قد تكون العلاقات الكندية الإيرانية من أسوأ العلاقات بين كندا ودولة أخرى . فبالرغم من دعم الحكومة الكندية المحافظة بشدة لإسرائيل ، فهي لا تعادي الفلسطينيين وتقدم لهم المساعدات المالية ويتم تبادل زيارات رسمية بينها وبين السلطة الوطنية . وبالرغم من المقاطعة الأميركية لكوبا ، فالموقف الكندي أكثر تساهلا وقد قام رئيس الحكومة الأسبق بيار ترودو بزيارة كوبا كما زار الرئيس الكوبي فيديل كاسترو كندا للمشاركة في تشييع ترودو ولا تمنع كندا رعاياها من زيارة كوبا على غرار الحكومة الأميركية .
لكن الأمر مختلف مع إيران إذ يبدو أن العداء مستشر . فالعلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين الدولتين منذ قيام الثورة الإيرانية وتأسيس الجمهورية الإسلامية عام تسعة وسبعين ، وازدادت توترا حين ساعد الدبلوماسيون الكنديون ستة دبلوماسيين أميركيين على الفرار من إيران خلال أزمة الرهائن الأميركيين . وارتفعت حدة التوتر بموت الصحافية الكندية الإيرانية زهرة كاظمي في أحد السجون الإيرانية .
وهذا الخلاف تظهّر اليوم أكثر في الموقف الكندي من الملف النووي الإيراني والتقارب الأميركي الإيراني الذي توج بالمكالفة الهاتفية التاريخية بين الرئيسين باراك أوباما وحسن روحاني .
فقد دعا وزير الخارجية الكندي جون بيرد في الكلمة التي ألقاها اليوم باسم كندا أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة ، دعا إلى الإبقاء على العقوبات الدولية على إيران حتى " تغير وجهتها في الملف النووي "
وقال بيرد : " إن الكلمات المنمقة والابتسامة ومحاولة كسب ود المجتمع الدولي لا يمكنها أن تحل محل الإجراءات الملموسة ." وأكد وزير الخارجية الكندي أن بلاده " ستعترف وستحيي الإصلاحات في إيران ولكن فقط عند تحقيقها عمليا " "
وذكًر بيرد باتفاقيات ميونيخ التي هدفت إلى تخفيف حدة النظام النازي على حساب حرية تشيكوسلوفاكيا ، دون أن تحول دون وقوع الحرب .
مراسلة هيئة الإذاعة الكندية في واشنطن مانون غلوبنسكي تعلق على الموقف الكندي بالقول :
" الموقف الكندي يلامس التشكيك ( بصدقية الموقف الإيراني ) والكلمات التي قالها بيرد وزير الخارجية الكندي كان يمكن أن يقولها بنيامين نتانياهو نفسه ، في إشارة إلى تقارب المواقف الكندية الإسرائيلية من الملف الإيراني .
وتضيف، بعد التذكير بما قاله بيرد :
" السؤال الذي يفترض في إيران أن تجيب عليه ، بحسب بيرد ، هو : هل تحسنت حياة الإيرانيين وهل تحسن الأمن العالمي بصورة ملموسة يمكن قياسها ؟ ويجيب بيرد : ليس حتى الآن . ولا ترى غلوبنسكي أن الأمر مفاجئ سيما وأن بيرد كرر دعم بلاده لإسرائيل غير المتحمسة للتقارب الأميركي الإيراني مؤكدا أن كندا " ليست حيادية بشأن حق إسرائيل بالوجود والدفاع عن النفس "
يبقى أن الموقف الكندي الثابت تجاه إيران ، يبقى قابلا للتبدل إما بضغط أميركي وإما بوفاء إيران بما سيتم التوصل إليه في الأشهر القليلة المقبلة بشأن الملف النووي ، وعندها لا يعود بوسع كندا لا تجاهل الواقع ولا التغريد خارج سربها .استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.