يوم سقط الرئيس العراقي صدام حسين ، تفاءل الكثيرون بعودة الديموقراطية وبمستقبل واعد في كنف الأسرة الدولية بعد خلافات وعقوبات اقتصادية أثقلت كاهل العراقيين ، بينما تشاءم البعض الآخر بالحاضر والمستقبل ورأوا في سقوط صدام نهاية عهد من استقرار ولو نسبي ولو مفروض بالقوة وبداية صراع على السلطة يتعدى السياسة إلى المذاهب والأعراق بين السنة والشيعة والعرب والأكراد ، وأن ما بعد صدام حسين سيكون أسوأ.
فما الذي جرى حتى انقلب حلم السلام ووعد الرفاهية إلى كابوس يعاني منه العراقيون منذ أكثر من عشر سنوات ؟
هيئة الإذاعة الكندية طرحت السؤال على مدير البحوث في معهد البحوث الدولية والاستراتيجية في باريس الأستاذ كريم إميل بيطار فرأى أن المشكلة الأساسية تكمن في طريقة إطاحة صدام حسين دون التحضير لمرحلة ما بعده وأضاف :
"لقد سمح لإيران بزيادة تأثيرها في العراق عبر تصاعد قوة الشيعة العراقيين الذي سرعان ما أسفر عن شعور بالإذلال ومشاعر الغضب في أوساط العراقيين السنة يستفيد منها حاليا مسلحو الدولة الإسلامية وتحول العراق إلى ساحة مواجهات بين القوى الإقليمية وبخاصة بين إيران والعربية السعودية ، وها نحن الآن ندفع ثمن عشر سنوات من أخطاء كبيرة ارتكبتها الولايات المتحدة والسلطات العراقية والقوى الإقليمية. لقد تم تفكيك قوى الأمن والجيش العراقيين ما جعل البلاد مفككة ومهددة بالتقسيم."
ويعتبر البروفسور كريم بيطار أن ما يقوم به مسلحو الدولة الإسلامية فظيع يهدف إلى نشر الذعر في أوساط الأقليات ويضطرهم إلى الهرب ويضيف:
"لقد توصلوا عبر هذه الوحشية غير المعقولة إلى التأثير على مهمشين من أوروبا ومن العالم العربي فينضمون إليهم . فالشباب الذين يعانون من الاكتئاب والضياع ويعتقدون أنهم سيتغلبون على تلك المشاعر والطروحات الوجودية عبر الجهاد ينضمون إلى صفوفهم وها نحن نشهد حاليا آلاف الشبان الأوروبيين يحاربون في العراق وسوريا."
وعن تمكنهم ، على قلة عددهم، من التقدم واحتلال المرافق والمدن ، يقول البروفسور كريم بيطار :
"مرد ذلك إلى تفكك السلطة ، والجيش العراقي غير قادر على لعب دوره ولأن رئيس الحكومة نوري المالكي اضطهد العراقيين السنة طيلة عشر سنوات فباتوا مهمشين عن السلطة وغير متحمسين للثقة بها والدفاع عنها والجهاديون يستفيدون من هذه الأرض الخصبة لتحقيق المكاسب لكن الوضع يمكن أن يتغير وبسرعة إزاء ما نشهده اليوم من تحالفات لقوى متناقضة ، بين الولايات المتحدة وإيران والسعودية والأكراد وحتى حزب العمال الكردستاني الذي كان يصنف إرهابيا منذ مدة قصيرة كلهم باتوا اليوم في خنق واحد لمنع قيام الدولة الإسلامية. وقد نكون حاليا نشهد فترة نشوة يشعر بها مسلحو الدولة الإسلامية الذين سرعان ما سيكتشفون أنهم غير قادرين على حكم دولة بحجم العراق " يختم البروفسور كريم إميل بيطار حديثه إلى هيئة الإذاعة الكندية.استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.