تناول الباحث الكندي في العلاقات الدولية جوسلان كولون الأزمة الأوكرانية في صفحة الرأي في "لا بريس" الصادرة بالفرنسية في مونتريال. ويشغل كولون منصب مدير "شبكة الأبحاث حول عمليات السلام" المتفرعة من "مركز الدراسات والأبحاث الدولية" (CÉRIUM) التابع لجامعة مونتريال.
يقول كولون إنه في الوقت الذي يجتمع فيه في البيت الأبيض في واشنطن الرئيس الأميركي باراك أوباما برئيس الحكومة الانتقالية في أوكرانيا، أرسيني ياتسينيوك، قام وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر بعرض قراءته للأزمة في أوكرانيا وبإسداء نصائحه لحلها. ورغم تخطيه عتبة التسعين عاماً، لم يفقد كيسنجر شيئاً من ذهنه المتوقد، يقول الكاتب.
وكيسنجر حريص على التوازنات الجيوسياسية ويحترم القوة. يأخذ العالم كما هو وليس كما يجب أن يكون، هذا إن كان للطرح الثاني من معنى في العلاقات الدولية، يقول كولون. وفضل هذه الرؤية أنها واضحة، وإن كانت باردة ومتهكمة.
وأوكرانيا ليست جزيرة صغيرة ضائعة في وسط المحيط، هي في وسط القارة القديمة، تماماً بين روسيا وسائر أوروبا، يقول كولون الذي ينقل عن وزير الخارجية الأميركي الأسبق قوله في صحيفة "ذي واشنطن بوست" إنه غالباً ما تُقدَّم الأزمة الأوكرانية على أنها مواجهة يتحتم فيها على أوكرانيا أن تختار بين الانضمام للغرب أو للشرق.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار تاريخ هذه المنطقة وجاذبياتها الدينية والسياسية والاقتصادية والثقافية، نجد أن أوكرانيا "لا تستطيع أن تعيش كحليفة لروسيا ولا كحليفة للغرب، بل فقط كجسر بينهما". لكن لا الغربيين ولا الروس يأخذون هذا الواقع الجيوسياسي بالاعتبار، ومواقفهم الحالية لم تؤدِّ "إلا لزيادة الوضع سوءاً"، يقول كولون نقلاً عن كيسنجر.
من هنا يدعو وزير الخارجية الأميركي الأسبق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والقادة الغربيين لتخفيف حدة التخاطب والبحث عن حل سياسي. "على بوتين أن يعي، وبغض النظر عن تظلماته، أن سياسة تسلك الطريق العسكري لن تتسبب سوى بحرب باردة جديدة"، كتب كيسنجر.
"ومن جهتها، على الولايات المتحدة أن تتجنب معاملة روسيا كما لو أنها نظام منحرف يجب تلقينه قواعد السلوك التي وضعتها واشنطن"، يقول كيسنجر، مضيفاً أن "شيطنة فلاديمير بوتين ليست سياسة إنما حُجة لغياب السياسة".
ما هي إذاً حدود الحل السياسي المنسجم مع قيم كافة الأطراف ومصالحها؟ يجيب كولون بالقول إن كيسنجر يقدم أربعة مقترحات كي تؤسس عليها مفاوضات يمكن أن تفضي إلى حل يعي هو تماماً أنه سيكون غير مرضٍ لكافة الأطراف. وهذه المقترحات هي التالية:
- على أوكرانيا أن تختار بحرية ارتباطاتها بالمنظمات السياسية والاقتصادية ومن ضمنها الاتحاد الأوروبي.
- على أوكرانيا ألاّ تنضم لمنظمة حلف شمال الأطلسي.
- على أوكرانيا أن تكون حرة في اختيار حكومة تعبر عن إرادة شعبها. وعلى قادة أوكرانيا الجدد انتهاج سياسة تصالحية مع كافة الأطراف في بلادهم. وفيما يتعلق بالساحة الدولية، على أوكرانيا اتباع سياسة شبيهة بسياسة فنلندة. فهذه الدولة المتعاطفة مع الغرب تتجنب أي عداوة مع روسيا.
- لا يحق لروسيا، بالاستناد إلى القانون الدولي، أن تضم إقليم القرم. لكن يجب أن يكون ممكناً بناء علاقات بين إقليم القرم وأوكرانيا على أسس أقل نزاعية. وعلى كييف أن تعترف بمزيد من الحكم الذاتي للقرم وأن تكفل بقاء الأسطول الروسي في سيباستوبول على البحر الأسود.
ويتوقع كولون أن يتداول الرئيس الأميركي وضيفه الأوكراني خطة تسوية شبيهة بما اقترحه وزير الخارجية الأميركي الأسبق، ويأمل ألا يكون الأوان قد فات لتحويلها إلى مقترح عملي للتفاوض.
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.