أزمة الجليد التي اجتاحت كيبيك وشلّت مناطق عديدة في المقاطعة وقطعت التيار الكهربائي لأسابيع طويلة عن آلاف المواطنين، ما زالت تحظى بالاهتمام بعد 16 سنة على حدوثها.
ففي الخامس من شهر كانون الثاني يناير 1998، وبعد انتهاء عطلة الميلاد، بدأت أمطار جليديّة تهطل بغزارة في العديد من أنحاء كندا. وتوقّعت المراصد الجويّة هطول ما بين 10 إلى 20 مليمترا منها.
وتراجعت درجات الحرارة إلى حدود الصفر، أي أعلى من المعدّلات الموسميّة.
وصحيح أن الكنديين معتادون على تقلّبات الطقس ومعتادون على بعض أيّام من الاعتدال في عزّ فصل الشتاء، لكنّ أحدا لم يعلم يومها أن كيبيك وبعض المناطق الكنديّة ستشهد أسوأ موجة جليد في تاريخها.
فقد هطلت الأمطار الجليديّة بغزارة ومع تدنّي درجات الحرارة تشكّلت طبقة من الجليد حول أسلاك الطاقة الكهربائيّة أسمك من قدرة الأسلاك على تحمّلها، ما أدّى إلى سقوطها وسقوط أعمدة ومحوّلات خصوصا في مناطق تقع شرق المقاطعة.
وتفاقمت الأزمة يوما بعد يوم وغرقت العديد من المناطق في الظّلام وحُرم المواطنون من وسائل التدفئة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي.
وسارعت الحكومة الكنديّة إلى مساعدة حكومة كيبيك في مواجهة الأزمة ومساعدة المواطنين عن طريق إقامة مراكز لإيوائهم وتوفير الدفء لهم في عزّ الشتاء القارس البرد.
وشارك نحو من 3 آلاف جندي كندي في دعم مؤسسة هيدرو كيبيك للطاقة الكهربائيّة في جهودها لإعادة التيّار إلى المنازل والمؤسّسات.
وتسبّب الجليد في تدمير 17 ألف كيلومتر مربّع من المساحات الحرجيّة وانهارت أشجار ضخمة تحت ثقل الجليد الذي تحمّلت منه ما يوازي 50 مرّة وزنها.
كما تأثّرت المزارع بالأزمة واضطر بعض المزارعين للتخلي عن قطعانهم من المواشي بسبب انقطاع التيار الكهربائي. إلاّ أن مزارعين آخرين يملكون مولّدات كهربائيّة تمكّنوا من تجاوز الأزمة.
واليوم وبعد ست عشرة سنة، ثمّة دراسات جديدة حول مضاعفاتها على صحّة النساء الحوامل اللواتي عانين منها والمضاعفات التي تركتها على أطفالهن.
يقول الصحافي في راديو كندا توما جيربيه بهذا الصّدد:
خلال أزمة الجليد كانت المواطنة جولي غرولو في الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل. وقد أمضت 25 يوما بدون كهرباء ولجأت إلى التدفئة بالحطب في منزلها في سان جان سور ريشوليو.
تقول جولي غرولو إن ابنها البكر لم يعاني أي مشكلة نطق أو تخاطب. لكنّ ابنها الثاني يعاني على مستوى الفم والبلعوم.
وتعتقد الوالدة أن مشاكل ابنها مع النطق والتخاطب تعود ربّما إلى فترة التوتّر النفسي التي عاشتها خلال حملها به.
وسوزان غرولو واحدة من بين 176 أمّا وافقن على المشاركة في دراسة تقوم بها أستاذة علم النفس في جامعة ماكغيل والباحثة الرئيسيّة في مستشفى دوغلاس سوزان كينغ .
وهي تتابع أطفال هؤلاء النساء الذين هم اليوم في السادسة عشرة من العمر، وهم من منطقة مونتيريجي في شرق كيبيك الأكثر تأثّرا بأزمة الجليد.
وقد وافقت الأمّهات على إخضاع أطفالهنّ لفحوصات سنة تلو الأخرى منذ بداية أزمة الجليد حتى اليوم.
وما زالت الباحثة سوزان كينغ تلاحظ وجود مضاعفات لديهم ناجمة حالة الإرهاق التي عاشتها أمهاتهم خلال أزمة الجليد. تقول الباحثة سوزان كينغ بهذا الصدد:
لقد لاحظنا وجود مضاعفات لدى الأشخاص الذين عانوا من مستويات مرتفعة ومنخفضة من الإرهاق.
وثمّة ترابط بحسب الباحثة سوزان كينغ بين عدد الأيام التي عاشتها الأم بدون كهرباء وأثّرت نفسيّا عليها من جهة، وبين نسبة ذكاء طفلها وذاكرته ونسبة السّمنة ومعدّل إفراز مادّة الأنسولين.
وتواصل كينغ أبحاثها بالتعاون مع معهد الأبحاث الوطني في مدينة لافال حول تأثير المشيمة أي غشاء الجنين الرقيق، وهي توضح مضمون أبحاثها بالقول:
ننظر إلى المشيمة كأنها واحدة من حواسّ الإنسان. فكما أننا نستخدم العين لالتقاط المعلومات حول محيطنا الخارجي، فالمشيمة حاسّة تلتقط تجربة الأم.
وتدعو كينغ في هذا الصدد حكومة كيبيك إلى الحفاظ على المشيمة بعد الولادة على غرار ما تفعله دول أخرى لإجراء أبحاث معمّقة حولها تساعد في معالجة مشاكل النمو لدى الأطفال.
وتنصح الأمهات بتجنب أي عامل مسبّب للإرهاق خلال فترة الحمل.
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.