الوضع في العراق بعد مرور عشر سنوات على الغزو الأميركي: تحليل للبروفسور بيتر هارلينغ

مع الذكرى العاشرة للغزو الأميركي للعراق الذي أسفر عن سقوط نظام صدام حسين، يرى عدد من المراقبين أن العراق ما يزال في أزمة وحالة عدم استقرار. وما الدليل على ذلك سوى الهجمات التي تزامنت مع هذه الذكرى وأسفرت عن سقوط ما لايقل عن ستين قتيلا وأكثر من مئة وتسعين جريحا من الطائفة الشيعية.
هيئة الإذاعة الكندية اتصلت بالأخصائي في قضايا الشرق الأوسط والمسؤول عن مشروع يخص مصر وسوريا ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية International Crisis Group  حول النزاعات حول العالم Peter Harling المقيم حاليا في القاهرة مع الإشارة إلى أنه عمل طويلا في العراق ونشر مقالا مؤخرا في Le Monde Diplomatique  حول العراق وسألته رأيه عن الوضع الحالي في العراق بعد مرور عشر سنوات على سقوط نظام صدام حسين والهجمات الأخيرة ضد الطائفة الشيعية أجاب:
في حال قارنا الوضع الحالي بالسنوات السوداء 2006 – 2007 أعتقد أن الوضع أفضل حاليا ، لكن العراق يتقدم دون أن يعتمد اتجاها معينا وهذا ما يمكن تسميته بالمؤقت الدائم وذلك لما لا نهاية وهو ما نشاهده حاليا هناك إذ يتسبب بكثير من المعاناة للعراقيين دون أن يتوقعوا له مخرجا.
وتابع يقول إن المشكلة اليوم في العراق هي غياب الاتجاه المحدد أو مشروع جماعي يتعلق العراقيون به ويأملون منه خيرا في المستقبل.
وعن سؤال عن مسؤولية الغرب عن حالة الفوضى وقلة التنظيم التي يتخبط فيها العراق حاليا وذلك لأنهم انسحبوا دون أن يجروا مفاوضات عما سيحل لاحقا أجاب:
ما هو مؤسف أن الانتقال أو العملية الانتقالية تمت إدارتها بطريقة سيئة فالعراق تحت النظام القديم كان المجتمع فيه ضحية لعقوبات اقتصادية دولية هي الأقسى في التاريخ بالإضافة لحصار اقتصادي منقطع النظير.
ومع وجود نظام من أشد الأنظمة عنفا (عهد صدام حسين) كان الوضع في العراق غير محتمل والبلد مغلق من كافة الجوانب ولم تكن تبد في الأفق أية بارقة أمل وكان العراقيون يربون أولادهم في مجتمع يسود فيه الفساد ودون أن يكون باستطاعتهم توفير مستقبل محترم لهم.
غير أن النظام الجديد لم يكن أفضل بكثير من النظام البائد بل كانت تجمعه به نقاط مشتركة عديدة أضاف بيتر هارلينغ.
وعن سؤال كيف يمكن لرئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي أن يتوصل لفرض نوع من الاستقرار في العراق أجاب بيتر هارلينغ:
هناك فرق شاسع بين الوضع اليوم والوضع في عام 2003 ففي العراق اليوم عدد كبير من الفعاليات فالتعددية السياسية واقع لا يمكن الشك فيه وعلى رئيس الوزراء نوري المالكي التفاعل مع هذا الواقع، فلسنا حاليا في ظل نظام بوجه واحد معين يرغب بفرض إرادته على الجميع أو على كافة مكونات المجتمع السياسية لكننا أمام فاعليات سياسية يغلب عليها الفساد وليس لديها مشروع سياسي أو خطة سياسية مستقبلية يدافعون عنها كما أنهم يتابعون اللعبة السياسية بنفس الطريقة التي كانت تتم فيها هذه اللعبة في عهد نظام صدام حسين.
ووضعهم في أجهزة الدولة يجعلهم يستفيدون من مكاسب من موارد البلاد.
وتابع بيتر هارلينغ قائلا إن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يسعى شيئا فشيئا لتطبيق مركزية للنظام والإشراف عليه لكنه يواجه مقاومة من الطبقة السياسية بسبب تخوفها من نجاح هذا المشروع.
وعن سؤال عن تداعيات تغييب الطائفة السنية عن القرار السياسي وهل يشكل ذلك خطرا على الوضع في العراق أجاب:
إن الوضع خطير جدا على عدة مستويات إذ أننا نجد نوعا من الاستقطاب السياسي والتشرذم والتقوقع على مستوى الهوية الوطنية ما قد يؤدي حسب اعتقادي إذا لم يتم تداركه بمزيد من العنف كما أن المجتمع العراقي حاليا مجتمع منهك كليا بسبب معاناته وخروجه من نزاع طويل وهذا الوضع لصالح رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يسعى للاستفادة من شعور التعب الذي يعيشه المجتمع.
وعلى المستوى الدولي تسعى الولايات المتحدة للإبقاء على الوضع السياسي بصورته الهشة الحالية كما وضعتها في الواجهة وهي ليست متحمسة لممارسة ضغوط على رئيس الوزراء نوري المالكي حتى لا يتسبب سقوطه في حال وقع بمشاكل كبيرة أي اهتزاز النظام بكامله ختم بيتر هارلينغ.
فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.