تعتبر الحكومة الكندية جنوب إفريقيا بمثابة شريك وبلد صديق تشاطره قيما مشتركة في مقدمتها الديمقراطية والسلام والأمن والتقدم. وتعود متانة هذه العلاقات حسب بيان للحكومة الكندية إلى الدور الطليعي الذي مارسته كندا في الثمانينات على صعيد الضغوط الدولية على إفريقيا الجنوبية لكي تضع حدا لنظام الفصل العنصري تمهيدا لقيام دولة تعددية الإثنيات وديمقراطية التوجه.
فمنذ تخلي جنوب إفريقيا عن نهج التمييز العنصري وإجراء انتخابات متعددة الأعراق في عام 1994 تقيم كندا علاقات صداقة وتعاون مع جنوب إفريقيا.
غير أن الوضع كان مختلفا في الثمانينات حيث كانت شركات كندية وأجنبية تجني أرباحا طائلة في جنوب إفريقيا رغم نهج التمييز العنصري وخاصة الشركات التي كانت تعمل في قطاع المناجم والنسيج ليس هذا فحسب بل إن بعضها كانت تستفيد من نظام التمييز العنصري لتجني فوائد اقتصادية.

هيئة الإذاعة الكندية التقت بريمون كريتيان الدبلوماسي الكندي السابق صاحب الخبرة الكبيرة في مجال العلاقات الكندية الدولية وسألته عن عدم تردد شركات كندية بالقيام بأعمال كبيرة مع جنوب إفريقيا رغم نهج التمييز العنصري فأجاب:
الكثير من الشركات الكندية وخاصة في قطاع المناجم عملت في جنوب إفريقيا
ما جعل تصريحات المسؤولين السياسيين صعبة للغاية لأنه كان يتوجب عليهم التوفيق بين المصالح الاقتصادية والتجارية لكندا مع معارضة سياسات التمييز العنصري.
لذا كانت هناك حكومات متأرجحة بين موقفين ما دفعها لعدم اتخاذ موقف صريح من التمييز العنصري ، إنه موقف العديد من الدول تابع ريمون كريتيان مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا بالإضافة لعدد من الدول الأخرى وخاصة في القطاع المنجمي.
وعن سؤال عما إذا كان قد تغير الوضع عنما قررت كندا فرض عقوبات على جنوب إفريقيا ضد التمييز العنصري أجاب ريمون كريتيان:
الشركات الكندية لم تكن يوما سباقة في هذا المجال بل كانت دائما تفكر بمصالحها وأرباحها إذ لا يمكن أن تطلب من الشركات أن يكون لها سياسات أجنبية كبيرة ومن النادر أن تجد تحالفا بين المصالح الاقتصادية والمصالح السياسية لدولة ما ، فإذا وضعت في كفة ميزان آلاف فرص العمل في كندا من جهة وحقوق الإنسان من جهة أخرى فالغلبة انطلاقا من خبرتي أضاف ريمون كريتيان ستكون للمصالح الاقتصادية وهي غالبا ما تتفوق.
وعن سؤال عما إذا كانت هذه الشركات قد مارست ضغوطا على حكومة بريان ملروني لتتراجع عن قرارها بفرض عقوبات اقتصادية على جنوب إفريقيا أجاب ريمون كريتيان:
ليست الشركات الكندية فحسب بل فكّر أيضا بالأميركيين والبريطانيين ، فالشركات الكندية نفسها كانت تأمل أن تعمل بحرية هناك.
إن الموقف السياسي الذي أعلنته الحكومة الكندية هنا لم يكن ليرضي المستثمرين الكبار هناك.
يشار إلى أن الواردات الكندية من جنوب إفريقيا انخفضت في المرحلة الأولى عقب صدور القرار ثم عادت للارتفاع حتى التسعينات فالشركات الكندية استمرت بالعمل هناك رغم الخطاب السياسي .
واليوم العلاقات التجارية بين كندا وجنوب إفريقيا هامة إذ أن جنوب إفريقيا هي أهم شريك تجاري دولي لكندا في قارة إفريقيا لكن هناك الآن عدد أقل من الشركات الكندية التي تعمل هناك.
وعن سؤال عن أسباب تناقص عدد الشركات الكندية العاملة في جنوب إفريقيا حاليا أجاب البروفسور دان أوميرا من جامعة كيبك في مونتريال الأخصائي في جنوب إفريقيا:
هناك أماكن في العالم معدل الأرباح فيها أكثر ارتفاعا ومداخيل الاستثمار أهم بكثير لذا يقل عدد الشركات الكندية والأجنبية المستثمرة في جنوب إفريقيا.
يشار إلى أن عددا كبيرا من الشركات الكندية والأجنبية تتوجه حاليا نحو الهند.
نذكر أخيرا أن حجم المبادلات التجارية بين كندا وجنوب إفريقيا تصل حاليا إلى ما يقرب من مليار دولار سنويا.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.