تمثال مرشد من قبيلة ألغونكان في حديقة ميجورز هيل في اوتاوا

تمثال مرشد من قبيلة ألغونكان في حديقة ميجورز هيل في اوتاوا
Photo Credit: موقع راديو كندا / لجنة العاصمة الفدراليّة

السكان الأصليون: قبائل صنعت التاريخ

يوم وصل المستكشفون الأوروبيون إلى الشمال الأميركي مع مطلع القرن السادس عشر، وجدوا فيه شعوبا مختلفة عنهم بلغاتها وعاداتها وتقاليدها وطقوسها، ووجدوا صعوبة في التعامل معها وأيضا في فهم طريقة عيشها.

دفعات المستكشفين توالت منذ المرحلة الأولى الممتدة ما بين عامي 1500 و1550 مع وصول المستكشف الفرنسي جاك كارتييه لتليها مراحل أخرى تحفل جميعها بأحداث رافقت لقاء المستكشفين بالسكان الأصليين من ابناء القبائل التي كانت تقيم في شمال القارة الأميركيّة.

الصحافي في القسم الفرنسي في راديو كندا الدولي ريمون ديمارتو يلقي الضوء على هذه الحقبة التاريخيّة في مقابلة أجراها مع الصحافي وعالم الأنثروبولوجيا سيرج بوشار الذي يتحدّث عن حقبة تبدأ في العام 1600 أي بعد قرن على وصول أول دفعة من المستكشفين ويضيف:

منذ قرن والمستكشفون يأخذون "المتوحشين" غير المتمدنين  المقيمين في البراري إلى اوروبا ويعكفون على دراستهم.

ولكن ثمة مشكلة كانت مطروحة أمام الأوروبيين: فإما أن يقتلوا هؤلاء الأشخاص او أن يُقتلوا على أيديهم او يصبحوا أصدقاء لهم علما أنهم جلبوهم معهم  إلى اوروبا كعبيد.

ويشير الصحافي المخضرم في راديو كندا وعالم الانثروبولوجيا سيرج بوشار إلى أن الكاتب والفيلسوف الفرنسي مونتين التقى بهم وكتب عنهم وقال إنهم يشبهون الشعوب الأوروبيّة نسبيا. وشكّلت كتاباته انطلاقا لمرحلة الانثروبولوجيا الحديثة.

ويتابع سيرج بوشار فيقول إن المستكشف صاموئيل دي شامبلان رغب في الاستقرار هنا وفي التواصل مع السكان الأصليين وعمل في التجارة ويضيف بوشار قائلا:

كان لا بد من التعلّم والاطلاع على هذه الشعوب وعلى شعوب أخرى وقع عليها شامبلان الذي كان يرسل جواسيس فرنسيين شباب إلى عمق الأراضي.

ولكن أحدا لم يكن يعرف جغرافية أميركا الشماليّة ولا ضخامة مساحاتها الشاسعة.

الراقص مليك كيستابيش من محميّة بيكوبان  خلال مهرجان بووو التقليدي
الراقص مليك كيستابيش من محميّة بيكوبان خلال مهرجان بووو التقليدي © موقع راديو كندا/كلود ريفيه مازانا

وكان المستكشفون يبحثون عن ممر بحر الغرب. وقد استغرق البحث عن هذه المساحة الهائلة  والشعوب التي تقطنها نحوا من مائتي سنة.

ولم يعثر شامبلان على قبائل إيروكوا وهوشلاغا التي اختفت عن الأنظار كما يقول سيرج بوشار ويضيف:

هذا واحد من أكبر أسرار التاريخ. فبعد 75 عاما على وصول جاك كارتييه لم تعد هذه القبائل موجودة لا في مونتريال ولا في كيبيك. وكانت قراها محروقة وخالية من السكان.

وقد التقى شامبلان بقبائل "الالغونكان" وبعدها قبائل ميكماك وماليسيت التي تنتمي إلى ثقافة قبائل الألغونكان.

