توقيف السلطات الكندية شهاب الصغيّر ورائد جسّار يوم الاثنين بتهمة الإعداد لاعتداء على قطار ركاب تابع لشركة "فيا رايل" الكندية أعاد إلى الواجهة الحديث عن تهديدات تعترض كندا. وفي هذا السياق كتب الباحث والكاتب جوسلان كولون، مدير "شبكة الأبحاث حول عمليات السلام" المتفرعة من "مركز الدراسات والأبحاث الدولية" التابع لجامعة مونتريال مقالة في صفحة النقاش في صحيفة "لا بريس" الصادرة في مونتريال بعنوان "في منظار القاعدة".
"كندا في منظار تنظيم القاعدة، وهي كانت دوماً كذلك"، يقول جوسلان كولون لافتاً إلى أن الكثير من الكنديين ينسون ذلك، لاسيما في مقاطعة كيبيك، ومضيفاً أن "الاعتقاد بأننا بمنأى عن أفعال هذه المنظمة وفروعها هو من ضروب الخيال" وأن الكشف عن مؤامرةٍ هنا يوم الاثنين جاء ليؤكد أن "كندا هي أيضاً ساحة قتال لهذا الإرهاب الإسلامي".
ويضيف الكاتب أنه في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 على الولايات المتحدة انضمت كندا إلى ائتلاف عريض مناهض للإرهاب تقوده واشنطن، عمله متعدد الأجنحة ويهدف للقضاء على شبكة القاعدة وفروعها. والجناح الأول، وهو عسكري بالدرجة الأولى، حشد عشرات آلاف الجنود الأجانب في أفغانستان من أجل قلب نظام طالبان ومطاردة العناصر الجهادية في هذا البلد. وهذه عملية تشارف نهايتها، يقول جوسلان كولون.
ويتناول الجناح الثاني قمع الإرهاب على الصعيد الدولي. ويأخذ التعاون بين الدول في هذا المجال عدة أشكال: تعزيز الرقابة المصرفية، تبادل المعلومات، توقيف المشتبه بهم ونقلهم من بلد لآخر، جوازات السفر الجديدة، اقتحام سفن، تنصت إلكتروني ومراقبة بواسطة الأقمار الصناعية، مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل، وسواها من أشكال التعاون.
ويتركز الجناح الثالث على الإجراءات المكافحة للإرهاب على الصعيد الوطني. فقد عززت كل دولة – وتواصل تعزيز - تشريعاتها الهادفة لتعزيز حماية الأبنية العامة والبنى التحتية الاستراتيجية والحدود ومراقبة المشتبه بهم من أفراد ومجموعات.
ويتابع جوسلان كولون قائلاً إن كندا تشارك كلياً في هذه المنظومة المكافحة للإرهاب ولم تخفِ ذلك أبداً. والزعيم الراحل لتنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، أدرك ذلك جيداً. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 هاجم كندا بشكل مباشر، إذ حذر في رسالة موجهة "إلى شعوب الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة" الرأي العام في تلك الدول من "التحالف بين حكوماتها والولايات المتحدة بهدف مهاجمتنا في أفغانستان". وذكر بن لادن بالاسم كلاً من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا وألمانيا وأستراليا.
ووقع كلمات بن لادن لم يتأخر، يقول الكاتب، إذ تم إجهاض مؤامرات إرهابية كانت تُحضر في مقاطعتي أونتاريو وكيبيك، فيما كان بعض الكنديين قد سافروا إلى الخارج من أجل تنفيذ أعمالهم المؤذية.
ويوم الاثنين أعلن وزير الأمن العام في مقاطعة كيبيك، ستيفان برجورون، أن "ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن التراب الكيبيكي مستهدف بشكل خاص" في المؤامرة التي كشف عنها النقاب يوم الاثنين. "الوزير على حق، لكن يجب ألا يُفهم من كلامه أننا بمأمن من مأساة"، يقول جوسلان كولون، ويتابع بأنه إذا لم تنفجر أي قنبلة حتى اليوم في كيبيك أو سائر كندا، يبقى أن كندا تُستخدم على نطاق واسع كقاعدة خلفية لتخطيط هجمات إرهابية في الخارج وتنفيذها. ويذكر جوسلان كولون بأن مواطنين كنديين، أو أشخاصاً مقيمين في كندا، اعتقلوا أو قُتلوا في أنشطة إرهابية، كان آخرها الهجوم على منشأة الغاز في الجزائر "حيث قُتل إرهابيان كنديان".
ويرى مدير "شبكة الأبحاث حول عمليات السلام" أن كون كندا جغرافياً على حدود الولايات المتحدة يجعل وضعها دقيقاً للغاية. ويذكر هنا بأنه غداة هجمات 11 أيلول (سبتمبر) اتهم سياسيون أميركيون كثر كندا بأنها ممر للإرهابيين، يستقرون فيها ليعبروا منها بسهولة إلى الولايات المتحدة. وقد رفضت كندا هذا الاتهام. لكن جهاز الاستخبارات الكندي كشف السنة الماضية أن ما بين 50 و60 كندياً غادروا البلاد للقيام بأنشطة إرهابية في الخارج. ويضيف جوسلان كولون أن هؤلاء يحملون جوازات سفر كندية ويمكنهم بالتالي التنقل بحرية والدخول إلى الولايات المتحدة من دول الكاريبي أو أوروبا أو الشرق الأوسط.
ويختم جوسلان كولون بالقول إن كندا نجت من الإرهاب خلال العقد المنصرم، ولكن هذا لا يضمن أن الأمر سيكون دوماً كذلك. "ومن هنا واجب التيقظ".
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.