قبل ثلاثين عاما بدأ الحلم الذي راود مجموعة من الشبان البهلوانيين والمهرجين الذين كانوا يشحذون الضحكة من المارة على إحدى الأرصفة أو في أحد الشوارع, لا زاد لديهم غير موهبة التفريج عن الناس عبر الضحك والفكاهة. وأنشأ الشاب غي لاليبرتيه مع مجموعة من الشبان في العام خمسة وثمانين من القرن الماضي سيرك الشمس الذي سيصبح بعد سنوات قليلة أشهر سيرك على الكرة الأرضية ويدخل مؤسسه في قائمة أشهر وأغنى الرجال في العالم, وبعدما كان يشاهد عروض سيرك الشمس عدة آلاف من الناس وصل هذا العدد إلى الملايين ولا تقلّ أعداد المشاهدين لعروض الشمس عبر العالم سنويا عن المليون مشاهد كما يقول جيل سانت كروا, أحد مؤسسي سيرك الشمس في مقابلة أجرتها معه هيئة الإذاعة الكندية.

هذه السنة يحتفل السيرك الكندي الشهير بالذكرى الثلاثين لتأسيسة ولهذه المناسبة تحييي جوقات غنائية الحفلات في مدينة مونتريال, وتنشد هذه الجوقات أجمل الأغنيات التي قدّمت خلال عروض سيرك الشمس الخمسة والثلاثين التي قدّمها على مدى ثلاثين عاما عبر أنحاء العالم ومنها العروض الدائمة كما في لاس فيغاس ودبي مثلا والعروض الجوالة التي تجوب بلدان ومدن العالم أجمع.
ويقول جيل سانت كروا إن سرَّ نجاح سيرك الشمس يكمن في الابتكار المتجدد دوما في العروض التي يقدّمها سيرك الشمس ويعّد سيرك الشمس سباقا في عدم إدراج الحيوانات في عروض السيرك كما كان التقليد سائدا ويعتمد سيرك الشمس في شكل خاص على أداء البهلوانيين والمهرجين وتجسيدهم لشخصيات وموضوعات عميقة ومؤثرة. من هنا إعطاء صفة المسرح لسيرك الشمس بكل ما تحمله هذه الصفة من أبعاد ومعاني فتتحوّل بعض العروض إلى عرض مسرحي حقيقي فيه كل مقوّمات المسرح من تمثيل وأداء وغناء ومؤثرات صوتية وكل ذلك بالتجسيد الإيمائي الإيحائي والغناء بأكثر من لغة وكأنه ليس المطلوب أن يفهم المشاهد الكلام وإنما يتفاعل بمشاعره وإحساسه.

مؤسس سيرك الشمس ومديره غي لاليبرتيه يقول إنه يلعب لعبة رجل الأعمال ولم يتوقف يوما عن اللهو بهذه اللعبة وهو لا يخاف على مصير مؤسسته ما دام يستلذ بهذه اللعبة. ويؤكد غي لاليبرتيه في حديث لهيئة الإذاعة الكندية بأنه لم يكن لديه لا المال ولا الخبرة ولا الشهادة العلمية عندما رغب مع مجموعة من أصدقاءه عيش حلمهم البسيط وتحويله إلى واقع. هذا الحلم يقول غي لاليبرتيه كان بسيطا جدا وقد حولناه بتعاضدنا وعشقنا لفن التهريج إلى حقيقة ساطعة وسرّنا أننا لا زلنا ننظر إلى سيرك الشمس كلعبة نلهو ونستلذ بها ولا شأن لنا برجال الأعمال وقواعد الخسارة والربح.
وتجدر الإشارة إلى أن ثروة غي لاليبرتيه تناهز الملياري دولار أميركي وقد وضعته مجلة فورب في المرتبة 261 في قائمة أغنياء العالم. وقد تكبد غي لاليبرتيه أكثر من 35 ملايين دولار في سبيل تحقيق حلم آخر في حياته وهو رحلة سياحية إلى الفضاء, وقد كان غي لاليبرتيه سائح الفضاء الكندي الأول حيث سافر في العام 2009 إلى الفضاء في رحلة استغرقت أثني عشر يوما على متن المكوك الفضائي سويوز.
هذا الفنان الكندي الذي انطلق إلى الفضاء كانت انطلاقته الأولى من الصفر والعدم حيث ترك غي لاليبرتيه منزل والديه في بيه سان بول في شمال مقاطعة كيبيك في ربيعه الرابع عشر وبدأ التهريج والهزل على الأرصفة والشوارع ليتحوّل اليوم إلى أحد مشاهير وأثرياء العالم...

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.