فقرة نستعرض خلالها أبرز مقالات الصحافة الكندية خلال الأسبوع الفائت . هذا الأسبوع مع بيار أحمراني، سمير بدوي وفادي الهاروني :
نشرت صحيفة لا بريس تحقيقا أجرته الصحافية أندريان وليامس مع الطبيب السوري أحمد عبد الذي يعالع المرضى والمصابين السوريين في مستشفى مجاني في طرابلس شمال لبنان ، يؤكد فيه استعمال السلاح الكيميائي من قبل النظام السوري . فإتهام النظام السوري، ومؤخرا المعارضة السورية باستعمال السلاح النووي ، شكل منعطفا مهما في النزاع السوري.
يراقب الطبيب أحمد عبد من عيادته في طرابلس شمال لبنان ، حركة العاملين والمرضى عبر كاميرات المراقبة . العيادة هادئة فهي لا تفتح أبوابها يوم الأحد إلا للحالات الطارئة . " تعالي غداً ، وسترين أننا نستقبل حوالي أربعمئة شخص يوميا " يقول الطبيب السوري للصحافية أندريان وليامس .
أحمد هو أحد الأطباء الستة عشر الذين يعملون في العيادة المجانية أربعا وعشرين ساعة على أربع وعشرين . وهو من منطقة باب السبع في حمص وكان يعمل في أحد المستشفيات الحكومية عندما بدأت الحرب في وطنه الأم .
" في أحد الأيام ، يقول الطبيب أحمد عبد ، وصل شاب إلى المستشفى وهو مصاب بجرح بسيط في ذراعه . وفي اليوم التالي وجد مقتولا برصاصة بين عينيه . وتحققت أنه قتل داخل المستشفى . عندها قررت الالتحاق بعيادة تديرها المعارضة ."
لاحقا ، في شباط فبراير عام 2012 تغيرت وجه الحرب بالنسبة إلى أحمد : " بدأ الناس يصلون إلى العيادة بأعراض غريبة ، يقول أحمد . كان المرضى ، وعددهم حوالي العشرين ، مصابين بهلوسة وبتقلص في بؤبؤ العين وأوجاع في المفاصل وصعوبة في التنفس وإفرازات في الفم إلى آخره . وجميعهم آتون من الأمكنة نفسها ، من باب عمرو وباب السباع ويخبرون القصة نفسها : تعرضت منازلهم لقصف صاروخي أدى إلى انتشار دخان أصفر في الجو ". يخبر الطبيب السوري الذي لجأ إلى شمال لبنان منذ عشرة أشهر ويتابع : " الذين تنشقوا منهم كثيرا من تلك الغازات السامة كانوا يموتون بعد ساعات قليلة من وصولهم إلى العيادة ."
عندها قرر الطبيب السوري الهرب مع عائلته إلى لبنان عملا بنصيحة أحد زملائه : " كانت قوات بشار الأسد تعتقل كل من يقدم مساعدة إنسانية للمواطنين " يقول أحمد عبد مؤكدا أنه عالج ضحايا الأسلحة الكيميائية حتى في عيادته في شمال لبنان حيث استقبل سبعة مصابين في حمص بالعوارض نفسها وقد تم احتجاز اثنين منهم على الحدود اللبنانية السورية طيلة خمسة وأربعين يوما .
وتتابع الصحافية أنديان وليامس : أحمد متأكد اليوم أن مرضاه كانوا ضحايا السلاح الكيميائي:
" خلال وقوع تلك الأحداث ، كنا نتحدث أنا وزملائي عن هذا الاحتمال ولكن لا أحد كان مستعدا لتصديقنا وللأسف ، يختم الطبيب السوري اللاجئ إلى لبنان أحمد عبد حديثه إلى الصحافية اندريان وليامس ، للأسف ، فأن الصور التي شاهدتها في وسائل الإعلام الأسبوع الماضي تؤكد ما كنت أخشاه . "
تحت عنوان سكندينافيا، فن قطف الكرز
كتب آلان دوبوك مقالا في صحيفة لابرس جاء فيه:
هناك تعبير بالإنجليزية صعب علي أن أجد مرادفا له بالفرنسية هو cherry picking ويعني عملية اختيار في ملف ما العناصر التي تناسبنا والتخلي عما لا يناسبنا أو لا يرضي موقفنا.
