أحكم الجيش اللبناني اليوم سيطرته على مجمع رجل الدين السني السلفي أحمد الأسير في بلدة عبرا في الضاحية الشرقية لصيدا، وذلك بعد مواجهات مسلحة مع عناصر مسلحة تابعة له سقط فيها 16 قتيلاً وأكثر من 50 جريحاً في صفوف الجيش وعشرات القتلى والجرحى في صفوف مسلحي الأسير. واندلعت الاشتباكات أمس بعد تعرض موقع للجيش اللبناني في عبرا لهجوم أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجنود. ولم يُعرف بعد مصير الشيخ الأسير في ظل أخبار غير مؤكدة عن انتقاله إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين القريب من ميدان الاشتباكات وحيث تتواجد تنظيمات أصولية متشددة متعاطفة معه، أو حتى عن تمكنه من الانتقال إلى سوريا بحماية "الجيش السوري الحر".
وتأتي هذه الموجة الجديدة من العنف بعد جولة اشتباكات عنيفة في طرابلس، ذات الغالبية السنية، في شمال لبنان بين مناصرين علويين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد ومقاتلين من السنة مناوئين له. كما أنها تأتي في وقت أجل لبنان انتخاباته النيابية التي كانت مقررة الشهر الحالي وفيما لم يتمكن بعد رئيس الحكومة المكلف، تمام سلام، من تشكيل حكومته بسبب الانقسامات السياسية والمذهبية التي ازدادت حدة على خلفية النزاع الدائر في سوريا.
واليوم قال قائد الجيش اللبناني جان قهوجي لجنوده في كلمة نشرها الموقع الرسمي للجيش "لقد أنجزتم مهمة صعبة ودقيقة، وخرجتم منها ورؤوسكم مرفوعة، لأنكم أنقذتم بلدكم من الفتنة، في وقت كان الجيش يتعرض لحملة سياسية تستهدفه وتضعه في خانة هذا الطرف أو ذاك، وتحاول حماية المعتدين عليه". ومن جهته أكد رئيس "كتلة المستقبل" النيابية، رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، ابن مدينة صيدا، أن "الاعتداء على الجيش اللبناني مدان ومرفوض"، ورأى أن "ما تشهده مدينة صيدا حضّره الفريق التابع ل"حزب الله" والنظام السوري، ووقع الشيخ أحمد الأسير، نتيجة التصرفات غير الواقعية والخرقاء التي اعتمدها، في الفخ الذي نصب له، وأدى بالتالي الى أن يقف ضد الجيش اللبناني".
كما ندد الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، "بالاعتداء على الجيش اللبناني" فى مدينة صيدا، ودعا جميع القيادات السياسية والدينية اللبنانية "إلى تضافر الجهود من أجل وأد الفتنة ومعالجة الموقف الأمني المتدهور في مدينة صيدا حماية لأرواح المواطنين الآمنين" وحثها على "الالتفاف حول الجيش اللبناني ودعمه حتى يتمكن من القيام بواجباته الوطنية باعتباره الرمز والضامن لوحدة لبنان وأمنه واستقراره".
وصيدا كبرى مدن جنوب لبنان وغالبية سكانها من السنة، وشهدت في الفترة الأخيرة ارتفاعاً في منسوب التوتر بين مناصري الشيخ أحمد الأسير من جهة وتنظيم "حزب الله" الشيعي ومسلحين مدعومين منه من جهة أخرى. وكان هذا التوتر يُترجم باشتباكات مسلحة من حين لآخر في عبرا، حيث مقر الأسير، وصيدا المجاورة. واتهم الأسير أكثر من مرة الجيش اللبناني ولاسيما جهاز استخباراته بأنه يدعم "حزب الله". وساهم النزاع الدائر في سوريا في تأجيج التوتر بين الطرفين، فالتنظيم الشيعي يدعم ميدانياً نظام الرئيس السوري في وجه مقاتلي المعارضة السورية، وهم في غالبيتهم العظمى من السنة، فيما يدعم الأسير هذه المعارضة ويدعو اللبنانيين وسواهم لمساندتها.
فادي الهاروني تناول الشأن اللبناني في اتصال بلبنان مع الدكتور أنطوان صفير، الأستاذ المحاضر في القانون الدولي في عدد من الجامعات اللبنانية.
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.