ويشير بوشار إلى اختلاف في التسمية حيث أن الفرنسيين أطلقوا مثلا تسمية "سوريكوا" على قبائل الميكماك. وهذا الاختلاف في التسميات يزيد من صعوبة البحث في الأرشيف للتعرّف إلى هذه الحقبة التاريخيّة.

ويعدّد بوشار مجموعة من أسماء القبائل من بينها وابيناكي وماساشوستس ويضيف أن شعوب الأمم الأوائل، حتى ولو زال البعض منها ، إلا أنها أعطت أسماءها لمدن وولايات ومناطق في كندا وبصورة أكبر في الولايات المتحدة.

وقد التقى شامبلان بهذه القبائل لأنه وصل إلى حدود ولاية ماين الحاليّة يقول سيرج بوشار ويضيف:

تابع شامبلان استكشافاته في نهر السان لوران ووصل إلى منطقة اوتاوي حيث التقى بقبائل الألغونكان. واشتهرت فيما بعد هذه القبائل المقيمة في محور السان لوران ونهر الاوتاوي أي في عمق القارة  في منطقة البحيرات الكبرى.

والتقى بقبيلة كيتشيشيبيريني التي كانت تعيش في تلك المنطقة حتى العام 1650 والتي زالت فيما بعد بسبب الأمراض والحروب.

وزوال قبيلة يؤدي بالطبع إلى حلول أخرى مكانها لملء الفراغ . والقبيلة كانت تضم نحوا من 5000 شخص.

ويتحدّث سيرج بوشار عن عدد من القبائل التي التقاها شامبلان والتي زالت هي الأخرى بسبب الحروب والأمراض. ويضيف بان العديد من معاوني شامبلان توغلوا في عمق الأراضي واقاموا مع قبائل الألغونكان واصبحوا جزءا منهم ويضيف شارحا:

عندما حط الفرنسيون الشباب رحالهم هنا ، دفعهم حب المغامرة إلى استكشاف الغابات في اميركا الشماليّة واصبحوا " مستوحشين" حسب التعبير المستخدم في حينه. والمقصود أنهم فقدوا ثقافتهم الأوروبية واكتسبوا ثقافة السكان الاصليين. وفي ذلك دليل على قدرة السكان الأصليين الهائلة على إدماج الآخرين في ثقافتهم.

والنظرة اليهم كتوحشين بدائيين تتغيّر لدى التعرّف إلى طريقة عيشهم في الغابات ومهارتهم في التعامل مع طبيعة قاسية وصعبة والمجتمعات المنظّمة التي أقاموها.

وهذا ما أدهش الفرنسيين ولا سيما لدى اكتشافهم قبيلة الهورون التي أعطت اسمها لواحدة من البحيرات الكبرى الواقعة في قلب مقاطعة اونتاريو على الحدود الكندية الأميركيّة.

ووجدوا في المنطقة مجموعة من القرى التي بنتها قبائل الهورون ومارست فيها أنواعا من الزراعة من بينها زراعة الذرة والفول على سبيل المثال.

ونجمت من جراء ذلك تحالفات سياسيّة وصداقات بين الفرنسيين  وقبائل  الهورون والواندات والالغونكان. وظهرت بعد ذلك قبيلة الإيروكوا في ولاية نيويورك والذين تتشابه ثقافتهم ولغتهم بثقافة الهورون.

وكانت المرأة تحتل دورا بارزا في كل هذه القبائل التي كانت تتناحر في ما بينها.

إذن ، قبائل عديدة تستوطن مساحات شاسعة سعى شامبلان لاكتشافها ولترسيم خرائط انتشارها بصورة دقيقة وهي قبائل صنعت التاريخ من خلال علاقاتها مع المستكشفين الفرنسيين يختم عالم الاثروبولوجيا والصحافي سيرج بوشار.

استمعوا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فئة:السكان الأصليون
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.