تناولت صحيفة "ذي غلوب أند مايل" الواسعة الانتشار في كندا موضوع الاقتراحات المقدمة لتشديد أنظمة مراقبة نفقات أعضاء مجلس الشيوخ في أوتاوا، فرأت أن الاقتراحات تشكل خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها لا تفي بالحاجة في مجال فاصل وهو الإقامة. وتقول الصحيفة إنه من غير الواضح بعد كيف سيقوم مجلس الشيوخ بفرض المتطلّبات الدستورية التي تنص على أن يكون عضو مجلس الشيوخ مقيماً في المقاطعة التي عُين من أجل تمثيلها. لقد حان الأوان ليأتي البرلمان بالوضوح إلى مساحة غامضة، ترى "ذي غلوب أند مايل".
وللتذكير، يكثر الكلام عن ضرورة التشدد في مراقبة نفقات أعضاء مجلس الشيوخ، الغرفة العليا في البرلمان الفدرالي في أوتاوا، بعد العاصفة السياسية الناجمة عن استقالة نايجل رايت، رئيس مكتب رئيس حكومة المحافظين ستيفن هاربر، على خلفية توقيعه شيكاً مسحوباً على حسابه الشخصي بقيمة 90 ألف دولار لصالح السيناتور مايك دافي من حزب المحافظين للسماح له بتسديد سريع لمبلغ طالبه مجلس الشيوخ بإعادته. ودافي هو أحد ثلاثة أعضاء في المجلس، اثنان منهم ينتميان لحزب المحافظين وواحد للحزب الليبرالي، حصلوا على بدلات غير مبررة لمسكن ثانوي وطالبهم المجلس بإعادتها. واستقال دافي من حزب المحافظين قبل نحو أسبوعين وسط الضجة السياسية التي أثارها حصوله على الشيك المشار إليه. أما السيناتور الآخر من حزب المحافظين الذي حصل على بدلات مسكن غير مبررة فهو باتريك برازو، وقد أقصي من الحزب بعد أن وُجهت إليه اتهامات بالاعتداء والاعتداء الجنسي في شباط (فبراير) الفائت. كما تجدر الإشارة إلى أن السيناتورة باميلا والين، الصحافية السابقة، استقالت مؤخراً من حزب المحافظين بعد أن طُلب منها إعطاء تفسير لنفقات سفر بقيمة 321 ألف دولار خلال سنتين.
وبالعودة إلى مصطلح "الإقامة" الذي تطالب "ذي غلوب أند مايل" بتوضيحه في إطار الاقتراحات المقدمة لتشديد أنظمة مراقبة نفقات أعضاء مجلس الشيوخ، تذكر الصحيفة بأن معظم المقاطعات في كندا تشترط على سكانها أن يقيموا فيها 183 يوماً على الأقل في السنة كي لا يفقدوا بطاقة التأمين الصحي، أو أن يكونوا قد أقاموا في المقاطعة ستة أشهر على الأقل كي يحق لهم الاقتراع في الانتخابات. لكن الدستور لما حدد مؤهلات عضو مجلس الشيوخ اكتفى بالقول إن عليه "أن يكون مقيماً في المقاطعة التي عين لتمثيلها"، تقول الصحيفة. ونشير هنا إلى أن أعضاء مجلس الشيوخ غير منتخبين، إذ يعينهم حاكم كندا العام، ممثل ملكة إنكلترة، رئيسة الدولة في كندا حسب الدستور، بناءً على اقتراح من رئيس الحكومة الفدرالية.
وبفضل "غموض الدستور" باستطاعة عضو مجلس الشيوخ أن يقيم دوماً في أوتاوا وألا يعود إلى المقاطعة التي يمثلها إلا نادراً. أما الالتزام الآخر الوحيد المتصل بموضوع الإقامة فهو أن يملك السيناتور ممتلكات بقيمة أربعة آلاف دولار على الأقل في المقاطعة التي يمثلها في مجلس الشيوخ.
وتمضي "ذي غلوب أند مايل" بالقول إن لمعظم الكنديين تحديداً أكثر تماسكاً لكلمة "مقيم"، يرتبط بالمكان الذي يقيمون فيه ويسددون فيه ضرائبهم لبلديتهم ومقاطعتهم. وترى الصحيفة أن بإمكان البرلمان أن يوضح هذه المسألة بسهولة، إن من خلال التشريع أو عبر إدخال تعديلات على أنظمة مجلس الشيوخ. فلا حاجة إذاً لإصلاحات كبيرة ولا لمشاجرات دستورية. هناك فقط حاجة للوضوح. مثلاً، هل على عضو مجلس الشيوخ أن يكون حائزاً على بطاقة التأمين الصحي الصادرة عن المقاطعة التي يمثلها؟ هل عليه أن يقدم إثباتاً أنه أمضى 180 يوماً في السنة في مقاطعته؟ أو أنه أمضى 120 يوماً؟ أو 60 يوماً؟ تتساءل "ذي غلوب أند مايل".
مجلس الشيوخ مؤسسة توفر توازناً مناطقياً ضرورياً لمجلس العموم، تقول الصحيفة، ويجب إصلاحه، ولكن لا حاجة لإلغائه بسبب ما حكي عن غش في النفقات. وتختم "ذي غلوب أند مايل" بالقول إنه إذا ما قام مجلس الشيوخ بخطوة بسيطة وهي تحديد كلمة "مقيم"، في الوقت نفسه الذي يقوم فيه بتشديد أنظمة مراقبة نفقات أعضائه، يكون قد قام بخطوة أولى على طريق استعادة مجلس الشيوخ عافيته للقيام بدوره "الضروري والمحترم" في البرلمان الكندي.
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.