تناول اليوم كاتب العمود في صحيفة "لو دوفوار" الصادرة بالفرنسية في مونتريال سيرج تروفو وضع مسيحيي الشرق عقب نزوح مسيحيي الموصل في شمال العراق عن مدينتهم تحت تهديد تنظيم "الدولة الإسلامية".
يقول سيرج تروفو في مقاله الذي يحمل عنوان "مِن اللامبالاة" إن نزوح مسيحيي الشرق الذي بدأ قبل سنوات عديدة يتواصل في ظل لامبالاة شبه شاملة. هذا النزوح مأساة تتواصل في الخوف وعلى درجة عالية من المرارة. ويضيف الكاتب أن مسيحيي العراق يتعرضون اليوم لوحشية مفرطة من قبل من يصفهم بـ"مجانين الله" الملتحقين بتنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يقوده أبو بكر البغدادي الذي نصب نفسه خليفة للمسلمين باسم "الخليفة ابراهيم".
والبغدادي المسكون برفض التقدم والتنوير، وبكراهية الآخر "الكافر"، وجه انذاراً ذا وحشية نادرة لآلاف المسيحيين في الموصل، ثانية كبريات مدن العراق، بأن عليهم أن يعتنقوا الإسلام أو أن يدفعوا الجزية أو أن يرحلوا عن المدينة، وإلاّ كان مصيرهم القتل، يقول سيرج تروفو في "لو دوفوار".

ويتابع الكاتب بأن ما يحدث في العراق حالياً يمكن رؤيته أيضاً في الشرقين الأدنى والأوسط. فمن المعلوم، كما يقول، أن الأقباط في مصر يعانون تمييزاً بحقهم أرسته السلطة المركزية بشكل قانوني، هذا إضافة إلى أنهم ضحايا عنف متواصل غالباً ما يكون حصيلة شائعات. والمسيحيون في هذه المنطقة من العالم ضحايا عنصرية تتغذى من الدولة، يرى سيرج تروفو، ويعطي مثلاً على ذلك أنه ممنوع على المسيحيين في المملكة السعودية أن يُصلّوا بشكل علني، وإن فعلوا يتعرضون للعقاب.
ويرى الكاتب في ما يصفه بـ"شكل جديد" من الحرب على المسيحيين ترجمةً لتغيير أمر به رجال الدين. فالمسيحيون في العراق ومصر وسواهما من دول المنطقة ما عادوا يُعتبرون "أهل الكتاب" بل كفاراً وملحدين، وبنظر المسلمين السنة أصبح من الواجب إخضاعهم للقمع الذي يخضع له المسلمون الشيعة خارج إيران ولبنان والعراق، يقول سيرج تروفو.
ويعطي الكاتب بعض الأرقام واصفاً إياها بالـ"مذهلة"، فيقول إن عدد المسيحيين في العراق عشية الهجوم العسكري الأميركي عليه عام 2003 كان مليوناً ونصف المليون، أمّا اليوم فلم يبقَ منهم في هذا البلد سوى 400 ألف. ومسيحيو سوريا تقلص عددهم كثيراً جراء الحرب الأهلية في بلدهم، ومسيحيو لبنان كانوا يشكلون أكثرية السكان وأضحوا أقلية. وإذا أصبح عدد المسيحيين في هذه المنطقة الأدنى في العالم، فلأن نزوحهم عنها لا يثير سوى اللامبالاة من العالم، يختم سيرج تروفو في "لو دوفوار".
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.