الحديث عن الموازنة يقودنا عادة إلى عالم الاقتصاد لنغوص في الأرقام وفي إنفاق الحكومات للمال العام وجهودها لتحقيق الفائض المالي وتجنّب الوقوع في العجز.
ولكنّ الحديث عن الموازنة البيئيّة مختلف كليّا حتى ولو كان العجز مقلقا في كل الحالات.
وثمّة من دقّ ناقوس الخطر محذّرا من مغبّة العجز البيئي ومن أن العالم أصبح مدينا.
فقد أصدرت منظّمة "فوتبرنت نيويورك" غير الحكوميّة تقريرا أشارت فيه إلى أن الأرض استنفدت موازنتها البيئيّة لهذه السنة في التاسع عشر من شهر آب اغسطس الجاري.
وهذا يعني أن التاسع عشر من الشهر الجاري هو يوم "تجاوز موارد الأرض" وتجاوز القدرة على تجدّدها.
الموازنة البيئيّة والقدرة البيولوجيّة: خطر استنفاد موارد الأرض
تقول الصحافيّة في راديو كندا جوهان لابيير إن المنظّمة خلصت إلى هذه النتيجة من خلال قياس البصمة البيئيّة أي الطلب على الموارد الطبيعيّة من جهة ومخزون الموارد الطبيعيّة أي ما يُعرف بالقدرة البيولوجيّة.
وقياس القدرة البيولوجيّة يتطلّب حساب قدرة الأرض على تجديد مواردها وامتصاص النفايات بما فيها ثاني اوكسيد الكاربون.
وخلال العام الحالي، استهلكت الأرض مواردها في ثمانية أشهر وستكون في عجز بيئي طوال أشهر السنة الباقية.
وهذا يعني أن اللجوء إلى مخزون الموارد الطبيعيّة سيزداد ويزداد معه حجم ثاني اوكسيد الكاربون في الغلاف الجوّي.

تفاوت الأوضاع من بلد إلى آخر:
ويشير تقرير منظّمة فوتبرينت إلى أن 85 بالمئة من سكّان العالم يعيشون في دول تستهلك موارد طبيعيّة تفوق قدرة الأرض على تجديدها.
ويعيش 72 بالمئة من سكّان الأرض في دول تعاني من عجز بيئي ومداخيل متدنيّة في آن معا.
لكنّ ثمّة دولا أوفر حظا ، من بينها كندا واستراليا والبرازيل التي هي من بين 14 بالمئة من الدول التي تتفوّق فيها القدرة البيولوجيّة على البصمة البيولوجيّة أي الطلب على الموارد الطبيعيّة.
ويقول ماتيس فيكماغل رئيس منظّمة فوتبرينت إن هذه الدول تواجه خيارات حاسمة إذ أن عليها أن تتعامل مع هذه الأصول الطبيعيّة كما لو أنها ثروات ينبغي حمايتها على المدى البعيد بدل تبذيرها بهدف تحقيق أرباح على المدى المنظور.

وتيرة استنفاد الموارد تتسارع:
ويشير تقرير منظّمة فوتبرينت إلى أن يوم استنفاد موارد الأرض يقترب من سنة إلى أخرى.
وعلى سبيل المثال، كان الموعد هذه السنة مبكّرا مقارنة بالعام الماضي.
وفي بداية الألفيّة الثانية، كان يوم استنفاد الموارد يصادف في شهر تشرين الأول اكتوبر.
وتراجع الموعد على مدى أربع عشرة سنة بنحو شهر ونصف عمّا كان عليه.
ولو عدنا إلى ستينات القرن الماضي، يفيد تقرير منظّمة فوتبرينت أن البشريّة كانت تستهلك ثلاثة ارباع موارد الأرض للحصول على الغذاء واللباس والمسكن.
وكانت قادرة في الوقت عينه على امتصاص الغازات المتسبّبة بالاحتباس الحراري.
وقد تجاوزت العتبة الحرجة منتصف السبعينات حيث بدأ استهلاك الانسان لموارد الأرض يتجاوز قدرتها على تجديدها.
يبقى القول إن التقارير والدراسات المتتالية تشكّل حافزا لمواجهة المخاطر التي تحدق بكوكب الأرض والتي لن يسلم أحد من عواقبها في حال استمرّت في التفاقم.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.