مع سعيد عقل في منزله في الحي الجديد بيروت عام 2000

مع سعيد عقل في منزله في الحي الجديد بيروت عام 2000
Photo Credit: بيار أحمراني

رحيل أيقونة الشعر العربي واللبناني

كلماته كما حجارة المعابد، تسكنها الصلوات  والأناشيد، مرصوفة مرصودة على اسم الجمال والحب والإيمان...الكلمة الملكة المعبرة بذاتها النظيفة غير الرخيصة، غير المبتذلة وغير المتسكعة على أعتاب الأنظمة والحكام والساسة ، الكلمة التي تصدم وتفاجئ ويسكنك الجمال عند سماعها والفرح والعنفوان..

قصائده كما الأعمدة، أعمدة الهياكل ، في حناياها تاريخ لا ينحني ، وفي انتصابها الأبدي توق لا يرتوي إلى الأعلى والأسمى..

كتاباته كما السيوف في حدها وصلابتها وعنفوانها والقمم في شموخها وتساميها وملامستها السماء..

لغته اللبنانية بالأحرف اللاتينية أغضبت إلا الضالعين والمطلعين على اللغات وتطورها ورقيها..

مشاريعه العمرانية العملاقة أضحكت إلا المؤمنين بالعظمة..

جائزته الشهرية كانت وساما على صدور المبدعين وصفعة على أوجه أهل المال والسياسة..

إنه سعيد عقل، شاعر الشعراء وكبيرهم ومالك ملكة اللغة كما لا أحد..

برحيله، رحل شيء من لبنان، لبنان العصر الذهبي، لبنان البطولة والكرامة والعنفوان ، لبنان اللبناني الذي لا ينتمي إلا للحضارة ولا يوصّف إلا بذاته ويرفض أي توصيف آخر ، كما كان يردد دائما..لبنان الذي لا يوازي إيمانه به إلا إيمانه بالله.

وقد غناه كما لم يغنه أحد نثرا في" لبنان إن حكى" وشعرا في مجموعة قصائد أنشدتها فيروز وماجدة الرومي:

وتغنى بعاصمة الأمويين فضاهى شعراءهم في عدة قصائد أجملها : "بالغار كللت" سائليني" و"قرأت مجدك" :

وبالرغم من موقفه السياسي الحاد من الفلسطينيين في لبنان، كان إلى جانبهم في صراعهم الوجودي:

وغنى مكة مهد الإسلام:

أما قصائد الحب فأكثر من أن تحصى وتعد وكلها تنساب كما الجداول في هدوئها واندفاعها وكما الموسيقى بنقائها وكِبرها وبراءتها وتوقها الأبدي للجمال:

نسج أجفانك من خيط السهى كل جفن ظل دهرا يُنتظر أو:

هني بحبن بس إنتِ كتر ما تجمع بعينيك حلا

من قبل ما بهالكون كنتِ كنت صليلك أنا

أو: وقالو غمرني مرتين وشد

شوف الكذب لوين

مرة منيح تنين

ولا ردتو إيدي ولا هو ارتد

شو بيفضحو أسرار

ومشوار شفتو وما رجع مشوار.

عن شعر سعيد عقل يقول الكاتب الكندي اللبناني إبراهيم الغريب:

أما عن لبنان سعيد عقل، فيتحدث قنصل لبنان العام في مونتريال الأستاذ فادي زيادة:

وتبقى كلمة لا بد منها بشأن الحملة الحاقدة وغير المنصفة لإرث سعيد عقل الثقافي الفكري الشعري جراء بعض مواقفه السياسية والسؤال: هل يفقد شعر الشاعر الفرنسي الكبير لوي آراغون جماليته لأن الشاعر شيوعي في نظر غير الشيوعيين؟ وهل تفقد قصائد الشاعر الفلسطيني محمود درويش روعتها في تقييم من يعادي الثورة الفلسطينية؟ وهل قصائد الشاعر السوري نزار قباني تفقد عظمتها في نظر من يخالفه الآراء والمواقف السياسية؟

مهما يكن، يبقى سعيد عقل إيقونة الشعر العربي واللبناني بلا منازع  يرحل ويعود إلى تراب الأرض التي عشقها بسلام مع الذات وقد ترك عطرا لا يزول.استمعوا

إهداء بخط يده
إهداء بخط يده © بيار أحمراني
رؤوس أقلام إحدى محاضراته بالحرف اللبناني وبخط يده
رؤوس أقلام إحدى محاضراته بالحرف اللبناني وبخط يده
فئة:ثقافة وفنون
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.