استأثرت نتائج الانتخابات التشريعية في مقاطعة كيبيك والفوز الكاسح للحزب الليبيرالي باهتمامات الصحافة الكندية من الأطلسي إلى الهادئ . بعض العناوين الرئيسية : الغلوب أند ميل : " سحق الحزب الكيبيكي " لابريس : " كويار يفوز وماروا تستقيل " ، لو دفوار : " كويار يربح بالضربة القاضية " وفي العناوين الداخلية : لا بريس : " كويار ينتصر – إنجاز وغرق – نهاية مطهر قصير – أزمة هوية " وفي لو دوفوار : " كارثة للحزب الكيبيكي – الشتاء الطويل – الموجة الليبيرالية تجتاح كيبيك " وفي الغلوب أند ميل : " هاربر يرحب بفوز الليبيراليين "
وتحت عنوان : " الكيبيكيون قالوا لا " علق رئيس تحرير لا بريس أندره برات على النتائج فرأى أنها قبل أن تشكل نصرا لليبيراليين هي خسارة للحزب الكيبيكي كما أرادته بولين ماروا وفريقها الذين توافقوا ونفذوا الاستراتيجية التي كان من شأنها أن تؤهلهم لتشكيل حكومة أكثرية ، وهذه الاستراتيجية نفسها هي التي رفضها الكيبيكيون أمس .
واعتبر برات أن الناخبين نددوا بعدم وضوح الحزب الكيبيكي في مسألة الاستفتاء حول الاستقلال فقالوا لا لخداع منظري الحزب التكتيين ما أدى إلى خسارة لم يشهدها الحزب منذ أول انتخابات شارك فيها عام 1970 . وإذا كان عدد كبير من الكيبيكيين يؤيدون تنظيم مبدأ التسويات الدينية المعقولة والعلمنة فيبدو أن الكثيرين منهم لم يستسيغوا أن يستعمل الحزب الكيبيكي هذا الملف الحساس لأغراض انتخابية واعتماد مبدأ فرق تسد . واندفعوا بغالبية أربعين بالمئة إلى الالتفاف حول زعيم الليبيراليين فيليب كويار الذي تمكن بذكاء وبثقة كبيرة في النفس من محو الذكريات السيئة التي خلفها زعيم الليبيراليين السابق جان شاري .
ويتابع برات : لقد عاد الحزب الليبيرالي إلى السلطة بعد إقصاء استغرق أقل من سنتين وهذا الوضع يفتح أفخاخا على الليبيراليين تحاشي الوقوع فيها وبخاصة الغطرسة والغرور وعلى رئيس الحكومة الجديد فيليب كويار أن يرفع السقف عاليا في ما يخص الشفافية فالشعب لم يعد مستعدا أبدا لتقبل الفساد . كما عليه أن يفي بما تعهد به خلال الحملة الانتخابية التي ركزها حول الاقتصاد وتوفير الوظائف وخلق جو مؤات للاستثمارات بالرغم من الصعوبات المالية التي ستواجهها حكومته .
ويتابع برات : على الليبيراليين أن يقفلوا نهائيا الجدل حول ملف التسويات الدينية المعقولة ويصدروا شرعة علمنة تحترم هواجس الأكثرية وحقوق الأقليات . بالمقابل على الحزب الكيبيكي أن يعيد النظر في غاية وجوده ، أي الاستقلال . وأيا كانت نتيجة تأملهم المعمق ، يجب أن تحثهم نتائج الانتخابات على التخلي عن استراتيجية المواقف الملتبسة واعتماد الصراحة والوضوح ، يختم أندره برات مقالته في لا بريس .
توجه الكيبيكيون إلى صناديق الاقتراع يوم الاثنين بعد حملة انتخابية قاسية قلبتها رأساً على عقب مسألة استقلال المقاطعة، كما رأى ذاك اليوم ريال سيغان وليس بيرو في الصفحة الأولى من "ذي غلوب أند مايل" الرصينة والواسعة الانتشار في كندا. وكانت تلك المرة الثانية في ثمانية عشر شهراً التي توجه فيها الناخبون في المقاطعة الكندية الوحيدة ذات الغالبية الناطقة بالفرنسية لاختيار الحزب الذي سيقود المقاطعة. وهم كانوا قد اختاروا في أيلول (سبتمبر) 2012 الحزب الكيبيكي الاستقلالي بقيادة بولين ماروا لهذه المهمة، ولكن بحكومة أقلية.
