تحت عنوان الجنرال يتقدم كتب سيرج تروفو مقالا في صحيفة لودوفوار تناول فيه الأوضاع في مصر في أعقاب الحركة الانقلابية التي قام بها الجيش المصري وعزل فيها الرئيس المصري السابق محمد مرسي قال فيه:
لن نكون مغالين إذا قلنا أنه في وقت قصير جدا تغير الوجه السياسي لمصر وانقلب رأسا على عقب وما يزال يتغير بسرعة البرق.
وفي الواقع فإن محمد مرسي (الرئيس) ووجهاء الإخوان المسلمين وضعوا قيد الإقامة الجبرية واستبدلوا بشكل فوري برئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور.
ومهمة هذا الأخير؟ أن يكون واجهة لمصلحة الجيش
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم وهو ما سيحفظه التاريخ هل أن المواجهات البارزة حاليا على ضفتي النيل كمركز للسلطات بين كبار العسكريين وقادة الإخوان المسلمين كان من الممكن تلافيها.
ولنقل الأمور بشكل آخر إن الجيش الذي أمسك بالسلطات بشكل حصري طيلة ستين عاما الماضية ، هذا الجيش الذي حرص بدقة وبقسوة على الاحتفاظ بهذه السلطات ما يعني أنه كان متوقعا ودون تردد إن آجلا أم عاجلا أنه سيصطدم بالإخوان الذين حاولوا الحد من نفوذه وخاصة نفوذه الاقتصادي.

وإننا نعلم القليل أو بالحري القليل جدا أنه على الصعيد الاقتصادي كان موقف الجيش كموقف العراب بكل ما ترمز إليه المافيا من معنى.
والدليل على ذلك يتابع سيرج تروفو مقاله في صحيفة لودوفوار مجمل قيمة الأنشطة التجارية والصناعية التي يشرف عليها العسكريون ويوجهونها تصل إلى ما يقرب من ثلث الناتج القومي الإجمالي لمصر.
وباستطاعتنا من هذا المنطلق التأكيد أن العسكريين يسيطرون على ثلث الاقتصاد المصري ما يعني أن باستطاعتهم إملاء الطريق الواجب اتباعها في مختلف القطاعات.
ويكشف موقع ميديابار Médiapart في مقال لخبيرة الاقتصاد زينب عبد المجد من الجامعة الأميركية في القاهرة أن للجيش اليد الطولى على وزارة الإنتاج التي تشرف على كمية كبيرة من المنتجات الموجهة للمدنيين.
كما أن للجيش أيضا اليد الطولى على المنظمة العربية للإنتاج التي تضم في عضويتها نحوا من اثني عشر تجمعا صناعيا، وأخيرا اليد الطولى على إدارة منظمة المشاريع الوطنية التي تضم ما يقرب من عشر شركات لها تأثيرها الفعال في مجمل الاقتصاد المصري بما في ذلك كمية لا يستهان بها من المنتجات الغذائية الموجهة للسوق المدنية.
وهل هناك ما يلخص بشكل أوضح قدرة الجيش الاقتصادية ولنقل السياسية أكثر من قناة السويس التي يشرف عليها ويتحكم بها.
ومما لا شك فيه يتابع سيرج تروفو مقاله في صحيفة لودوفوار إن ورثة ناصر (الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر) ولكي يحافظوا جيدا على الموجودات والمليارات التي تنتج عنها اعتمدوا طريقة وهي أن يقتلوا في المهد أي تجرؤ يهدف لفحص تصرفاتهم وأفعالهم.
وبالمختصر فإنهم نزعوا حقل ألغام المساءلة بكل ما في الكلمة من معنى. ونجحوا في أن تبقى موازنة وزارة الدفاع مجهولة.
يضاف إلى ذلك أنهم في خضم الانتخابات الديمقراطية الأخيرة أي في شهر حزيران يونيو العام الماضي توصل العسكريون للتسلل للجنة الدفاع البرلمانية بهدف التهرب من أي سؤال.
كانوا بالفعل ملوكا واسيادا وسيبقون كذلك يتابع سيرج تروفو.
وإذا أجرينا جردة للسلطات التي ستكلف بها حكومة التكنوقراط المقبلة والتي ستسلم للحكومة التي ستنشأ عن الانتخابات الرئاسية المقبلة فإننا يتابع تروفو نتوقع أن يحتفظ الجيش بشكل مباشر أو غير مباشر بوزارات رئيسية أي الداخلية والعدل والخارجية والدفاع التي سيربط بها قوته الضاربة على المستويين الاقتصادي والمالي.
وانطلاقا من الواقع الحالي فإننا لا نعتقد بأن المعارضة العلمانية في حال فازت في الانتخابات المقبلة كما يتمنى ملايين وملايين المصريين بإمكانها استئصال البؤر التجارية التي يسيطر عليها العسكريون يختم سيرج تروفو مقاله في صحيفة لودوفوار.
وتحت عنوان رجال يقرأون كتب كريستيان ريو Christian Rioux
طريقة غريبة للاحتجاج برزت منذ أسبوعين في ميدان تقسيم في استنبول.
فبعد المظاهرات الحاشدة التي أسفرت عن مواجهات عنيفة اختار رجال وبكل بساطة أن يقفوا ويقرأوا.
هذه الحركة التي أطلقها مصمم الرقص التركي Erdem Gunduz
جمعت ما يقرب من 300 شخص.

وأمام مركز أتاتورك الثقافي وعلى بعد خطوة من حديقة غازي في استنبول وهو المشروع الذي تسبب إعادة تنظيمه بغضب السكان يكتفي هؤلاء الأشخاص أي الثلاثمئة بالقراءة.
يشار إلى أنهم يقرأون كتبا عن مصطفى كمال أتاتورك (أب تركيا العلمانية) وألبير كامو وغبريال غرسيا أو لكافكا.
القراءة، رمز أخير للاحتجاج!
ويتابع كاتب المقال كريستيان ريو قائلا لن نجد صورة أكثر تعبيرا للوقوف في وجه الفكر الإسلامي الذي ينهمر بقوة على شعوب البلدان العربية والشرق الأوسط.
وما للقراءة من أثر سوى أنها بادرة حرية وتأكيد بأن أي استبداد لن يكون بإمكانه أن يحد من حق أي إنسان بأن يفكر كما يشاء.
والرمز يصح على مصر أيضا رغم أن الأدوار هناك مقلوبة. فهناك العسكريون الذين عزلوا بالقوة الإسلامي محمد مرسي أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر.
وقبل أن نصف الانقلاب بالثورة الثانية الا يجدر بنا أن نتساءل حول الفشل الذريع الذي منيت به الديمقراطية الفتية في مصر يختم كريستيان ريو.
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.