مجموعات السكان الأصليين: قبائل الإيروكوا والعلاقة الوثيقة بالأرض

استمعواسكان كندا الأصليون الذين كانوا يعرفون بهنود أميركا الشماليّة هم في الواقع مجموعات لغويّة وثقافيّة متنوعّة ومختلفة عن بعضها البعض كانت لها خصوصياتها قبل وصول المستكشفين الأوروبيين مطلع القرن السادس عشر إلى سواحل الشمال الأميركي.

الصحافي في راديو كندا الدولي ريمون ديمارتو يسعى للتعريف بهذه المجموعات من خلال مقابلة اجراها مع الصحافي وعالم الانثروبولوجيا سيرج بوشار الذي يتحدّث عن عالم قائم بحدّ ذاته يضم مجموعات مختلفة كانت تعد بعشرات الآلاف قبل وصول المستكشف الأوروبي .

ويشير إلى وجود تسع قبائل تضم العديد من المجموعات الثقافيّة واللغويّة  من بينها قبائل الايروكوا التي جاءت من الجنوب  الأميركي على الحدود مع شمال المكسيك وصعدت باتجاه شمال الشرق الأميركي وتحديدا نحو نيويورك و منطقة البحيرات الكبرى ويضيف سيرج بوشار شارحا:

ينتمي الإيروكوا إلى مجموعة خاصّة قد تعود للعصر الحجري الحديث او إلى  عالم الزراعة حيث كان لديهم إنتاج زراعي.

وخلافا لقبائل الألغونكان  الرّحل التي كانت تعيش على الصيد البري والبحري، كانت قبائل الإيروكوا مستقرّة.

وصحيح أن ابناء هذه القبائل كانوا صيادين هم ايضا، ولكن الزراعة كانت ميزتهم الأساسيّة وكانوا يزرعون اصنافا مميّزة في الشمال الأميركي في طليعتها الذّرة فضلا عن الفول والقرع.

وكان التركيز بصورة أساسيّة على الذّرة التي اطلق عليها الكنديون تسمية "قمح الهند" أي قمح الهنود.

ويشير الصحافي المخضرم في راديو كندا وعالم الانثروبولوجيا سيرج بوشار إلى أن الإيروكوا كانوا منتشرين فوق مساحة صغيرة نوعا ما ولكنها كثيفة السكان  ويتابع قائلا:

التنظيم بالإجمال على صعيد هذه الشعوب كان مميزا. فبالنسبة  لقبائل الألغونكان كانت هنالك مجموعات عديدة متفرّعة منها كالإينو والكري على سبيل المثال. والأمر سيّان بالنسبة للإيروكوا. وقد يصعب فهم ذلك أحيانا وقد يقع البعض في الالتباس نظرا لكثرة الأسماء.

لكن ثمة مجموعات واضحة تنتمي إلى قبائل الإيروكوا التي كانت لغتها الأم واحدة رغم أنها توزّعت في مناطق مختلفة وأصبحت لها هويات مختلفة.

ومن بين هذه المجموعات ، قبائل "الهورون" واسمهم بالأساس كان "واندات" . وكلمة هورون اطلقها عليهم المستكشفون نظرا لطريقتهم الخاصّة في قصّ شعورهم.

واقامت قبائل الواندات في محيط بحيرة باتت تعرف ببحيرة هورون  تيمّنا بهم. ومنطقتهم تدعى "وانداكي" وهي منطقة صغيرة في مقاطعة اونتاريو تتميّز بجمال طبيعتها .

وأمكن لهذه المجموعات أن  تعيش من صيد الأسماك ومن زراعة الذرة والفاكهة وصيد الحيوانات البريّة.

وتكاثرت هذه القبائل أكثر من سواها خصوصا لأنها كانت كبيرة العدد ومستقرّة في مناطق معيّنة وغير مضطرة للترحّل يقول سيرج بوشار ويضيف:

يوم وصل المستكشف صاموئيل دو شمبلان والمستكشفون الفرنسيون إلى منطقة السان لوران  كانت أعداد الإيروكوا تقدّر بنحو 40 ألف نسمة وهو عدد هائل بالنسبة لتلك الحقبة من الزمن في الشمال الأميركي.

هذا بالنسبة للهورون الذين كانوا يعيشون بجوار مجموعات الإيروكوا المقيمة في منطقة نيويورك ومحيط شلالات نياغارا.

وكانت هنالك مجموعات أخرى تحمل أسماء مختلفة أحيانا، اصليّة وفرنسيّة وانكليزيّة ، كمجموعة "تيانونتاتي" التي تسمّى أيضا "توباكو".

ويشير سيرج بوشار إلى زراعة التبغ التي مارسها الإيروكوا والتي غيّرت وجه العالم وأحدثت ثورة في اوروبا التي لم تكن تعرف التبغ قبل ذلك ويتابع قائلا:

كان الإيروكوا ينتجون كميات كبيرة من التبغ ما يعني أنهم كانوا تجارا واننا نرى من خلالهم حقبة من تاريخ الانسانيّة.

وكانت هذه المجموعات تمارس الصيد وتمارس الزراعة فوق أرض محروقة بمعنى أنها كانت تحرق الغابات ومن ثم تزرعها وكانت تعيش في بيوت كبيرة مستطيلة الشكل تضم كافة ابناء العشيرة.

وكانت تتنقل مرة كل عشر سنوات بحثا عن أراض جديدة بعد أن تكون قد استهلكت إمكانيات ارضها الحاليّة.

ودخلت قبائل الإيروكوا إلى قلب المناطق التي كانت تعيش فيها قبائل الألغونكان وكانت على علاقة بها.

واما الإيروكوا في مناطق الجنوب فكانوا موزعين في ولايات أميركيّة من بينها بنسلفانيا وجورجيا وكانت منهم مجموعات عديدة كالموهوك والتشروكي.

وخلافا للألغونكان، كانت قبائل الإيروكوا على طريق إقامة ما يمكن تسميته في حينه بالدولة يقول سيرج بوشار ويضيف:

كان لديهم تاريخ وتقليد شفوي لسرد التاريخ وكانوا يخبرون بأنهم طالما تحاربوا فيما بينهم قبل أن يتوصلوا إلى تحقيق السلام.  فقد اجتمعوا واقسموا على عدم مهاجمة بعضهم البعض اعتبارا من ذاك الوقت.

ويختم الصحافي وعالم الانثروبولوجيا سيرج بوشار فيؤكد على وجود خمس مجموعات لدى قبائل الإيروكوا تجاوزت تحديات التاريخ ونجحت في الحفاظ على لغاتها وثقافتها وتقاليدها وما زالت مستمرّة حتى يومنا هذا.