هذا القطاف الانتقائي للمعلومات هو مغر بشكل خاص عندما نقارن مقاطعة كيبك بدول سكندينافية نتقاسم معها مثالية التضامن.
ونحن نستفيد منها بشكل خاص عندما نرغب بإطلاق مبادرة جديدة أو برنامجا اجتماعيا جديدا.
ومثل على ذلك مظاهرات الاحتجاج التي جرت في مقاطعة كيبك العام الماضي للمطالبة بمجانية التعليم.
ويتابع آلان دوبوك قائلا المشكلة أننا لا ننظر سوى لما يناسبنا.
فنعدد مزايا وكرم برنامج المساعدة الاجتماعية الإسكندنافي دون أن نذكر أنه يلزم المستفيدين منه بالبحث عن عمل وهو ما نندد به بشكل صريح وواضح من جهتنا.
نتحدث عن أنظمة صحية سكندينافية دون أن نؤكد بأنهم يرافقونها هناك بتحمل المستفيدين منها لبعض الأعباء المالية.
وها إن دراسة صغيرة حول الموضوع صدرت عن أربعة باحثين من جامعة شيربروك وأتت في الوقت المناسب لتقارن بين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية بين مقاطعة كيبك وثلاث دول سكندينافية باستثناء النروج بسبب مداخيلها النفطية الكبيرة.
لكن ماذا تقول هذه الدراسة؟ تقول إن الدول السكندينافية المتقدمة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، هي في الوقت نفسه أكثر ثراء وأكثر عدالة .
فعلى مستوى توزيع المداخيل، كيبك ليست ضمن المجموعة التي تنتمي إليها الدول السكندينافية بل هي على الأرجح ضمن المجموعة التي تنتمي إليها كندا أي ضمن مجموعة الدول الأنكلوساكسونية.
ويشير آلان دوبوك إلى أن مقاطعة كيبك لم تتميز أيضا بإنجازاتها الاقتصادية إذ أنها خلال عشرين عاما أي من عام 1990 إلى عام 2010 وصلت نسبة النمو الاقتصادي في السويد إلى 51.6 % وفي الدنمرك إلى 47.1 % وهي كما نلاحظ فاقت بوضوح نسبة النمو الاقتصادي في كيبك أي 39.9 % التي تعدت نسبة النمو الاقتصادي في فنلندا.
والناتج الداخلي الاجمالي لكل ساعة عمل في عام 2010 كان 42.50 دولارا أميركيا في كيبك مقارنة ب47.90 دولارا في فنلندا و49.90 دولارا في السويد و51.30 دولارا أميركيا في الدنمرك.
هذه الأرقام تعطينا مجموعة من الدروس، أولها لكي نكون عادلين يجب أن نكون أغنياء (أن نملك القدرة) ولكي نكون أغنياء يتوجب أن نكون منتجين.
كما أن هناك بهذا الخصوص ما يوجب علينا التفكير حول نموذجنا (الكيبكي) الذي يرتكز حسب دوبوك على ثلاثة تيارات فكرية:
نحن إسكندنافيون في دعمنا لدولة الرعاية، فرنسيون في النقاش العام وأميركيون في تصرفاتنا الشخصية.
وخلاصة القول إننا نريد كل شيء لكن دون القبول بالجهود التي يتطلبها ذلك.
وتحت عنوان الاعتراف بأننا نواجه مشكلة كتب جان باسكال بيلودو وليندا خليل مقالة في صحيفة لابرس يردان فيها على مقالة كان نشرها جيروم سوسي بعنوان رسالة إلى مناهضي الرأسمالية جاء فيها:
عندما نقرأ هذه الرسالة نتساءل هل يفهم جيروم سوسي معنى الرأسمالية التي يتحدث عنها.
ونتساءل بادئ ذي بدء هل يتوجب علينا أن نحسد أصحاب سيارات بورش Porshe وهل أنه لا يمكننا بكل بساطة أن نرغب فقط بالحياة دون زيادة أو نقصان.
