تناولت الصحف الكندية في عناوينها الرئيسية وتعليقاتها "شرعة القيم الكيبيكية" التي أعلنها أمس بيرنار درانفيل، وزير المؤسسات الديمقراطية والمشاركة المواطنية في حكومة كيبيك، المقاطعة الكندية الوحيدة ذات الغالبية الناطقة بالفرنسية. وتهدف الشرعة، من وجهة نظر حكومة المقاطعة، وهي حكومة أقلية، لوضع قواعد واضحة لطلبات التسويات المعقولة مستندة في ذلك إلى "القيم المشتركة" التي "توحد" الكيبيكيين، لاسيما "المساواة بين النساء والرجال" و"الحيادية الدينية للدولة"، وفق الوزير درانفيل. وتتضمن الشرعة منع ارتداء الرموز الدينية التفاخرية التي يمكن "رؤيتها بسهولة". ويستهدف هذا المنع موظفي القطاع العام في كيبيك إضافة إلى العاملين في دور الحضانة والمدارس التي تمولها الدولة وموظفي المعاهد والجامعات وقطاع الصحة والبلديات. لكن الشرعة تتيح للبلديات والجامعات والمستشفيات عدم تطبيق منع ارتداء الرموز الدينية البارزة لمدة خمس سنوات يُعاد النظر بإمكانية تمديدها عند نهايتها.
صحيفة "لا بريس" الصادرة بالفرنسية في مونتريال خصصت معظم صفحات الأخبار السياسية والشؤون العامة للشرعة الجديدة، فشرحت مضمونها ونقلت ردود أفعال أهل السياسة والمجتمع المدني عليها، وهي في معظمها معارضة لها، إضافة إلى تعليقات الصحيفة نفسها بأقلام كتابها، ومن بينهم إيف بوافير الذي أشار إلى أن الشرعة تمنع على كافة موظفي القطاع العام إبراز رموز دينية واضحة للعيان بسهولة، معلقاً على ذلك بأن الشرعة تستهدف إذاً غير المسيحيين، لأن قلة من المسيحيين تضع صلباناً كبيرة على الصدر، فيما أتباع ديانات أخرى يضعون على الرأس رمزاً بارزاً، كالعمامة لدى الذكور من أتباع الديانة السيخية أو الكيباه لدى الذكور اليهود أو الحجاب لدى المسلمات. وذهبت الصحافية ميشيل ويميه في الاتجاه نفسه مجادلة بأن الشرعة الجديدة تتعاطى مع الكاثوليكيين بمحاباة باسم التراث، داعية إلى نزع الصليب من داخل مقر الجمعية التشريعية في كيبيك، بدل الابقاء عليه باسم "التراث" كما تدعي الحكومة. وانتقد كاتب العمود في "لا بريس" ألان دوبوك الشرعة ولفت إلى أن الوزير درانفيل قال أمس في المؤتمر الصحافي الذي عقده للإعلان عنها إن الحكومة لم تتخذ موقفاً بعد من مسألة تلاوة الصلاة في بعض المجالس البلدية في المقاطعة، في رد على سؤال طرحه عليه أحد الصحافيين. واستغرب ألان دوبوك كلاماً من هذا النوع يصدر عن وزير في حكومة تصر على الوضوح وترصد كل تجاوز ديني من باب حرصها على الحيادية الدينية.
ومن جهتها علقت صحيفة "ذي غلوب أند مايل" الصادرة بالإنكليزية والواسعة الانتشار في كندا على "شرعة القيم الكيبيكية" بعدة مقالات، أحدها بعنوان "تهديد لكل كندا" قالت فيه الصحيفة إن الشرعة تهدد بإعادة تشكيل طابع مقاطعة كيبيك بشكل جذري وإنها لحظة محورية لكندا بأجمعها. ورأت الصحيفة أنه ينبغي بالسياسيين من الأحزاب الكندية الثلاثة الرئيسية معارضة الشرعة والتنديد بها كوثيقة تحض على التمييز، حسب تعبيرها، وحيّت الصحيفة في هذا الصدد زعيم الحزب الليبرالي الكندي، جوستان ترودو، ابن مقاطعة كيبيك وممثل إحدى دوائرها في مجلس العموم في أوتاوا، على إظهاره، وبسرعة، روح القيادة بمعارضته الشرعة، وباللغتين الرسميتين، الإنكليزية والفرنسية، من خلال دعوته الكيبيكيين والكنديين للوقوف في وجه السياسات التقسيمية على أساس الهوية. كما حيّت الصحيفة زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، اليساري التوجه، توماس مولكير، ابن مقاطعة كيبيك هو الآخر وممثل إحدى دوائرها في مجلس العموم، ورأت أنه كان محقاً في وصفه الشرعة بأنها "تمييز بتوكيل من الدولة". وقدّرت الصحيفة أيضاً تعهد وزير العمل والتعددية الثقافية في حكومة المحافظين في أوتاوا، جايسن كيني، بالدفاع عن الحقوق الدستورية لأولئك الكيبيكيين الذين قد تهدد الشرعة حريتهم الدينية. حتى الكتلة الكيبيكية، الحزب الداعي لاستقلال كيبيك والممثل بأربعة نواب في مجلس العموم، طلب المزيد من الوقت لاتخاذ موقف من الشرعة، مبتعداً بذلك، وبشكل "مدهش" تقول الصحيفة، عن موقف الحزب الكيبيكي.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.