"العجز". هذه هي الكلمة التي ينبغي حفظها بعد فشل "جنيف 2"، جولة المفاوضات الدولية حول الحرب الأهلية السورية التي انتهت نهاية الأسبوع الفائت دون تقدم ملموس ودون أجندة لمواصلة المفاوضات، يقول ماريو روا، كاتب العمود في "لا بريس" الصادرة في مونتريال في مقال بعنوان "سوريا: الحرب الأخرى". وانتهت المفاوضات حتى دون التوصل إلى أي شيء يشجع إقامة هدنات محلية على الأرض، أو يضع إطاراً سياسياً لمرحة انتقالية، يقول الكاتب.
وعندما تأمل في هذا الوضع، ذهب المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، إلى حد تقديم الاعتذار للشعب السوري. ويمكن ترجمة ذلك على أنه لوم موجه إلى كافة الأطراف المتقاتلة داخل سوريا كما إلى القوى الضالعة، بمستويات مختلفة، في الحرب هناك، لاسيما إلى روسيا والولايات المتحدة والعربية السعودية، يقول ماريو روا.
ومنذ ثلاث سنوات أوقع النزاع هناك نحواً من 125 ألف قتيل وتسبب بتهجير ثمانية ملايين مواطن سوري، من بينهم مليونان غادرا البلاد، يقول الكاتب. يُشار هنا إلى أن المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقراً يقول إن عدد قتلى الحرب في سوريا تجاوز حتى الآن 140 ألفاً.
وهذا الفشل للأسرة الدولية هو في الواقع نصر للرئيس السوري بشار الأسد، الذي لم يخفِ مطلقاً تفضيله استخدام القوة من أجل البقاء في السلطة، يقول ماريو روا. ويمكن الاعتقاد أن مستوى العنف سيرتفع أكثر في الوقت الحاضر، لاسيما وأن التنظيمات المسلحة الإسلاموية تنشط أكثر فأكثر على الأرض. وأكبر هذه التنظيمات هو "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، المعروف اختصاراً بـ"داعش"، والذي يهاجم القوات المناهضة للأسد بقدر ما يهاجم النظام السوري نفسه. فجهاديو "داعش" يقودون حرباً داخل حرب، يقول الكاتب.
ويتابع ماريو روا في "لا بريس" مستشهداً بكلام للصحافي البريطاني الأميركي بيتر بيرغن، محلل شؤون الأمن القومي الأميركي لدى شبكة "سي ان ان" الإخبارية الأميركية، إذ قال واصفاً طبائع مقاتلي "داعش"، "عندما يقوم حتى تنظيم القاعدة بشجب تصرفاتك بشكل علني لأنك مفرط في الوحشية، فمرد ذلك على الأرجح هو أنك فعلاً كذلك". ويذكّر كاتب العمود الكندي بأن أيمن الظواهري، خليفة أسامة بن لادن في قيادة تنظيم "القاعدة"، نفض يده من "داعش"، ويضيف أن لديه في سوريا تنظيماً آخر، يُعرف عنه أنه أقل همجية من "داعش"، هو "جبهة النصرة".
ويعدد ماريو روا ما يصفه بممارسات تنظيم "داعش" في المناطق السورية الخاضعة لسيطرته: تصفية معارضيه نحراً بشكل علني، والرجم، والتعذيب والاغتصاب الممنهجان، وخطف الصحافيين واغتيالهم، ووضع إطار للحياة المدنية شبيه بالذي وضعته حركة "طالبان" في أفغانستان، وفرض الحجاب على النساء.
ويمضي الكاتب قائلاً إنه من المؤكد أن الإسلامويين، على غرار تقدمهم في إفريقيا، باتوا يشرفون على مناطق واسعة في سوريا والعراق، وإن نجاحاتهم تجذب طامحين إلى الجهاد يقيمون في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وكندا. ويلفت إلى أنه منذ سنة، ووفق المصادر الرسمية الكندية، قام نحو مئة شاب من المقيمين في كندا، لاسيما في مقاطعتيْ ألبرتا وأونتاريو، بالذهاب إلى سوريا للقتال هناك في صفوف تنظيمات إسلاموية. وينجم عن ذلك خشية أخرى: ما الذي سيقوم به أولئك الذين من بين هؤلاء المقاتلين سيعودون إلى كندا أكثر تشدداً ومتقنين لفنون القتال؟ قد يرتد على الغرب آتياً من سوريا تهديد إرهابي لا يجب أمامه، هنا أيضاً، الانقياد للعجز، يختم ماريو روا في "لا بريس".
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.