بدأت قصة الطباعة في كندا في الثالث والعشرين من آذار (مارس) من عام 1752.
ففي ذاك التاريخ، وكان يوم اثنين، قام جون بوشل (John Bushell) ببيع نسخ من "ذي هاليفاكس غازيت" (The Halifax Gazette) في مشغله الصغير للطباعة الكائن في شارع غرافتون (Grafton Street) في مدينة هاليفاكس الواقعة على ساحل المحيط الأطلسي والتي كانت العاصمة الجديدة لمستعمرة نوفا سكوشا البريطانية آنذاك.
كانت الصحيفة أسبوعية وتتكون من عموديْن من الأخبار والإعلانات مطبوعيْن على نصف ورقة من حجم "فولسكاب". أخبار موجزة من بريطانيا وسائر أوروبا، ومن إقليم نيو إنغلاند (New England) غير البعيد عن هاليفاكس والمطل هو الآخر على الأطلسي، والواقع اليوم في شمال شرق الولايات المتحدة، وأخبار من سائر المستعمرات البريطانية الواقعة إلى الجنوب من نيو إنغلاند على ساحل الأطلسي. أخبار تهم المسؤولين الحكوميين المحليين والضباط والجنود وكبار التجار.
كانت هاليفاكس عاصمة نوفا سكوشا، لكنها كانت مدينة حديثة عندئذ، عمرها ثلاث سنوات فقط ويقطنها أقل من أربعة آلاف نسمة، وبالتالي لم تكن أخبار مجتمعها تأخذ حيزاً يُذكر من عموديْ الصحيفة، فكانت الإعلانات تشكل المحتوى المحلي لـ"ذي هاليفاكس غازيت": إعلان عن مدرسة، وآخر عن بيع الزبدة في أحد المتاجر، وثالث عن إعداد الوثائق القانونية، وما إلى ذلك.
صحيح أن العدد الأول من "ذي هاليفاكس غازيت" تضمن خبر وفاة التاجر والمسؤول المحلي والقائد العسكري البريطاني جون غورهام (John Gorham) بداء الجدري في لندن، لكن يجب الانتظار حتى عام 1769 لقراءة أخبار اجتماعية، من أعراس ووفيات وولادات، بصورة دورية في الصحيفة.
ولم تكن الطباعة مهنة جديدة لبوشل، لكن مرتبته كأول من أدخلها إلى كندا كانت وليدة الصدفة. فبوشل كان يملك بالشراكة مع بارثولوميو غرين (Bartholomew Green) مشغل طباعة في مدينة بوستن، على الساحل الشمالي الشرقي للولايات المتحدة حالياً. وفي تموز (يوليو) من عام 1751 قدم غرين إلى هاليفاكس بهدف نشر صحيفة فيها. لكنه لم يستلم آلة الطباعة حتى الرابع عشر من تشرين الأول (أكتوبر) من ذاك العام، عندما أوصلتها إلى هاليفاكس سفينة شراعية صغيرة. إلاّ أنّ الموت خطفه بعد خمسة عشر يوماً على ذلك، قبل أن يطلق صحيفته، وكان في الثانية والخمسين من عمره. لكنه استطاع ضمن الفترة المذكورة نشر إعلان عن صحيفته المرتقبة.
ولمّا تلقى بوشل خبر وفاة شريكه اتخذ قراراً بالذهاب إلى هاليفاكس وجعل نفسه أول طبّاع في نوفا سكوشا، مستخدماً آلة الطباعة التي كان غرين قد تسلمها. وهكذا كان، ولم تلبث أسرته أن انضمت إليه، وعملت معه ابنته إليزابيث كمنضدة حروف طباعة وصحافية.
واستمرت "ذي هاليفاكس غازيت" بالصدور باسمها حتى عام 1765. وواصلت الصدور بعد ذلك تحت أسماء أخرى، كان آخرها "رويال غازيت" (Royal Gazette) في عام 1843. ولا تزال الـ"رويال غازيت" تصدر إلى يومنا هذا، بصورة أسبوعية، بصفتها الجريدة الرسمية لمقاطعة نوفا سكوشا الكندية.
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.