرور 40 عاما على هجرة الفيتناميين واستقبالها لهم. فقد غادر نحو من مليوني فيتنامي بلادهم ، وغادر معظمهم على متن قوارب مكتظّة حملت أكثر من طاقتها اُطلقت عليها تسمية “لاجئو القوارب” Boat People . وتريّثت كندا قليلا في البداية لتعود وتستقبل نحو 150 ألف لاجئ فيتنامي وجدوا فيها ملاذا لهم واندمجوا في المجتمع الكندي وأصبحوا فاعلين فيه. ويستعيد أبناء الجالية ، ومنهم فيتناميّون مولودون في كندا ذكرياتهم الأليمة ولكنّهم يفخرون في الوقت عينه بالنجاحات التي حقّقوها في البلد الذي استضافهم وفتح لهم أبوابه. تام تران دانغ واحدة من بين هؤلاء الذين يستعيدون ذكرياتهم وهي تقول في حديث لتلفزيون هيئة الإذاعة الكنديّة راديو كندا إنها كانت صغيرة السنّ عندما وقعت الأحداث ولكنّها سمعت الكثير عنها من والديها وجدّيها، وتراودها في كلّ سنة مشاعر الألم كما تقول وتضيف: للحدث هذا ثلاثة معان بالنسبة لي: فهو يذكّرني  بالتضحيات التي جرت والتضحيات التي قام بها أهلي عندما قرّروا الرحيل والتضحيات التي يتطلّبها ركوب البحر. وتضيف بأنّها فقدت شخصين من عائلتها أثناء رحلة الهروب بالقارب المكتظّ الذي كان ينقل 500 شخص وهو ما يفوق طاقته وتتابع: هذه هي التضحيات التي أستعيد ذكراها، قبل وصولنا إلى مونتريال وخلاله وبعده. إنها تضحيات السنوات الأولى على وصولنا والتي كانت سنوات صعبة للغاية بالنسبة لأهلي ولكلّ أبناء بلدي تقول الكنديّة الفيتناميّة تام تران دانغ. وتشير إلى أنّها كانت في الرابعة من العمر يوم هجرت بلادها مع ذويها وتضيف متحدّثة عن ذكرياتها فتقول: هنالك العديد من الصور في ذاكرتي ولا أدري إن كنت قد أضفت إليها كلّ ما أخبرني به أهلي على مرّ السنين ولكنّي أتذكّر جيّدا أنّني شعرت بالاختناق. وأتذكّر جيّدا أنّنا كنّا مكدّسين في المركب فوق بعضنا البعض وشعرت بالضيق بسبب النقص في الاوكسيجين. وتضيف أنّها شعرت بالعطش والجوع لأنّ الرحلة في البحر استمرّت ثلاثة أيّام دون أكل او شرب وأنّ هذا الجزء من الرحلة حيّ في ذاكرتها. وتتابع فتشير إلى مشاعر الارتياح والأمل بحياة أفضل بعد الوصول إلى كندا والانطلاقة الجديدة بالنسبة لها ولأفراد أسرتها والكثير من الفيتناميّين. والحيّ الذي سكنته في مونتريال مليء بالآمال وفتح أمامها الأبواب كما تقول وتضيف: أودّ أن أشير إلى مشاعر الكرم والتعاطف التي قوبلنا بها، ولا سيّما في حي سيري Sillery  في مدينة كيبيك  وفي كنيسة القديس شارل التي قدّمت المساعدة لجدّيّ تقول الكنديّة الفيتناميّة تام تران دان. وتشير إلى المدارس العامّة التي تابعت فيها دراستها إلى جانب العديد من أولاد  من أصول مهاجرة مثلها. وتؤكّد أن فرصة الحصول على التعليم مكّنتهم جميعا من تحقيق النجاح في حياتهم وجعلت منهم مواطنين مميّزين وهي ممتنّة للمجتمع الكندي والكيبيكي من أجل كلّ ذلك. وتشير إلى أن خصوصيّاتها الثقافيّة والعرقيّة لم تحل دون اندماجها في المجتمع وأنها متزوّجة من كيبيكي التقته خلال متابعة دراستها في جامعة ماكغيل وتضيف: كان مهتمّا بالثقافة الفيتناميّة وخرجنا معا للمرّة الأولى برفقة جدّتي. وكان شديد الاحترام وكان اهتمامه عميقا وصادقا ما سهّل عليه التقرّب من عائلتي. وتضيف أنّها لم تلق صعوبة في الانسجام مع عائلة زوجها بفضل ما اكتسبته من خبرة حول المجتمع الكيبيكي . والعلاقات تجري في أجواء من الاحترام  للآخر فضلا عن شيء من الفضول العلمي لمعرفة المزيد عن حضارته وثقافته الأصليّة. وتختم مؤكّدة أن أطفالها الثلاثة يكبرون في هذه الأجواء المتناغمة ويتابعون دروسا يوم الأحد في المدرسة الفيتناميّة وانّها وزوجها يحرصان على التوفيق بين الثقافتين في تربيتهما لهم  في ظلّ التعدديّة الثقافيّة التي تميّز المجتمع الكندي.     استمعوا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *