سجن غوانتانامو

سجن غوانتانامو
Photo Credit: أ ف ب / ميشال شيبارد

غوانتانامو وإشكالية إقفاله أو إبقائه

عادت قضية سجن غوانتانامو ووضع المعتقلين الصحي والقانوني إلى الواجهة أمس بتكرار الرئيس الأميركي باراك أوباما وعده الانتخابي بإقفاله في أعقاب إعلان غالبية المعتقلين فيه الإضراب عن الطعام . ولكن الأمر أكثر تعقيدا من مجرد الرغبة لعدة عوامل تتعلق بالقوانين الأميركية والوضع القانوني للمعتقلين .

قبل الخوض في الأسباب والنتائج ، تذكيرسريع  بتاريخ غوانتانامو ووضعها الفريد كونها تابعة للأميركيين في جزيرة تعتبر الولايات المتحدة عدوتها اللدودة .

 تقع المدينة جنوب شرق جزيرة كوبا وقد حصل عليها الأميركيون عام ألف وثمانمئة وثمانية وتسعين في أعقاب الحرب الأميركية الإسبانية في الجزيرة التي كافأت الأميركيين للدعم العسكري فمنحتهم المنطقة لقاء عقد إيجار بأربعة آلاف وخمسة وثمانين دولارا سنويا ، لا ينقض إلا بموافقة الطرفين . ولطالما سعى فيديل كاسترو إلى إلغائه دون جدوى . علما أن كوبا ، منذ تسلم كاسترو الحكم فيها في الخميسنيات ، ترفض صرف شيك الإيجار السنوي .

بداية بنى الأميركيون فيها قاعدة عسكرية بحرية ، والمرة الوحيدة التي استقبلت فيها مدنيين كانت في منتصف تسعينيات القرن الماضي عندما لجأ إليها الهاربون من هاييتي ولاجئو القوارب الكوبيون . ولم يفكر أحد بأن تتحول القاعدة يوما إلى سجن ، إلى أن بدأت حرب مكافحة الإرهاب في أفغانستان وألقي القبض على مقاتلين من عدة جنسيات اضطرت الولايات المتحدة إلى سجنهم خارج أراضيها ، فكان سجن غوانتانامو الذي ضاهى سجن ألكاتراز شهرة .

الصحافية الكندية ومديرة الأخبار العامة في صحيفة لا بريس ، مالوري بوشمان ، التي زارت غوانتانامو مرتين لمتابعة محاكمة الكندي عمر خضر ، تصف المكان هكذا :

" هي قرية صغيرة أميركية بالكامل ولكن في جزيرة لا شيء أميركيا فيها جراء الحظر الأميركي المفروض عليها ".

وبصرف النظر عن موقفها ، ترى بوشمان أن الأميركيين يستفيدون من وضع المنطقة . تقول :

" من الناحية القانونية ، الوضع يلائم الأميركيين فبما أن المنطقة ليست كوبية وليست في الوقت نفسه أميركية بكل معنى الكلمة ، فوضعها بالتالي ضبابي بالنسبة إلى القوانين الدولية والقوانين المعمول فيها في الولايات المتحدة  بالرغم من أن محكمة الولايات المتحدة العليا اعتبرت أن وضعها غير شرعي ".

من جهته يشرح أستاذ العلوم السياسية شارل فيليب دافيد إشكالية الموقف يقول :

" ثمة أشياء لا بد من الإشارة إليها فالمعتقلون في غوانتانامو ليسوا مقاتلين شرعيين فلا ينطبق عليهم بالتالي قانون الحرب الأميركي . فالقادة الأميركيون مقتنعون بأنه لا يمكن منحهم صفة الجندي وبالتالي لا تنطبق عليهم إتفاقية جنيف فهم لا ينتمون إلى جيش أو حتى إلى ميليشيا ليعاملوا معالمة أسرى الحرب . وقد شهدت الولايات المتحدة مثل هذه الإشكالية خلال الحربين العالميتين وقبلهما وبعدهما وتشكلت أكثر من مرة لجان أو محاكم عسكرية . إضافة إلى أن اعتقالهم تم في ظروف حرب غير تقليدية هي الحرب على الإرهاب . "

ويؤكد شارل فيليب دافيد أن لا أحد في الولايات المتحدة ، بمن فيهم ربما الرئيس ، يريد إدخالهم إلى الأراضي الأميركية حيث ستطبق عليهم القوانين الأميركية وستقوم منظمات حقوق الإنسان بالمطالبة بإطلاق سراحهم ولا أحد من الأميركيين يهتم أصلا بوضعهم .

 لماذا إذا يكرر أوباما رغبته في إقفال السجن ؟ يجيب شارل فيليب دافيد :

" يمكنه أن يقول إنه يريد إقفال غوانتانانو لكن الجمهوريين في مجلسي الممثلين والشيوخ سيعارضون ذلك بشدة وكذلك سيعارض الأميركيون خاصة في أعقاب تفجيرات بوسطن . فالقرار بالتالي ليس شعبيا ولا بد من الإشارة إلى أن عدة دول ترفض استقبالهم وثمة معتقلون يرفضون العودة إلى بلادهم مخافة تعرضهم للقتل .

أما عن إعلان المعتقلين الإضراب عن الطعام ، فيؤكد شارل فيليب دافيد أنها ليست المرة الأولى فهناك تقارير موثقة عن إضراب عن الطعام وإرغام المعتقلين على تناول الطعام ومحاولات انتحار . وترى مالوري بوشمان أن هدف المعتقلين إعلامي . تقول في ختام حديثها إلى راديو كندا :

" الإضراب عن الطعام هو بدون شك ناجم عن تخوفهم من أن يقعوا في النسيان فالأميركي لا يهتم بأوضاعهم ولا يعرف حتى حقيقة ما يجري في الداخل من هنا فقرارهم يشكل حملة  للفت نظر الإعلام حتى لا ينسى وجودهم ."

استمعوا

فئة:دولي، سياسة، مجتمع
كلمات مفتاحية:،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.