الدعاية السلبية التي بثها حزب المحافظين الحاكم في كندا بزعامة ستيفن هاربر مؤخرا والتي تسخر من إمكانات زعيم الحزب الليبرالي الجديد جوستان ترودو في تبؤ مراكز قيادية في كندا كاحتمال وصوله إلى رئاسة الوزراء في كندا في حال فوز حزبه في الانتخابات المقبلة أعادت إلى الواجهة هذا الملف كما طرحت تساؤلات حول مدى فاعلية وشرعية هذه الدعاية السلبية.
وتجد الإشارة إلى أن هذا النوع من الماركيتينغ السياسي يشهد انطلاقة كبيرة في الولايات المتحدة منذ نحو من خمسين عاما.
ويتساءل بعض المحللين عن التأثير العكسي لهذه الدعاية في حال استخدامها بمغالاة وبطريقة مبالغ فيها إذ قد ترتد على صاحبها.
وكان حزب المحافظين الحاكم قد بث صورة متلفزة لزعيم الحزب الليبرالي الجديد جوستان ترودو شكك فيها بإمكانات ترودو في تحمل مسؤوليات قيادية في كندا.

ويشرح الأستاذ Thierry Giasson أستاذ مادة الاتصالات والمعلومات في جامعة لافال في كيبك الهدف من الدعاية السلبية فيقول:
إن دعاية تشهيرية مثل هذه تهاجم مصداقية الخصم وما يعرضه هذا الخصم من أفكار وتركز بشكل خاص على نقاط ضعفه وخاصة عندما يرشح هذا الخصم نفسه لتبؤ مركز ما.
ويؤكد الأستاذ جياسون الذي يدير مجموعة أبحاث حول الاتصال السياسي في جامعة لافال في كيبك أن هذا النوع أي الدعاية السياسية السلبية تجد صدى كبيرا منذ عشرات السنين.
يشار إلى أنه منذ ما يقرب من خمسين عاما وتحديدا في عام 1964 وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة بين الدمقراطي ليندون جونسون والجمهوري باري غولدواتر لعب هذا النوع من الدعاية دورا رئيسيا وخاصة تحذير الناخبين من مغبة انتخاب غولدواتر واستخدام السلاح النووي.
ويتحدث المحلل والمعلق السياسي إريك دوهايم الذي عمل مستشارا سياسيا لدى العديد من زعماء الأحزاب السياسية الكندية على الساحتين المحلية والفدرالية عن فعالية الدعاية السلبية على مجريات الأحداث فيقول:
أنظروا إلى الولايات المتحدة حيث يتم إنفاق الكثير من الأموال على الدعاية السياسية والماركيتينغ الانتخابي وقارنوا بين حصة ما يخصص من هذه الأموال للداعية السلبية فنرى أن بعض المرشحين يخصصون ما بين 75 % إلى 80 % من ميزانيتهم الانتخابية لبث دعاية سلبية ضد خصومهم لما يلمسونه من أثر ملموس على تغيير الآراء والمواقف عند الناخبين.
وما دليلهم على ذلك سوى الدعاية السلبية التي استخدمها الرئيس الأميركي الأسبق المرشح الديمقراطي جورج بوش الأب ضد خصمه المرشح الديمقراطي مايكل دوكاكيس خلال الحملة الانتخابية في عام 1988 وأدت لفشل دوكاكيس وفوز بوش.
ويتحدث الأستاذ تيري جياسون عن الغاية من الدعاية السياسية السلبية فيقول:
استفادت كندا من الخبرة الأميركية في مجال الدعاية السياسية السلبية وقد لجأ إليها الحزب الليبرالي الكندي بزعامة جان كريتيان خلال الحملة الانتخابية في عام 2000 عندما شن الحزب حملة دعائية سلبية قاسية ضد زعيم حزب التحالف الكندي في ذلك الوقت ستاكويل داي الذي شغل إريك دوهايم وقتها منصب أحد مستشاريه وهو يقول بهذا الخصوص:
خلال تلك الفترة شن الحزب الليبرالي الكندي هجوما قاسيا على ستاكويل داي

مركزا بشكل خاص على قناعاته الدينية والكل يعلم أن ستاكويل داي كان متدينا ويمضي كثيرا من الوقت في الكنيسة بالقرب من راعي هذه الكنيسة ولا يعمل يوم الأحد ، لقد ركز الحزب الليبرالي على ما أسماه مواقف داي المتحجرة حيال مجموعة من القضايا وخاصة موقفه من الإجهاض وزواج المثليين.
ويقول الأستاذ جياسون أن حزب المحافظين الكندي لجأ للدعاية السياسية السلبية ضد زعيم الحزب الليبرالي السابق مايكل إيغناتييف والأسبق ستيفان ديون وهو يعرض بستيفان ديون على الشكل التالي:
ستيفان ديون الذي وعد بإنفاق مليارات الدولارات خلال الحملة الانتخابية لكننا لا نعلم بوضوخ أين أولوياته.
ويعرف البروفسور جياسون بمزايا الدعاية السلبية على الدعاية الإيجابية من خلال ترؤسه لمجموعة أبحاث حول الدعاية الانتخابية فيقول:
الدعاية السلبية تثير ردود فعل أكبر عند الناس بالإضافة لإثارة ردود فعلهم الجسدية وانتباههم أيضا وهي تؤدي لتعلقهم بالدعاية السلبية التي يبثها حزبهم ضد الخصم بدل العمل على إقناع خصومهم بوجهة نظرهم.
نشير أخيرا إلى أن خبراء في الدعاية الانتخابية والماركيتينغ السياسي يحذرون من أن الداعية السلبية سلاح ذو حدين قد ينجح أحيانا في الوصول للغاية أي تحطيم صورة الخصم وقد تفشل أحيانا أخرى فتعود بمردود سلبي على صاحبها إذ تجعل الناخبين يعطفون على ضحية الدعاية السلبية فيصوتون له ولحزبه وحجتهم النتائج الانتخابية الأخيرة في دائرة لبرادور الانتخابية في مقاطعة نيوفاوندلند ولبرادور التي فازت فيها مرشحة الحزب الليبرالي على مرشح حزب المحافظين.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.