فالمناهضون للرأسمالية لا يحسدون أصحاب السيارات الفخمة ولن تسمعهم يتشكون من أنهم لا يملكون واحدة منها إذ أنهم وبكل بساطة لا يرغبون اقتناءها.
ونتساءل في أعقاب ذلك في ما إذا كان الفقراء فقراء فعلا لأنهم كسالى والأغنياء أغنياء فعلا لأنهم أكثر اجتهادا.
وهل أن (الرأسمالية) هي حقا في متناول الجميع؟
وعندما يكتب السيد Soucy بأن الرأسمالية تتسبب بفروقات في المداخيل مبنية بشكل عام على خيار شخصي بالعمل بقوة أو العكس فإنه ينسى بأن تطلعاتنا المستقبلية تتحدد في جزء كبير منها بالنظام السياسي وبالوسط السياسي الاجتماعي الذي نشأنا فيه.
ونتساءل أيضا عندما يكتب بأن الرأسمالية هي النظام الذي يسامح وهل أن نظام بينوشيه كان نظاما متسامحا.
إن تعبيري رأسمالية وديمقراطية ليسا مرادفين فالغرب يطفح بأنظمة تدعي الديمقراطية تتعرض فيها أية حركة انشقاق لقمع سياسي وبوليسي.
كما يمكننا أن نتساءل أيضا لماذا يتوجب أن نكد بقوة في وقت تتوفر لنا وسائل غاية في الاتقان.
وما جدوى أن نعمل 80 ساعة في الأسبوع لنملك سلعا استهلاكية لن نسعد باستخدامها لعدم توفر الوقت؟
هذا الوقت الذي يتوجب أن نأخذه جميعا لنفكر بالعالم بطريقة مختلفة ومن ثم لنغير هذا العالم.
أن نكون جزءا من الحل هو أن نعترف أولا بوجود مشكلة، يختم كاتبا المقالة.
وإلى صحيفة "ذي غلوب أند مايل" الواسعة الانتشار في كندا التي نشرت مقالة للبروفسور برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة برنستون الأميركية، بعنوان "الخطر الحقيقي لمأزق سوريا المذهبي".
يقول البروفسور هيكل إن ما بدأ في سوريا كانتفاضة ضد نظام جائر تحول إلى حرب أهلية طائفية ومؤخراً إلى نزاع بالوكالة، وإن الصراع في غضون ذلك سلك طرقاً ملتوية حفلت بأجندات متناقضة بين الحلفاء وبتوترات بين المجموعات العرقية والمذهبية.
فمن جهة، تقوم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا والأردن والمملكة السعودية وقطر بدعم المعارضة، وهذه الأخيرة خليط من فصائل مسلحة ذات أجندات وأيديولوجيات مختلفة تتراوح بين القومية السورية والجهادية العالمية. وهذا التبعثر يعكس الانشقاقات في المجتمع السوري الناتجة عن أكثر من أربعة عقود من الحكم الاستبدادي الوحشي، يقول البروفسور هيكل.
ومن الجهة الأخرى، يتابع الكاتب، تدعم روسيا وإيران (ووكيل هذه الأخيرة، تنظيم "حزب الله" اللبناني) نظام الرئيس بشار الأسد، ولكل منهما أسبابها. دوافع روسيا متصلة بتركة الحرب الباردة. فنظام الأسد اتخذ دوماً موقفاً معادياً للغرب ومنحازاً للاتحاد السوفياتي ولروسيا من بعده. واليوم تشكل سوريا موطئ القدم الوحيد المتبقي لروسيا في العالم العربي، فيما كافة خصوم السيد الأسد الاقليميون حلفاء للولايات المتحدة.
أما التدخل الإيراني فيعكس صراعاً أقدم بكثير، هو بين السنة والشيعة للسيطرة على الشرق الأوسط، يقول البروفسور هيكل. ومع تزويد إيران الشيعية قوات بشار الأسد بالسلاح والمال والجنود والتدريب، اتخذ البعد الطائفي للنزاع مدلولاً أكبر. فالقوات الحكومية تحجمت إلى جيش طائفي يحفزه خوف من قيام المتمردين، وغالبيتهم من السنة، في حال انتصروا بالقضاء على الأقلية العلوية المنتسبة للشيعة والتي حكمت سوريا لعقود من الزمن.
