متظاهرون أمام ورشة بناء مستشفى جديد للنساء في وينيبيغ في 24 نيسان (ابريل) الفائت يحتجون على توظيف عمال أجانب مؤقتين

متظاهرون أمام ورشة بناء مستشفى جديد للنساء في وينيبيغ في 24 نيسان (ابريل) الفائت يحتجون على توظيف عمال أجانب مؤقتين
Photo Credit: بشرى واتيك / موقع راديو كندا

العمال الأجانب المؤقتون: كابوس ماهر بدوي

لما قامت شركة كيبيكية العام الماضي باختياره وهو في تونس للعمل في لحام المعادن في مدينة بْليسيفيل في مقاطعة كيبيك، لم يتردد ماهر بدوي كثيراً، تروي ماري أندريه شوينار في صحيفة "لو دوفوار" الصادرة في مونتريال. "أرسلتُ سيرتي الذاتية ونجحتُ الامتحان"، يقول ماهر، ابن التاسعة والعشرين. كعامل متخصص يتمتع بخبرة مهنية وحاصل على شهادة، وعد ماهر بإجازة عمل مدتها ثلاث سنوات مع أمل بالحصول على الإقامة الدائمة فيما بعد. "بحثتُ عن حياة أفضل"، يقول الشاب التونسي الذي قدم إلى كندا بعد أن كان يتقاضى 200 دولار شهرياً في بلاده.

في الرابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) الفائت وصل ماهر إلى بْليسيفيل. "عملتُ بضعة أيام، وقيل لي إن كل شيء يسير بشكل جيد"، يخبر ماهر المقيم حالياً في مونتريال. "وبعد ذلك بفترة وجيزة، ودون أن أفهم جيداً الأسباب، قيل لي إن عملي لم يعد جيداً". فقد ماهر عمله في الثاني والعشرين من آذار (مارس) الفائت، وأضحت إجازة الإقامة الشديدة الاتصال بعمله في خطر: إذا لم يجد من يعيد توظيفه في غضون ثلاثة أشهر، يُعاد النظر في إقامته في كندا.

"نسمع كل يوم قصصاً من هذا النوع تصور الأوضاع الشديدة الهشاشة لهؤلاء العمال الذين اختيروا (للعمل في كندا) وهم في بلدانهم بفضل خبراتهم"، يقول لويك مالير، عضو "مركز العمال المهاجرين" في مونتريال والذي يعد أطروحة دكتوراة حول العمل المؤقت لدى الأجانب. ويندد مالير بالهجوم المزدوج، من أوتاوا ومن كيبيك، على عمال في وضع ماهر. "نبحث عنهم ونأتي بهم إلى هنا، نوظفهم بعض الوقت ثم نسرحهم متذرعين بعمل لم يُنجز بشكل جيد، فيما في الواقع تتعرض الشركة (التي وظفتهم) لخسارة في الانتاجية"، يقول مالير.

ومع تأكيد حكومة حزب المحافظين في أوتاوا يوم الاثنين على إدخال تعديلات على برنامج العمال الأجانب المؤقتين، تتأكد مخاوف المجموعات التي تمثلهم. فالتعديلات تهدف لإعطاء الأولوية في التوظيف للكنديين وإثبات أن اللجوء لعمال مؤقتين هو فعلاً كذلك، أي أنه لمرحلة مؤقتة. ويرى مالير أن هذه التعديلات "ستجعل ما هو مؤقت مؤقتاً أكثر، وتغذي الكذبة الكبيرة القائلة بأن النقص في اليد العاملة ليس مستديماً، فيما هو كذلك في الواقع!".

وجاءت هذه التعديلات بعد أن بث القسم الإنكليزي في هيئة الإذاعة الكندية قبل نحو شهر تقريراً عن توظيف متعهد موظفين أجانب لحساب مصرف "رويال بنك أوف كندا" بعد تسريح المصرف موظفين كنديين. وسرح هؤلاء بعد قيامهم بتدريب الموظفين الأجانب الذين سيحلون مكانهم. وأفيد لاحقاً أن المصرف المذكور، وهو من أكبر المصارف الكندية، ليس وحيداً في هذا المجال، إذ تلجأ مصارف كندية أخرى إلى موظفين أجانب، لا سيما في قطاع المعلوماتية، بدل توظيف كنديين أو مهاجرين، أو بعد قيامها بتسريح هؤلاء، وذلك من أجل الاقتصاد في النفقات، لأن الموظفين الأجانب، كالقادمين من الهند الذين وظفهم المتعهد الذي يعمل لحساب "رويال بنك أوف كندا"، يتقاضون أجوراً أدنى من تلك التي يحصل عليها الكنديون. وأثار التقرير موجة تضامن واسعة مع العمال الكنديين المسرحين تضمنت انتقادات قوية لمصرف "رويال بنك أوف كندا" ولسواه، كما للحكومة الفدرالية. فقدم المصرف المذكور اعتذاراً من عماله المسرحين ووعد بإعادة توظيفهم، وقامت حكومة المحافظين بإدخال تعديلات على برنامج العمال الأجانب المؤقتين.

وفيما تدور هذه اللعبة السياسية من حوله، يشعر ماهر بدوي بالقلق. فهو لم يفهم أسباب تسريحه من عمل كان يؤمن له 1700 دولار شهرياً، متيحاً له العيش هنا وحتى دعم أسرته في تونس. وها هو الآن يعيش على نفقة أصدقاء في مونتريال، ما يُعد نعمة إذا ما قارن وضعه بأوضاع أصدقاء في مثل حاله، فقدوا وظائفهم كعمال أجانب وليس لديهم أحد هنا ليوفر لهم الدعم والمساعدة. "لا أستطيع العيش دون عمل، دون مال"، يقول ماهر، "لكن لدي ملء الشجاعة والأمل".

استمعوا

فئة:سياسة، مجتمع
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.