تناولت صحيفة "ذي غلوب أند مايل" الرصينة والواسعة الانتشار في كندا في عددها الصادر أمس (النسخة الورقية) بمناسبة يوم كندا الوطني قانونَ الجنسية الجديد في مقال بعنوان "مشروع القانون سي-24 خاطئ: هناك نوع واحد فقط من المواطنين الكنديين".
تقول الصحيفة إن يوم كندا الوطني هو مناسبة يتأمل فيها الكثيرون بيننا، وبفرح، في معاني أن نكون كنديين. ولكن هذه السنة، لم تعطنا الحكومة الفدرالية في أوتاوا سوى القليل من الدوافع للاحتفال بهذه المناسبة، وذلك بسبب إقرار مشروع قانون الجنسية "سي-24" (Bill C-24)، تضيف الصحيفة.
من إحدى النواحي، هذا القانون جدير بالثناء، إذ يعزز الجنسية الكندية من خلال جعل الحصول عليها أكثر صعوبة. فالقانون الجديد يطلب من المهاجر إلى كندا أن يقيم فيها فترة أطول وأن يوقع إعلاناً بأنه فعلاً ينوي الإقامة فيها في المستقبل، قبل أن تمنحه السلطات الجنسية الكندية. وهذه خطوات جيدة ستؤدي، دون شك، إلى تخفيض عدد "كنديي الملاءمة"، أي أولئك الذين يحملون جوازات سفر كندية بهدف تسهيل أسفارهم حول العالم أو للحصول على خدمات قنصلية من الدولة الكندية في الوقت الذي لا تربطهم بكندا سوى صلات ضعيفة، تقول "ذي غلوب أند مايل".

وجه بالغ القتامة للقانون الجديد
لكن للقانون وجه آخر "أكثر قتامة بكثير" تضيف الصحيفة، فهو يعطي الحكومة الفدرالية حق نزع الجنسية الكندية عن أي شخص يحمل جنسيتين، الكندية وواحدة أخرى، في حال إدانته بتهمة إرهاب أو خيانة لكندا أو تجسس لصالح جهات أجنبية. وتبعات ذلك مقلقة وغير منصفة لـ863 ألف كندي يحملون جنسيتين، ترى "ذي غلوب أند مايل"، إذ تحدق بهؤلاء خطورة أن يُعاملوا على أنهم أقل كندية من سواهم. وهذا وجه قبيح وكاره للأجانب في هذا القانون الجديد، قد يناسب كثيراً بعض الناخبين لكن لا مكان له في كندا حديثة ومتعددة الثقافات، تقول "ذي غلوب أند مايل".

وتمضي الصحيفة بالقول إن الكنديين المدانين بجرائم أمام محاكم تتمتع بمصداقية يجب أن يُعاقبوا بموجب القانون، وهذا ما يحصل لهم فعلاً. لكن قانون الجنسية الجديد يعطي الحكومة الكندية صلاحية نزع الجنسية كنوع من العقوبة الإضافية. هذه العقوبة الإضافية زائدة عن الحاجة إذا كان حامل الجنسية الكندية مذنباً فعلاً بجريمة ما، وتصبح خطيرة بكل ما للكلمة من معنى في حال لم يكن مذنباً. فعلى سبيل المثال، بموجب القانون الجديد يمكن نزع الجنسية الكندية عن الصحافي في قناة "الجزيرة" محمد فهمي بسبب إدانته بتهمة الإرهاب أمام محكمة مصرية، تقول "ذي غلوب أند مايل". صحيح أن الحكومة الكندية قالت إنها لن تطبق أحكام القانون الجديد على فهمي، لكن مجرد أن يكون كلامها قد جاء رداً على سؤال يجب أن يدفعنا جميعاً للتوقف والتفكير في الموضوع، تضيف الصحيفة.
وزير المواطنة والهجرة الكندي، كريس ألكزندر، دافع عن القانون الجديد بالقول إن الجنسية الكندية امتياز وليست حقاً. هو مخطئ، تقول "ذي غلوب أند مايل". قد تكون الجنسية مصحوبة بمسؤوليات، لكنها حق. ومتى حُصل عليها بصورة شرعية، من خلال الولادة أو التجنيس، لا يمكن نزعها، تضيف الصحيفة. وقانون الجنسية الجديد يعطي الحكومة الفدرالية ذاك النوع من القوة الكاسحة المألوفة في الأنظمة الديكتاتورية، لا في دولة ديمقراطية مبنية على حكم القانون وحيث جميع المواطنين متساوون. والتعديلات التي أدخلتها حكومة المحافظين في أوتاوا على قانون الجنسية تفتت تلك المبادئ الأساسية، وتضع نظام جنسية بمستويين يضعف معاني أن يكون الإنسان كندياً، تختم "ذي غلوب أند مايل".
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.