autochtone

Photo Credit: ايستوك

سكان كندا الأصليون: قبائل الاينويت تعاند قساوة الطبيعة

يوم وصل المستكشفون الأوروبيون إلى شمال القارة الأميركيّة مطلع القرن السادس عشر وجدوا فيها شعوبا وقبائل  من السكان الأصليين  تعيش في مجتمعات لها عاداتها وتقاليدها وحضارتها ولغاتها وطقوسها وطرقها الخاصّة لكسب عيشها وسط طبيعة قاسية وشديدة البرودة تطرح تحديات يوميّة لمن يريد العيش والاستمرار فيها.

وقد وصلت الدفعات الأولى من المستكشفين ما بين عامي 1500 و1550 يوم رست بواخر المستكشف الفرنسي جاك كارتييه قبالة سواحل الشرق الكندي.

وتبعتها دفعات أخرى ،وواصل المستكشفون تقدّمهم حتى بلغوا الغرب الكندي في الحقبة التي بدأت في العام 1700 ووجدوا في طريقهم المزيد من قبائل السكان الأصليين.

الصحافي في راديو كندا الدولي ريمون ديمارتو يلقي الضوء على هذه الحقبة في مقابلة اجراها مع الصحافي وعالم الأنثروبولوجيا سيرج بوشار الذي يتحدّث عن قبيلة الاينويت التي استقرّت في الشمال الكندي الكبير الذي هو منطقة ساحرة كما يقول بوشار ويضيف:

هنالك التندرا أي نباتات الدائرة القطبيّة، والصحراء الخالية من الأشجار والقطب الشمالي بعواصفه الثلجيّة وبرده القارس ومحيطاته الكثيرة العدد.

ومنطقة الدائرة القطبيّة المسمّاة سقف العالم تقع في أعلى الشمال الأميركي والكندي وأيضا اسكندينافيا وسيبيريا و ألاسكا. ويعيش فيها شعب يتميّز بقدرته على العيش  والازدهار والتأقلم  مع الظروف المناخيّة الصعبة والشديدة القساوة.  إنه شعب الاسكيمو المعروف حول العالم يقول سيرج بوشار ويتابع بالقول:

إنه شعب يسحر منذ 150 عاما الثقافة الشعبيّة  في العالم، شعب يعيش في أقصى الشمال في ظروف بالغة القساوة ونجح في الحفاظ على تقاليده وطرق عيشه حتى مرحلة متقدمة من القرن العشرين.

Indiens3
© PC/DARRYL DYCK

ويتابع سيرج بوشار فيتحدث عن لغة قبائل الاسكيمو فيشير إلى أن المبشّرين الانغليكانيين والبروتستانت والكاثوليك هم الذين أدخلوا الكتابة  إلى لغات هذه القبائل على غرار ما فعلوه مع قبائل أخرى.

وقد فعلوا ذلك بحكم الضرورة ولترجمة الكتب المقدّسة وتعليم الدين لقبائل السكان الأصليين.

ولغة الاسكيمو ما زالت حيّة يقول سيرج بوشار و كلمة  اسكيمو مأخوذة من لغة قبيلة الألغونكان . وكان الاعتقاد السائد بأن كلمة اسكيمو تعني أكلة اللحوم النيئة. لكن الأمر ليس كذلك على ما يبدو يقول عالم الانثروبولوجيا سيرج بوشار الذي يتابع شارحا:

كلمة اسكيمو بلغة الألغونكان القديمة تعني هؤلاء الناس البعيدين الغرباء الهمجيين. ومن المستغرب أن يطلق سكان أصليون صفة همجي على قبائل أخرى تعيش بعيدا  عنهم في الشمال الكبير.

وهذا يعكس واقعا تقليديا بمعنى أن قبائل معيّنة تنظر إلى قبائل أخرى بعيدة عنها على أنها همجيّة ومتوحشة.

والاسم الحقيقي لهذه الشعوب هو "إينويت" وهو صيغة الجمع لكلمة "إينوك" . ولغتهم ما زالت حيّة حتى اليوم وهي لغة "إينوكتيتوت".

وقوة هذه اللغة كما يقول الصحافي سيرج بوشار تكمن في استقرارها رغم وجود بعض الاختلاف بين منطقة وأخرى من الدائرة القطبيّة.

