من الصحافة الكندية: توظيف أجانب على حساب الكنديين والمهاجرين بحجج خداعة

تناول جان روبير سان فاسون موضوع العمال الأجانب في كندا في مقالة في صحيفة "لو دوفوار" الصادرة في مونتريال. ويستحوذ هذا الموضوع على قدر كبير من الاهتمام منذ أن بث القسم الإنكليزي في هيئة الإذاعة الكندية تقريراً عن توظيف متعهد يعمل لحساب مصرف "رويال بنك أوف كندا" موظفين أجانب بدل توظيف كنديين أو مهاجرين حاصلين على الإقامة الدائمة في كندا. وأفيد لاحقاً أن المصرف المذكور، وهو من أكبر المصارف الكندية، ليس وحيداً في هذا المجال، إذ تلجأ مصارف كندية أخرى إلى موظفين أجانب، لا سيما في قطاع المعلوماتية، بدل توظيف كنديين أو مهاجرين، وذلك بغية الاقتصاد في النفقات لأن الموظفين الأجانب، كالقادمين من الهند الذين وظفهم المتعهد الذي يعمل لحساب "رويال بنك أوف كندا"، يتقاضون أجوراً أدنى من تلك التي يحصل عليها الكنديون.

ويُذكر جان روبير سانفاسون في مقالته بما قامت به مصانع ومراكز اتصالات وشركات معلوماتية وهندسة من نقل لقسم من وظائفها إلى الخارج بغية تخفيض نفقاتها، وذلك على حساب فرص العمل المتاحة أمام العمال الكنديين وأيضاً على حساب الحكومات في كندا، إن كان على صعيد المقاطعات أو على صعيد الحكومة الفدرالية، لأن نقل الوظائف إلى الخارج يحرم الحكومات من عائدات ضريبية، لكن الحكومات تغض الطرف بحجة عدم إلحاق الأذى بالمستوى التنافسي للشركات الكندية. ويتابع الكاتب قائلاً إن قدوم عمال زراعيين مكسيكيين إلى مقاطعة كيبيك كان دوماً أمراً مقبولاً بنسبة كبيرة بسبب عدم تزاحم العاطلين عن العمل في المقاطعة على القيام بتلك الأعمال الزراعية الموسمية ذات الأجور المتدنية. لكن مع الفورة في قطاع الموارد الطبيعية امتدت هذه المقاربة إلى وظائف التقنيين والعمال المهرة، لاسيما في مقاطعة ألبرتا الغنية بالنفط في الغرب الكندي، مدعومة ببرنامج فدرالي لتسريع إصدار تأشيرات العمل في كندا. ويتيح هذا البرنامج منذ مدة قصيرة إعطاء رواتب لهؤلاء العمال الأجانب تقل بنسبة 15% عن رواتب العمال الكنديين.

ويمضي روبير سانفاسون بالقول إن شركات عديدة لم تتأخر في الاستفادة من هذه التغييرات. وفي هذا الإطار حصلت شركة "آي غايت" على عقد عمل من مصرف "رويال بنك أوف كندا" لتأهيل موظفين هنود في مكاتبه في تورونتو، حيث سيواصل بعض هؤلاء العمل هناك فيما يعود الآخرون إلى الهند للقيام بأعمال للمصرف كان يضطلع بها حتى الآن موظفون كنديون. ويرى كاتب العمود في صحيفة "لو دوفوار" أن هذا الأمر غير مقبول، ويقول إن حكومة المحافظين في أوتاوا وعدت بإجراء تحقيق حول الأمر، لكنه يتساءل، مشككاً، كيف يمكن الوثوق بحكومة لم تتخذ أي إجراء لما أقدمت شركة "اتش دي" المنجمية على استقدام 200 عامل صيني ومنحتهم كل الوظائف في منجمها في مقاطعة بريتيش كولومبيا في الغرب الكندي متذرعة بأنها لم تجد أي كندي يستوفي شروطها للعمل، ومن ضمنها إجادة اللغة الصينية المندرينية.

ويمضي الكاتب بالقول إنه منذ بدء العمل بهذا البرنامج الهادف في الأساس لتعويض النقص في اليد العاملة في عدد من المجالات، قامت آلاف المؤسسات، بما فيها مصارف وشبكات مطاعم وجبات سريعة، باغتنام الفرصة متذرعة بحجج خداعة أحياناً، فيما الهدف الفعلي هو تخفيض كلفة اليد العاملة. والعام الماضي كان 338 ألف عامل أجنبي مؤقت مسجلين في البرنامج الفدرالي المشار إليه، وهو عدد يفوق العدد الصافي للوظائف التي أوجدتها سوق العمل الكندية خلال سنة. أما العمال الأجانب، فلا يبدو أن أحداً في أوتاوا قد فكر في عواقب إعادتهم إلى بلدانهم بعد توجيه دعوات لهم للإقامة عدة سنوات هنا، يقول روبير سانفاسون متوقعاً مآس إنسانية عديدة في المستقبل نتيجة ذلك.

ويختم روبير سانفاسون في "لو دوفوار" بالقول إن حزمة الإصلاحات في برامج عدة كتعويضات البطالة والعمال الأجانب وتأهيل اليد العاملة التي أقرتها حكومة المحافظين تبحث عن نتائج في المدى القصير دون التفكير بمصير العمال والعاطلين عن العمل الكنديين، وإن هذه البرامج تصبح عقبة في وجه التنمية التي تنشدها الحكومة في خطتها الاقتصادية.

استمعوا

فئة:اقتصاد، سياسة
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.