يحتفل الكيبيكيون اليوم ، في الرابع والعشرين من حزيران – يونيو ، بالعيد الوطني . وهو في الأصل عيد القديس يوحنا المعمدان ، شفيع المقاطعة ذات الغالبية الناطقة بالفرنسية . وكان في البداية عيدا دينيا بكل معنى الكلمة ومن ثم اتخذ طابعا سياسيا وطنيا في منتصف سبعينيات القرن الماضي مع صعود الحزب الكيبيكي الانفصالي الاستقلالي النزعة ووصوله إلى السلطة عام ستة وسبعين ، فتحول إلى عيد وطني قومي يحتفل به خاصة الكيبيكيون من دعاة الاستقلال ليتحول بعدها شيئا فشيئا عيدا شعبيا وطنيا تحتفل به معظم مكونات المجتمع الكيبيكي .
ومع ذلك ، يبقى العيد مناسبة للتعبير عن التميز الفرنسي وسط المحيط الأنغلوساكسوني الطاغي في كندا والولايات المتحدة ، والاحتفال بهذا التميز والتعبير العاطفي عن الافتخار بما حققه الكيبيكيون ، بالرغم من المصاعب ، من إنجازات على مختلف الصعد .
وهو كذلك مناسبة للتأكيد على النزعة الاستقلالية في المقاطعة ، التي تتقدم حينا وتتراجع حينا آخر ولكنها ما تزال ماثلة تجسدها نواة صلبة من الاستقلاليين لم تتمكن حتى الأن من تعدي نسبة الخمسين بالمئة .
هذه النزعة يعيدها بعض المؤرخين إلى معركة سهول أبراهام في مدينة كيبيك عام 1759 حيث اندحرت القوات الفرنسية بقيادة مونكالم في وجه المهاجمين الإنكليز بقيادة وولف ، المعركة التي كرست نتيجتها الهيمنة أو الاحتلال البريطاني لآخر معاقل الفرنسيين في ما سيعرف لاحقا بكندا .
لكن جذورها السياسية تعود إلى منتصف خمسينيات القرن الماضي حين بدأت القوى الاستقلالية بتنظيم نفسها في تجمعات وأحزاب سياسية تطالب بالانفصال عن الفيديرالية الكندية وتحقيق الاستقلال . وبلغت ذروتها عام ستة وسبعين ، يوم وصول الحزب الكيبيكي الاستقلالي النزعة إلى السلطة في كيبيك بزعامة رينيه ليفيك .
ولم تشهد الحركة أعمال عنف إلا في مطلع السبعينيات في ما عرف بأحداث أوكتوبر تدخل خلالها الجيش الكندي والقى القبض على مفتعليها وعلى عدد كبير من الشخصيات السياسية الكيبيكية .
لكن المسار الاستقلالي ظل ديموقراطيا . ولتحقيق الاستقلال أجرى رئيس الحكومة الكيبيكية يومها رينيه ليفيك أول استفتاء شعبي حول الاستقلال في إطار شراكة اقتصادية مع كندا عام 1980 . وكانت النتيجة واضحة لمصلحة الوحدويين ودعاة إبقاء كيبيك ضمن الوحدة الفيديرالية الكندية الذين فازوا بنسبة %59,56 مقابل % 40,44 للاستقلاليين .
وتكررت المحاولة عام 1995 حيث أجرى رئيس الحكومة الكيبيكية يومها جاك باريزو إستفتاء ثانيا كاد يحقق أحلام الاستقلاليين وطموحاتهم إذ أن الفارق في الأصوات كان ضئيلا جدا لمصلحة افيديراليين : % 50,58 لدعاة الوحدة مقابل % 49,42 لدعاة الاستقلال .
اليوم ، عاد الحزب الكيبيكي إلى السلطة في مقاطعة كيبيك ، لكنه عاجز عن إجراء استفتاء عام حول الانفصال كونه يقود حكومة أقلية لا يمكنها تمرير القرار في الجمعية الوطنية ، وهي مجلس النواب في كيبيك إضافة ربما إلى عدم تقدم النزعة الانفصالية ما قد يؤدي إلى خسارة ثالثة لا يريدها الاستقلاليون . ولكن من يمكنه استشراف المستقبل والتنبؤ بما قد يتغير ؟استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.