وأشار مراسلا الصحيفة إلى ما كانت استطلاعات الرأي قد أوحت به من أن الحزب الكيبيكي وزعيمته ماروا سيدفعان ثمناً مرتفعاً لعدم تمكنهما من إقناع الناخبين بأن حكومة جديدة للحزب الكيبيكي لن تقوم بتنظيم استفتاء شعبي حول استقلال مقاطعة كيبيك عن الاتحادية الكندية. كما أن الحزب لم ينجح في استجرار الدعم لشرعة العلمنة التي حظيت بشعبية كبيرة ولكنها أثارت جدلاً كبيراً أيضاً، فهي أحدثت انقساماً بين الكيبيكيين، حتى بين مناصري فكرة استقلال كيبيك عن كندا.
أما اللحظة المحورية في الحملة الانتخابية، فرأى الصحافيان أنها دون شك كانت عندما رفع رجل الأعمال الكيبيكي بيار كارل بيلادو قبضته في الهواء وهو يدعو لقيام دولة مستقلة في كيبيك خلال خطابه القوي المفعم بالمشاعر الذي ألقاه واقفاً إلى جانب ماروا بعد أن قدمته كمرشح جديد عن حزبها الاستقلالي في التاسع من الشهر الفائت. وهذه خطوة اغتبط لها الليبراليون، فأخذ زعيمهم فيليب كويار يردد خلال الحملة أن كل صوت للحزب الكيبيكي هو صوت لاستفتاء شعبي على استقلال المقاطعة.
وكانت النتيجة أن فاز الحزب الليبرالي بحكومة أكثرية وازنة، إذ حصد 70 مقعداً من مقاعد الجمعية الوطنية (الجمعية التشريعية) الـ125 فيما مني الحزب الكيبيكي وزعيمته رئيسة الحكومة الخارجة بولين ماروا بهزيمة كبيرة. فالحزب الاستقلالي لم يحصل سوى على 30 مقعداً، وهي أسوأ نتيجة له منذ وصوله إلى السلطة في كيبيك بقيادة رينيه ليفيك عام 1976، وأعلنت زعيمته التي لم تنجح بالاحتفاظ بمقعدها النيابي في دائرة شارلفوا-كوت-دي-بوبريه (Charlevoix-Côte-de-Beaupré) الانسحاب من الحياة السياسية.
من الصحافة الكندية: مرور عشرين عاما على مجزرة رواندا
تحت "عنوان حقائق وأكاذيب" كتب أندريه سيروا المحامي والموظف في الأمم المتحدة وكان قد شارك في تأسيس المحكمة الجنائية الدولية لرواندا بين أعوام 1995 و1997 مقالا في صحيفة لودوفوار جاء فيه:
في الأعداد الأخيرة لصحيفة لودوفوار تناول فرنسوا بروسو وروبين فيلبوت مجازر رواندا منتقدين الرواية المنحازة والكاذبة التي نتحملها منذ عشرين عاما.
لذا يجب توجيه الشكر لهما وتهنئتما.
لقد شاركت في تأسيس المحكمة الجنائية الدولية حول رواندا بين أعوام 1995 و1997 وأستغرب سهولة القبول برواية أحداث كان من الواجب انتقادها بشدة.
من المستحيل القيام بفحص هذه الكمية الكبيرة من المعلومات الخاطئة. غير أنني سأتحدث عن بعض القضايا الهامة.
يقال إن هناك 800000 ضحية بل مليون. هذا يعني أنهم يقولون مطلق شيء دون تمحيص وتدقيق.
هذا العدد خيالي ولم يتم التأكد منه.
فمنذ عشرين عاما أضع هذه الأرقام موضع تساؤل بشكل منهجي لكن بدون جدوى.
التفسير الوحيد: خلال المجازر قام موظف من منظمة دولية غير حكومية بحساب تقريبي للمفقودين من منطقته من الهوتو والتوتسي دون تمييز ومن ثم لجأ للتقدير فحصل على 250000 مفقود في كل البلد.
يومان بعد ذلك، أكّد وزير خارجية ألمانيا أن العدد 500000 ولم نعلم مطلقا من أين حصل على هذا الرقم. من ثم أكّدت منظمات أميركية غير حكومية أن عدد الضحايا من التوتسي مليون شخص. وتوصلنا لنظهر أنه من المستحيل مطلقا أن يكون هناك مليون ضحية من التوتسي وعدنا إلى رقم 800000 وهو أيضا خيالي. إذن يتوجب الحذر.
إن المحكمة الجنائية الدولية حول رواندا لم تحقق مطلقا حول الاعتداء الذي استهدف الطائرة الرئاسية الذي تسبب بالمجازر التي نعرفها. علما أنه أي التحقيق كان ضمن مهامها.
