تناول الصحفي جيرالد فيليون، مقدم البرنامج الاقتصادي في المحطة الإخبارية التابعة لتلفزيون راديو كندا، أزمة الميزانية الأميركية في مقالة بعنوان "عندما يلحق الكونغرس الأذى بالاقتصاد..." في مدونته على موقع راديو كندا. فكتب أنه لما بدا أن الاقتصاد الأميركي أخذ فعلاً يتعافى، لم يجد أعضاء الكونغرس في واشنطن شيئاً أفضل من تجميد العمل الطبيعي للحكومة الفدرالية وتعريض الانطلاقة الاقتصادية للخطر، في إشارة لفشل الحزبين الجمهوري والديمقراطي في تجاوز خلافاتهما بشأن تمويل المؤسسات والمرافق الحكومية، ما أدى إلى وضع أكثر من 800 ألف موظف فدرالي في عطلة قسرية غير مدفوعة الأجر ابتداءً من يوم أمس الثلاثاء بسبب عدم توفر الأموال اللازمة. واعتبر هؤلاء غير أساسيين من أصل أكثر من مليوني موظف فدرالي.
يقول فيليون إنه وجد الكثير من الأرقام التي تفيد عن الآثار المحتملة لهذا الشلل الحكومي على أكبر اقتصاد في العالم. وعلى سبيل المثال، تقدر مجموعة "آي اتش اس" (IHS) خسارة الاقتصاد الأميركي اليومية بـ300 مليون دولار، ويرى "تورونتو دومينيون"، أحد أكبر المصارف الكندية، أن إجمالي الناتج الداخلي الأميركي سيتراجع بنسبة 0,3% إذا ما امتدت الأزمة على أسبوعين، وتقول شركة "موديز" إنه سيتراجع بنسبة 1,4% إذا دامت الأزمة شهراً كاملاً. وتُعنى "موديز" بالأبحاث الاقتصادية والمالية وبتقييم المؤسسات الخاصة والحكومية.
ويضيف فيليون أنه خلف الأرقام هناك الوقائع. فأكثر من 800 ألف موظف فدرالي ما عادوا يتقاضون رواتبهم. ما يعني أن أكثر من 800 ألف أسرة أضحت رهائن لأعضاء الكونغرس الذين لا يتوافقون بشأن تمويل برنامج الرئيس باراك أوباما لإصلاح الضمان الصحي. وهناك ما هو أسوأ من ذلك، يتابع الكاتب. فصحيفة "وُول ستيرت جورنال" (Wall Street Journal) كتبت يوم الثلاثاء أن ثلاثة موظفين من أصل أربعة في معاهد الصحة الوطنية (NIH) أضحوا في إجازة قسرية، والنتيجة، حسب الصحيفة اليومية الأكثر انتشاراً في الولايات المتحدة، هي أن مدير وكالة الخدمات الصحية المذكورة، فرانسيس كولينز، أعلن أن معاهد الصحة الوطنية لن يعود بإمكانها إجراء فحوصات سريرية أسبوعية لنحو 200 مريض، من بينهم 30 طفلاً مصابين في معظمهم بداء السرطان.
مصداقية نظام الميزانية الأميركي هي على المحك، يقول جيرالد فيليون. فالخلافات بين الديمقراطيين والجمهوريين تتسبب بإبطاء العمل الطبيعي للدولة، والرئيس الأميركي يواجه مصاعب في دفع مشاريعه قدماً، فيما أعضاء حزب الشاي، المكون من أقلية متشددة وناشطة داخل الحزب الجمهوري، يطالبون باقتطاعات هامة في الميزانية قبل الإقدام على أي تسوية ما. من المخطئ؟ ومن المحق؟ أترك لكم أن تحكموا، يقول الكاتب. لكن ما هو واضح هو أن نظام الميزانية المعمول به يلحق الأذى بالاقتصاد حالياً، وعلى الاحتياطي الفدرالي (المصرف المركزي) أن يقوم بالتعويض من خلال مواصلة شرائه سندات بقيمة 85 مليار دولار شهرياً. البعض يرحب بهذا التدخل فيما ينتقده البعض الآخر. لكن لهذا التدخل عواقب، يرى جيرالد فيليون. صحيح أنه يبقي سعر الاقتراض في الولايات المتحدة في مستويات متدنية جداً، ما يخفف من حجم الفوائد على الدين العام الأميركي، لكنه قد يتسبب بتضخم قوي في السنوات المقبلة.
من الصعب أن نتفاءل لما نرى تصرف الكونغرس في ملف الشلل المتعلق بالميزانية. ومع حلول السابع عشر من الشهر الجاري على الجمهوريين والديمقراطيين أن يتوافقوا على رفع السقف الشرعي للدين الأميركي. وإذا لم يتم التوافق لن يكون بوسع الحكومة الأميركية الاقتراض بشكل طبيعي من الأسواق المالية، كما ينبغي بكافة الحكومات أن تفعل، وقد تضطر واشنطن عندئذ إلى التخلف عن تسديد ديونها، يخلص الصحفي الاقتصادي في راديو كندا جيرالد فيليون.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.