تحت عنوان "الدروس القيمة التي تعلمتها من صديقي الجزائري" كتبت ليز باييت مقالا في صحيفة لودوفوار جاء فيه:
لن أبوح لكم باسمه حتى لا أكشف هويته. هو يمارس الإسلام بشكل معقول. يحب كيبك ويحب أن يعيش فيها بسلام.
لقد أضحى صديقي للأبد.
كان يعرفني بعد أن التقينا سابقا، لقد شاهد برنامجا تلفزيونيا قدمته مؤخرا وبعامل الفضول لجأ للكمبيوتر ليطلع على مزيد من المعلومات عني.
سألته عن وطنه الأصلي فأجابني أنه من الأمازيغ (البربر) من الجزائر ومن هنا انطلقنا.
حدثني عن الخوف الذي أصاب أصدقاءه وعائلاتهم بعد قرار الحكومة الكيبكية باعتماد شرعة العلمنة وخاصة الانطباع الذي خلفته زيارة رئيسة حكومة مقاطعة كيبك بولين ماروا لباريس وتصريحاتها التي قالت فيها إن ما ستفعله حكومة كيبك يشبه ما فرضته الحكومة الفرنسية وما أعقب ذلك من غضب وإحباط.

وسألته في المقابل هل يفهم الخوف الذي تتسبب به تصرفات بعض المسلمين عندنا وأن النساء الكيبيكيات بشكل خاص لسن على استعداد لخوض معركة، يعتبرن أنهن كسبنها ، في ديانة أخرى حيث النساء كما في الإسلام يعتبرن ككائنات أدنى وخاصة غير مساويات أبدا للرجال؟
أجابني أنه قرأ كثيرا عما كانت عليه مقاطعة كيبك والكفاح الذي خضناه وأنه السبب الذي من أجله هو هنا. بمحض اختياره.
من جهتي تتابع ليز باييت أخذت الوقت اللازم لأشرح له بأن الشرعة هي قيد الدراسة وأنها بالتالي لن تطال حرية ممارسته لدينه شرط أن يتم ذلك بشكل شخصي.
فأجابني أنه يعتبر طلبات التسويات المعقولة سخيفة نوعا ما إذ أن مسلما جيدا يمكنه أن ينتظر وصوله للبيت ليقوم بالصلاة وأن ما ننسبه للقرآن في غالبية الوقت ليس موجودا في القرآن الكريم أبدا.
عندها تجرأت بسؤالي له لماذا لا يقف المسلمون ليعلنوا عن رأيهم، لماذا لا نسمعهم مطلقا في النقاش الجاري حاليا ولماذا لدينا الانطباع بأنهم في حالة صمت مطبق.
تردد قبل أن يتابع. للمرة الأولى قال لي إنه هو والعديد من الآخرين لا يشعرون بأنهم أحرار في قول ما يفكرون به. إن الذين يعيشون هنا لهم أفراد من عائلاتهم في الوطن الأم وهو ما يجعلهم أكثر ضعفا لذا هم يصمتون.
صديقي له عمل منتظم يرتاح له. قد يكون أكثر تعليما مما يستوجب عمله الحالي لكنه لم يلمح مطلقا إلى وجوب أن يعيش أفضل مما هو عليه الآن. لا أحد من أفراد عائلته يرتدي الحجاب. هو يعترف بأن العديد من الأزواج يفرضون على زوجاتهم ارتداءه غير أن بعض النساء يرغبن بارتدائه انطلاقا من دافع شخصي.
لقد أكّد لي ما رددته فاطمة هدى بيبان (النائبة عن الحزب الليبرالي في مقاطعة كيبك سابقا والنائبة المستقلة حاليا) منذ البداية إن ما يتوجب أن نحذره هم الأصوليون وهم موجودون هنا. ويؤكد أن طريقتهم هي نفسها في أي مكان. إنهم منتشرون في المستشفيات والكافيتيريات وفي مدارس الأصغر سنا وفي المدارس التي يصرون فيها على فصل الفتيات عن الصبيان. ضحكنا معا من المشاكل التي تسببها أحواض السباحة ...
أخصائي علم الاجتماع جاك غودبو يقترح قراءة كتاب بعنوان الحكم باسم الله من منشورات غاليمار لكاتبه بوعلم سنسل الذي يؤكد "بأننا لا نعرف حجم الخطر الذي يشكله الإسلاميون على مستقبل الحضارة كما لم ينتبه آباؤنا في الماضي لخطر وصول الفاشية والنازية في القرن الماضي" وتنصح ليز باييت بقراءة الكتاب دون تردد.
وتختم ليز باييت مقالها في لودوفوار قائلة أنا ممتنة جد الامتنان لصديقي الجزائري لأنه أجبرني أن أخوض أكثر في العمق مما تقترحه الشرعة التي تناولناها بالكلام كثيرا خلال الأشهر الأخيرة. إن ما أتاح لي صديقي الجديد أن أفهم بأن هناك حاجة طارئة للتحرك في هذا الملف وأن نستفيد من كافة التجارب والخبرات التي عاشها الناس في أمكنة أخرى، في بلدان أخرى لتدارك ما وقعنا به في الفترة السابقة.
فالأصوليون من حيث أتوا يسبقون بخطوات البلد الذي يقيمون فيه. يشكلون فئة خاصة بهم. لذا من الضروري أن نقيم روابط مع البلدان التي تعرفهم بشكل أفضل للحؤول دون حصول الأخطاء نفسها، ختمت ليز باييت في صحيفة لودوفوار.
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.