لم لم يجر التحقيق؟ أو بالحري لماذا بعد أن تم الطلب من المحقق مايكل هوريغان أن يجري هذا التحقيق دفنت المدعية العامة للمحكمة لويز أربور تقريره ونزعت عنه المهمة. لماذا التحقيق في كافة مجازر رواندا ورفض البحث عن مسؤولي الاعتداء الذي كان السببب؟
ويتابع المحامي أندريه سيروا مقاله في صحيفة لودوفوار قائلا لماذا لم تجر المحكمة مطلقا تحقيقا فعليا عن الفظائع المرتكبة من قبل توتسي أوغندا والجبهة الوطنية الرواندية؟ طرح السؤال هو الإجابة عليه.
عندما رغبت كارلا ديل بونتي إجراء هذا النوع من التحقيقات أضطرت للمجيء إلى كيغالي لتقديم اعتذاراتها لكاغامي ومن ثم فقدت عملها كمدعية عامة للمحكمة.
ويجب أن لا ننسى أن الحكومة الرواندية عارضت بشدة وبشكل رسمي إنشاء هذه المحكمة من قبل الأمم المتحدة. مما كانت تخاف؟ أما كان بإمكان الأسرة الدولية أن تفعل أكثر بالنسبة للضحايا وعائلاتهم؟ إن تحطم الطائرة الرئاسية وفظاعات الجبهة الوطنية الرواندية تشكل بحد ذاتها موضوعي تحقيقين هامين، رئيسيين حتى. إن حكومة رواندا بزعامة كاغامي فضلت القيام بحملة تحميل ذنب للأسرة الدولية عادت عليها بفائدة أكبر وهو ما يفسر لماذا يتوجب على الأسرة الدولية أن تحاسب عن جرائم ارتكبها روانديون وتوتسي أوغنديون ضد روانديين؟
إن الضحايا وعائلاتهم كانوا قليلا أو لم يكونوا مطلقا في الحسبان والشيء نفسه بالنسبة للمتهمين. والدليل على ذلك العمدة جان بول أكايسو.
من سوء حظه أنه كان المتهم الأول الذي يمثل أمام المحكمة في وقت كانت فيه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بعد أن دفعت أكثر من 350 مليون دولار حسب بعض المصادر تطالب بنتائج.
إن النتائج بالنسبة لمحكمة هي محاكمات ومن المفضل الحصول على إدانة على الأقل .
وكلما تقدمنا في الوقت وزادت الاستثمارات في المحكمة كلما قلت أهمية افتراض البراءة . وسيء الحظ أكايسو حكم بالسجن المؤبد على ذمة تصاريح شهود ظهروا فجأة بعد مرور ثلاث سنوات ونصف على الأحداث وذلك بعد التحقيق في طابا الذي شاركت فيه سمح لي بملاحظة كيف أن من يوصفون بالشهود كانوا يناقضون أنفسهم ولم يكن عندهم شيء يدلون به أو يدافعون عنه.
فمن أجل 25 دولارا كان بالإمكان تأمين فرقة من ستة شهود زور مستعدين لرواية أي شيء. إنها عملية مفيدة جدا لمن يرغب بالتخلص من خصم أو منافس.
في هذه القضية إدعى التوتسي الأوغنديون بعد عدة أجيال أنهم عادوا إلى رواندا لتحريرها. كما لو أن الأميركيين من أصل فرنسي جاءوا لأخذ السلطة في كيبك. إن التوتسي والهوتو من رواندا لم يعد باستطاعتهم قول أي شيء في بلدهم لأنهم إذا تكلموا فإنهم سيتهمون بأنهم بقوا أحياء لتواطئهم مع مرتكبي المجزرة. الضحية الأخرى هي الديمقراطية. إن الهوتو يشكلون 85% من مجموع السكان وبإمكانهم إذن أن ينتخبوا حكومة بكل سهولة وهو ما لا يسمح به السياسيون من توتسي أوغندا.
سؤال آخر يطرح إذن: في حال تدخل جيش من الأجانب لتحرير بلد ما والسيطرة عليه أيحق له أن يستمر بهذه السيطرة لما لا نهاية؟ هذا السؤال طرح على الأميركيين خلال تحرير فرنسا. هل كانوا جيش قهر أم تحرير؟ لقد اختاروا أن يكونوا محررين ومن ثم عادوا إلى وطنهم. القضية نفسها مع تحرير الكمبوديين من الخمير الحمر. لقد عادوا بعد ذلك إلى بلدهم. في كيغالي وبعد عشرين عاما على الاحتلال فإن المحررين الأوغانديين لا يلمحون مطلقا للعودة إلى بلدهم.
ويختم أندريه سيروا مقاله في صحيفة لودوفوار بالقول: بعد عشرين سنة يتوجب علينا أن نتمنى بأن يحل اليوم الذي نعيد فيه العدالة للضحايا عبر كشف الحقيقة عن كل ما جرى.
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.