والتغيير الأهم موجود في مناطق تقع  غرب الشمال القطبي بالمقارنة مع شرقه.

ويتابع سيرج بوشار فيشير إلى أن أبناء هذه القبائل  يعيشون في مناطق بحريّة والمياه والجليد تشكّلان جزءا من محيطهم الطبيعي وهم صيادون بحريون مهرة ويضيف قائلا:

الوسط البحري غني للغاية ويزخر بالأسماك والحيتان والفقمات وكل أنواع الحيوانات البحريّة الموجود في المياه الجليديّة.

autchtones
© ايستوك

وقد طوّر السكان الأصليون تقنيات الصيد الكلاسيكيّة المعروفة والمعتمدة حول العالم وهم طوروا زورق الكاياك الشهير.

والكاياك كان يصنع في البداية من جلد السمكة الذئب او من جلد حيوان الكاريبو. والتقنيّة ذكيّة للغاية يقول سيرج بوشار.  فالزورق مصنوع من عظام الحيوانات وهو مقاوم للماء وهذا أمر بالغ الأهميّة في منطقة القطب الشمالي لأن الابتلال بالمياه المتجمّدة يؤدي حتما إلى الموت.

وطوّر الاينويت أيضا زوارق  مخصّصة لصيد الحيتان أكبر من زوارق الكاياك ومصنوعة هي الأخرى من العظام ومن جلد الحيوانات. وكانوا يستخدمون الحربة لاصطياد الحيوانات البحريّة.

ويتابع بوشار فيشير إلى ظاهرة معروفة حول العالم وهي ظاهرة بيوت الجليد "إيغلو" التي تبنيها قبائل الشمال الكبير لتتقي فيها من البرد والثلج.

كل هذه التقنيات تدل على أن قبائل الاينويت استطاعت التأقلم مع طبيعة خالية من الغابات والأخشاب ومواد البناء واستخدمت ما وجدته في متناول يدها أي جلود الحيوانات البحريّة التي استخدمتها في حياتها اليوميّة وصنعت منها الخيم للإقامة فيها صيفا واستخدمت الثلج والجليد لمسكنها الشتوي.

ويشير بوشار إلى أن قبائل الاينويت هي الأحدث من بين قبائل الشمال الأميركي وتعود إلى نحو 4 آلاف سنة.

ولديها كلاب قويّة قادرة على جر الزلاجات فوق الجليد لمسافات طويلة وقادرة على الصمود في طقس قارس البرد.

ويشير سيرج بوشار إلى قدرة الاينويت  الفائقة  جسديا وروحانيا على التعامل مع الطبيعة فضلا عن كونهم فنانين مهرة برعوا في فن النحت وخصوصا في نحت صور الحيوانات . ولديهم فلسفة خاصة بهم تدخلهم إلى عمق الأشياء وإلى رحم الطبيعة الخلاقة المبدعة ويتابع قائلا:

Inuits
© ايستوك

عندما نواجه طبيعة قاسية متطلّبة يكون التحدي مستمرا على الصعيدين الجسدي والعقلي.

والاينويت شعب قوي جدا بالمعنيين الجسدي والعقلي للكلمة. وهم قادرون على الصمود، وتؤهلهم لذلك طبيعتهم لأنهم شعب قصير القامة وقصير الأذنين ويتسم ببعض البدانة. وهذا مناسب لقوانين الفيزياء للعيش في الشمال القطبي الذي يخلو من حيوانات طويلة الحجم وطويلة الأذنين.

ويشير الصحافي المخضرم في راديو كندا سيرج بوشار إلى أن الاينويت كانوا يعيشون في إطار عائلات ولم يكن لديهم هيكليّة سياسيّة . وكانوا يعيشون في مجموعات تتشكّل وتنحل وفق الظروف ولديها شخصيات بارزة تقرّر وجهة تنقل المجموعة لضرورات العيش.

والأمور تغيّرت اليوم وباتت للاينويت هيكليّة سياسيّة حديثة  على غرار تلك المعتمدة من حولهم. لكن روح الجماعة ما زالت تطغى لديهم على حرية الفرد وحرية العائلة يختم عالم الانثروبولوجيا والصحافي سيرج بوشار.

 

استمعوا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فئة:السكان الأصليون
كلمات مفتاحية:، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.