منذ الإطاحة بالنظام الملكي في مصر وانتصار ثورة الضباط الأحرار في مطلع الخمسينات لم يصل إلى سدة الرئاسة في مصر سوى العسكر : من البكباشي إلى الماريشال مع فاصل ديموقراطي لم يطل كثيرا . والعسكر بالإجمال قلما يستسيغون الديموقراطية وقد نشأوا على تلقي الأوامر وإصدار الأوامر وترسخت فيهم نظرية الحكم بالقوة لا بالشورى . وكثيرا ما تندر المصريون وسواهم من العالم النامي بنسبة التسعة والتسعين بالمئة التي يفوز بها الرئيس المنتخب " ديموقراطيا " .
والسؤال : هل ما يجري حاليا في مصر هو آخر خطوة لوصول الماريشال عبد الفتاح السيسي إلى سدة الرئاسة بعد توليه السلطة الفعلية منذ إقالة الرئيس محمد مرسي ؟
يجيب البرفسور كريم إميل بيطار مدير البحوث في مركز الأبحاث الدولية والإستراتيجية :
" نحن نشهد حاليا انتصار الثورة المعاكسة في مصر ووجوه النظام السابق البارزة تستعيد شيئا فشيئا مواقعها والجيش بات يحكم بصورة واضحة جدا كما نشهد مطاردة ، على غرار الماكارثية ، للإخوان المسلمين ولكن أيضا ضد الثوار الشباب وضد مثقفي اليسار وكل الذين يعارضون عودة التوتاليتارية والحكم العسكري ."
ويتابع البرفسور كريم بيطار :
" لقد تم اضطهاد صحافيين بمن فيهم صحافيون أجانب وشخصيات من اليسار ومثقفين وجامعيين ما يعني أن الاضطهاد ليس فقط لتصفية الحسابات مع الإخوان المسلمين إنما اضطهاد كل من سعى إلى قلب توتاليتارية حكمت مصر منذ عقود " .
هل يعني ذلك أن ما يجري هو تلقين درس للمعارضة باضطهادها في حال عارضت ؟
يجيب البروفسور بيطار :
" هو كذلك لكن الفارق أن الرأي العام العربي لم يعد صامتا وفي حال تمادى الجيش في العودة إلى زمن التوتاليتارية فقد نشهد عودة المظاهرات الكبيرة في شوارع القاهرة . من هنا فعلى السلطات الجديدة أن تتحلى بالحذر فالبلاد تمر بأزمة اقتصادية وأزمة هوية وانتماء والمصريون باتوا يعتقدون أن الجيش يتوسل النظام القمعي السابق ما يعني أننا قد نشهد في الأشهر القليلة المقبلة حركة معارضة من جديد بالرغم من الشعبية التي يتمتع بها حاليا الماريشال السيسي لكن شهر العسل هذا قد لا يطول .استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.