تناول اليوم كاتب العمود في صحيفة "لو دوفوار" سيرج تروفو أحكام الإعدام التي صدرت في مصر بحق المئات من مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي في مقال بعنوان "إكليل الكوارث".
يقول تروفو إن مصر تتميز كل شهر بما يسميه "بطولة الكوارث". فبعد أن أصدرت سلطاتها القضائية أحكام إعدام بحق نحو 530 من ناشطي جماعة الإخوان المسلمين والمتعاطفين معها، ها هي تصدر أحكام إعدام بحق نحو 700 شخص آخرين، من المنتمين للجماعة والمتعاطفين معها.
يُشار هنا إلى أن محكمة الجنايات في محافظة المنيا في جنوب مصر أصدرت يوم الاثنين أحكاماً بالإعدام بحق 683 شخصاً من مؤيدي الرئيس المصري المعزول القادم من جماعة الإخوان المسلمين، متهمين بقتل وإصابة أفراد من الشرطة والتحريض على ذلك في أحداث عنف وقعت في المنيا في آب (أغسطس) الفائت. والمتهمون ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين أو هم من مناصريها، من بينهم مرشد الجماعة محمد بديع. وخفضت المحكمة عقوبة الإعدام إلى أحكام مؤبدة بالسجن 25 عاماً لـ492 شخصاً من أصل 529 سبق لها أن حكمت عليهم بالإعدام في آذار (مارس) الفائت، فيما ثبتت حكم الإعدام على المتهمين الـ37 الباقين.
ويقول تروفو إن هذه المحاكمات الجماعية في مصر هي، حسب الأمم المتحدة، الأكبر من نوعها في العالم في التاريخ المعاصر، ويصفها بأنها مجموعة من عمليات ليّ ذراع العدالة.
ويرى الكاتب أن هذه المحاكمات تكشف بشكل خاص التغيرات العميقة التي أدخلتها قيادة الجيش المصري على إدارتها للعلاقات مع الإخوان المسلمين. ويضيف أن الرجل القوي الجديد في مصر، المشير عبد الفتاح السيسي، قرر اعتماد الطرق التي استخدمها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وبالتالي التخلي عن تلك التي اتبعها خلفه الرئيس الراحل أنور السادات ومن بعده الرئيس حسني مبارك. فبعد ميل إلى "الوحشية" في حقبة عبد الناصر، دأب السادات على اتباع سياسة العصا والجزرة، فسمح هو وخليفته مبارك للإخوان المسلمين مواصلة أنشطتهم الاجتماعية والاقتصادية والخيرية، كما أذنا لهم بالتقدم لبعض الانتخابات ولكن بأعداد محدودة.
ويمضي تروفو في السياق نفسه فيقول إن السيسي، ومنذ أن أضحت أدوات السلطة بين يديه، اعتمد الأسلوب الخشن العزيز على عبد الناصر وحتى متجاوزاً إياه في مجال العنف. فعبد الناصر أدخل 20 ألف شخص السجن بين عاميْ 1952 و1955، أي في الفترة التي ركز فيها هجومه على الإخوان المسلمين والليبراليين والاشتراكيين. ومنذ تموز (يوليو) الفائت، أي منذ عزل مرسي، دخل 19 ألف شخص السجن، وأصيب 17 ألف شخص بجراح وقُتل 2500 شخص.
ويرى تروفو أن السيسي، وبخلاف أسلافه ومن بينهم عبد الناصر، قرر استخدام كافة الأدوات المتوفرة في الدولة في حربه ضد جماعة الإخوان، مع مطالبته المؤسسة الدينية وكافة وسائل الإعلام وسواها أن تشارك في هذه الحرب ضد الجماعة ومرشدها والرئيس المعزول وكل من لا يذعن لأوامر العسكر. وبذلك يختلف السيسي كثيراً عن مبارك والسادات اللذيْن حرصا على حصر أدوات القمع ضد جماعة الإخوان بأيدي أجهزة الاستخبارات وعدم اتخاذ إجراءات من شأنها أن تثير الاعتراض والخصام ضد المؤسسة العسكرية والقضاء وسواهما، بينما أفعال السيسي على كافة الأصعدة تجعل من المؤكد أن المصالحة السياسية مع الإخوان المسلمين أضحت مستحيلة، يقول الكاتب.
ويخلص سيرج تروفو في "لو دوفوار" قائلاً إنه من المؤكد أن بين التسعة عشر ألف إنسان القابعين في سجون بلد حقوق الإنسان فيه وهم وخيال، سيسمع المئات دعوات الجهاد. وبتعبير آخر، لقد أطلقت دعوة أخرى للصخب السياسي.
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.