وكما يبدو حالياً، لنظام الأسد تفوق عسكري ساحق، فهو يملك سلاحاًَ جوياً ودبابات وصواريخ وأسلحة كيميائية وبيولوجية. ومن أجل إلحاق الهزيمة بكل ذلك، تحتاج المعارضة لأسلحة أكثر تطوراً، وداعموها مستعدون لإسداء المعروف، يقول البروفسور برنارد هيكل. وتركيا والمملكة السعودية والأردن وقطر – وكلها دول يقودها السنة – زادت من دعمها العسكري للمتمردين السوريين بنسبة كبيرة في الأشهر الأخيرة. حتى الولايات المتحدة التي رفضت حتى الآن تزويد المعارضة السورية بسلاح قاتل مخافة وقوعه بأيدي الجهاديين العالميين، أعلنت مؤخراً أنها تعمل على خطة لإمداد قوات المعارضة بالسلاح.
ويمضي البروفسور هيكل بالقول إن التوترات بين السنة والشيعة تميل للارتفاع بحدة خلال الصراعات الجيوسياسية، كما حدث في العراق بين عامي 2006 و2008. وقبل ذلك، تضمن آخر صراع سني شيعي كبير في الشرق الأوسط حرباً شبه متواصلة بين الامبراطورية العثمانية السنية والامبراطورية الصفوية الشيعية في إيران خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. انتصر العثمانيون وقتئذ بهامش ضئيل، مؤمّنين في النهاية سيطرتهم على العراق. لكن الصراع الطويل ساهم في إضعاف الإمبراطوريتين ودمر العراق تاركاً خلفه انشقاقاً طائفياً عميقاً.
وهذا لا ينذر بالخير لسوريا، يقول البروفسور هيكل. فمنذ سبعينيات القرن الفائت فشل آل الأسد في تغذية القومية العربية لتوحيد شعب منقسم دينياً، لاجئين بدل ذلك إلى سياسات طائفية مسببة للشقاق من أجل السيطرة على الشعب السوري. وفيما ساعد تبوء العلويين المراكز الأساسية في الجيش والاستخبارات آل الأسد في إبقاء قبضتهم على البلاد، أدت هذه الاستراتيجية إلى تعميق الصدع السني الشيعي في أوساط السكان.
ولما بدأ الربيع العربي يتفتح، اعتمد بشار الأسد المقاربة نفسها، آملاً في أن تحشد مناصريه العلويين حوله وتخيف سائر الناس فتخضعهم. لكن الخطة هذه المرة أعطت عكس النتائج المرجوة، يقول برنارد هيكل. فسنة سوريا الذين ألهمتهم الثورات في دول عربية أخرى وأغضبتهم وحشية النظام، لم يعودوا، ببساطة، يخافون. وهذا تطور قادر على تغيير قواعد اللعبة للأنظمة السلطوية العربية، يقول الكاتب.
والآن أصبحت تبعات فشل الرئيس السوري في إطلاق توجه سياسي وطني مشترك مكشوفة بالكامل، يرى البروفسور هيكل. فسنة سوريا يستحضرون الدين بصورة متزايدة لتبرير الكراهية تجاه الأقلية الشيعية، وبعض أشكال الإقصائية السنية المشابهة لعقيدة تنظيم القاعدة أخذت تصبح المعايير المقبولة. وفيما ضمن بشار الأسد دعم الطائفة العلوية المجدد له، يبقى أن ثمن قيامه بذلك هو زيادة الخطر الفعلي جداً بأن يعاقب المتمردون جميع العلويين على جرائم النظام. وفيما الحرب الطاحنة مستمرة، تتضاءل فرص التوصل إلى حل عن طريق المفاوضات.
وبينما ترمي إيران بثقلها – وبمليارات الدولارات – خلف العلويين، وتقوم دول الخليج بما هو مشابه دعماً للسنة، تتمزق سوريا. وقريباً سيصبح من الصعب جداً على أي طرف إعلان النصر، يخلص البروفسور برنارد هيكل.
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.