"دخلت كندا الحرب العالمية الأولى كمستعمرة بريطانية وخرجت منها دولة مستقلة "
يوم اندلعت الحرب العالمية الأولى في مثل هذا اليوم منذ مئة عام كان الاعتقاد السائد في أميركا الشمالية أنها حرب أوروبية وبالتالي لا دخل للعالم الجديد فيها فلم تشارك الولايات المتحدة فيها في البداية . أما الكنديون فكانوا منقسمين بشأنها فالناطقون بالإنكليزية كانوا أكثر حماسة من الناطقين بالفرنسية دفاعا عن الوطن الأم ، بريطانيا ، أما الفرنسيون الكاثوليك في غالبيتهم العظمى ، فبالرغم من الروابط التاريخية واللغوية والثقافية مع فرنسا لم يكونوا مستعدين للدفاع عن فرنسا التي تنكرت للكاثوليكية واعتمدت العلمانية قبل اندلاع الحرب بتسع سنوات . إضافة إلى كون غالبيتهم من الريف وهمهم الأول بالتالي العناية بمزروعاتهم . بدليل أن أول كتيبة كندية شاركت في الحرب في تشرين الأول – أوكتوبر كانت تتشكل من ثلاثين ألف جندي متطوع بينهم فقط ألف ناطق بالفرنسية.
وشهدت كندا جدالا عنيفا حول التجنيد الإجباري سيما وأن عدد الجنود الكنديين يوم اندلاع الحرب لم يكن يتجاوز الثلاثة آلاف جندي نظامي . علما أن عدد الجنود الكنديين الذين شاركوا فيها لاحقا حتى اتفاق فرساي ، بلغ ستمئة وعشرين ألف جندي قتل منهم ستون ألفا.
كيف ينظر الكنديون إلى هذه الحرب ؟ يجيب المؤرخ وأستاذ التاريخ في جامعة مونتريال كارل بوشار في حديث إلى راديو كندا :
"نظرة الكنديين إلى الحرب اتخذت منحى وطنيا خلال القرن العشرين ، فقد نظر للصراع على أنه مسيرة باتجاه الاستقلال الكندي وتحديد الهوية الوطنية . من هنا مقولة : "دخلت كندا الحرب العالمية الأولى كمستعمرة بريطانية وخرجت منها دولة مستقلة " من هنا فللحرب الأولى إيجابية إذا جاز القول فهي ساهمت في وضع كندا على الخارطة السياسية الدولية ، ويفاخر الكنديون أن كندا وفعت على اتفاقية فرساي كدولة مستقلة لا كمستعمرة بريطانية . وبنت الحكومات الكندية ابتداء من مطلع الخمسيات على معركة فيمي التي لم تكن ذات أهمية خلال الحرب وركزت على إحيائها سنويا كإحدى مكونات الهوية . وسيبالغ الكنديون بذكر بطولات جنودهم في تلك المعركة إلى درجة اعتبار أن بريطانيا كافأتهم بالسماح لهم بتوقيع اتفاقية فرساي "
لكن لكارل بوشار رأيا مختلفا حول هذا الموضوع :
"إن تضحيات الكنديين كانت بلا شك مهمة لكن بالمقابل كان من مصلحة بريطانيا أن يكون لها صوت إضافي يصوت لمصلحتها في عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى . وما من شك أن المشاركة الكندية أدت إلى تكوين جيش نظامي اكتسب سمعة عالمية وبات بقيادة ضابط كندي وليس بريطانيا ."
كيف تم إقناع الكنديين بالتطوع في حرب تبعد آلاف الكيلومترات عن حدودهم ولا تهددهم مباشرة ؟
يجيب كارل بوشار : عند اندلاع أية حرب يزداد الشعور العام بضرورة الوحدة الوطنية والتضامن والحاجة إلى الدفاع عن الوطن والحضارة . بالنسبة للإنكليز الأمر كان سهلا : الدفاع عن الوطن الأم والحضارة الإنكليزية . لكن الفرنسيين لم يكونوا متحمسين للدفاع عن الإمبراطورية البريطانية المستعمرة فكان لا بد من إيجاد دافع . ويضيف :
"سيتم كثيرا استعمال بلجيكا الصغيرة كعامل تجييش . وكون بلجيكا الكاثوليكية الصغيرة المحتلة من قبل البروتستانت سيكون حافزا للكنديين الفرنسيين الكاثوليك ، يوم كان الدين طبعا محركا وعاملا أساسيا في المجتمع الكيبيكي الفرنسي . ولطالما استعمل رجال الدين هذه الحجة أكثر من حجة الدفاع عن فرنسا العلمانية لإقناع الكنديين الفرنسيين بالتطوع ."
مئة عام على انطلاق الحرب العالمية الأولى بويلاتها ... والعالم لم يتعلم !!استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.