قال رئيس الحكومة الكندية ستيفن هاربر اليوم إن "كندا تواصل التنديد بأشد العبارات باجتياح الرئيس بوتين العسكري لأوكرانيا". وأمس قال هاربر إن "اجتياح أوكرانيا من قبل روسيا هو عدوان وانتهاك واضح لسيادة أوكرانيا والقانون الدولي" وإن "كندا لن تعترف بنتائج استفتاء شعبي يُقام في منطقة خاضعة حالياً لاحتلال غير شرعي من قبل قوات عسكرية". وهذا الكلام قاله رداً على تصويت برلمان إقليم القرم أمس، بالإجماع، لصالح الانضمام إلى روسيا وإعلان حكومة الإقليم عن إجراء استفتاء حول وضع الإقليم في 16 آذار (مارس) الحالي. ويشكل الناطقون بالروسية 60% من سكان هذا الإقليم الواقع في أقصى جنوب أوكرانيا والذي يتمتع باستقلال ذاتي.
منذ بدء الأزمة الأوكرانية اتخذت كندا موقفاً واضحاً يدعم أوكرانيا ويندد بروسيا. وهذا الموقف يحظى بترحيب واسع في أوساط الكنديين من أصل أوكراني الذين يزيد عددهم على المليون وربع المليون نسمة. لكن الأصداء مختلفة في أوساط الكنديين من أصل روسي البالغ عددهم نحو نصف مليون نسمة، كما ينقل من فانكوفر على ساحل الهادي مراسل تلفزيون هيئة الإذاعة الكندية باللغة الفرنسية، فريديريك أرنولد.
ففي مقال نشره له موقع راديو كندا يقول أرنولد إن الكنديين من أصل روسي هم في غالبيتهم الساحقة أوفياء للوطن الأم. وينقل في هذا الصدد عن الصحافي في "راديو فيرا" الذي يبث بالروسية من مدينة ريتشموند في فانكوفر الكبرى، بافيل مانوغيفيتش، قوله إن 90% من مستمعيه يدعمون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذه الأزمة. ويقوم مانوغيفيتش بإخراج برنامج حواري (توك شو) يتناول مواضيع تهم الجالية الناطقة بالروسية. وهذا الأسبوع خُصص الحوار للأزمة في أوكرانيا.
ومن جهته لا يتفاجأ القنصل الفخري للاتحاد الروسي في فانكوفر، أرتيم تشيركاسوف، من نسبة التأييد المشار إليها التي يحظى بها الرئيس الروسي حسب المخرج الإذاعي الروسي الكندي. ويرى القنصل الفخري الروسي أن غالبية أفراد الجالية الروسية في كندا سئموا "دعاية وسائل الإعلام الغربية" التي لا تقدم سوى وجهة النظر الأوكرانية، حسب رأيه، ويأخذ على وسائل الإعلام هذه بشكل خاص عدم تناولها تاريخ روسيا وأوكرانيا في تغطيتها لهذه الأزمة. ويشاطر مستشار الهجرة المقيم في فانكوفر والروسي المولد، أليكس تيتوف، رأي قنصل روسيا الفخري مبدياً خيبة أمله من الموقف الكندي الداعم دوماً لأوكرانيا والذي يفتقر إلى تفكير معمق حسب رأيه.
ويشير فريديريك أرنولد إلى أن أفراد الجالية الروسية الذين يجاهرون بدعمهم لفلاديمير بوتين في هذه الأزمة ليسوا عديدين، وإن كانت الجالية في غالبيتها تدعم الرئيس الروسي. وهذا التكتم يعكس انزعاجاً، فهم يقيمون حالياً في بلد يندد علناً بالرئيس الروسي.
ولكن لأناستازيا موديستوفا المولودة قرب موسكو رأي مختلف تماماً بشأن أزمة أوكرانيا. فهي من ضمن الأقلية في أوساط الكنديين من أصل روسي التي نددت منذ البداية بسياسة الرئيس الروسي إزاء أوكرانيا، يقول مراسل راديو كندا في فانكوفر. وهذه السيدة المتخصصة في تصوير الفيديو أنتجت شريطاً قصيراً حول التظاهرات الداعمة لأوكرانيا. وتقول موديستوفا إن "غالبية الروس لم ينشأوا على الروح النقدية، ومن الأسهل لهم كثيراً تبني الرأي الذي يقدمه لهم التلفزيون الرسمي (الروسي)".
وإذا كان الروس الكنديون لا يجاهرون كثيراً بدعمهم للرئيس الروسي خارج جاليتهم، رغم أنهم في غالبيتهم مؤيدون له، فإن من يجاهر منهم بانتقاداته لبوتين قد يجلب لنفسه المتاعب من داخل الجالية. هذا ما لمسته ألا كاديش، وهي مقدمة برامج في إذاعة الجالية الروسية في تورونتو. فبعد أن انتقدت الرئيس الروسي في أحد برامجها، تلقت مديرتها تهديداً من أحد المستمعين قال فيه "إذا لم توقفيها فوراً سنوقفها بأنفسنا". لم يزعزع هذا التهديد كاديش، ربما لأنها في كندا، فعلقت عليه بالقول "هناك مجانين في كل مكان". وفتحت شرطة تورونتو تحقيقاً في الحادث.
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.