تناول مراسل راديو كندا (هيئة الإذاعة الكندية) في واشنطن، كريستيان لاتراي، في مدونته على موقع راديو كندا خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن "حالة الاتحاد" الذي ألقاه مساء أمس أمام الكونغرس.
يقول لاتراي في مقاله بعنوان "عودة أوباما" إن الرئيس الأميركي يبدو وكأنه أصبح مجدداً الرئيس المقاتل والملتزم الذي انتخبه الأميركيون عام 2008. فهو يظهر مجدداً هذه الثقة التي أتاحت له ارتقاء السلّم حتى بلوغ سدة الرئاسة.
فالإصلاحات التي أدخلها أوباما على نظام الهجرة، وتفاهمه مع الصين في مجال البيئة، والتقارب الدبلوماسي التاريخي الذي حققه مع كوبا، واقتراحه بزيادة ضريبة الدخل على كبار الأغنياء، تثبت جميعها أنه نجح في فرض أولوياته في الأسابيع الأخيرة. والنتيجة: معدل شعبيته بلغ 50%، أي بارتفاع 8 نقاط مئوية مقارنة بما أظهرته الاستطلاعات السابقة في الآونة الأخيرة، يقول لاتراي.
وتتناقض هذه الصورة مع صورة الرئيس الذي أضحى قبل بضعة أشهر خيال نفسه، يتحدث دون شغف، والذي نجح أخصامه الجمهوريون، الذين لم يتوقفوا عن مهاجمته في كافة الملفات، في إظهاره كسياسي غير كُفؤ، وحيد ومُنزوٍ، وصاحب أفكار اشتراكية، يضيف لاتراي.
فالرئيس الذي كان يجسد الأمل والتجدد لملايين الأميركيين في 2008 فقد كل وهجه في الخريف الفائت. قد يقول البعض إن أوباما هو المسؤول عن ذلك. وهو تعرض للملامة بسبب التقدم الميداني الذي حققه تنظيم "الدولة الإسلامية" المسلح في سوريا والعراق، كما أن وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون ووزير الدفاع السابق روبرت غيتس اللذين خدما في إدارته انتقداه بشدة لعدم تدخله لكبح جماح هذا التنظيم الذي يرهب جزءاً من الشرق الأوسط، يقول مراسل راديو كندا.

كما وجه البعض اللوم لأوباما لأنه برأيهم لم يتقرب من الكونغرس بما فيه الكفاية من أجل بناء تحالفات وتسهيل تبني مشاريع القوانين والإصلاحات. باراك أوباما لن يكون مطلقاً بيل كلينتون، يقول لاتراي، فهو لا يملك فن التسوية والتفاوض الذي أتاح لسلفه الديمقراطي النجاة من كونغرس جمهوري كان شديد العداء له، هو الآخر، في عام 1994.
وتبلور دور أوباما ككبش فداء مع خسارة الديمقراطيين في الانتخابات النصفية الأخيرة في تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت. فمرشحو حزبه الديمقراطي لم يكونوا يرغبون برؤيته إلى جانبهم خلال حملاتهم الانتخابية بسبب التراجع الكبير في شعبيته.
والمفارقة أن الهزيمة الكبيرة للديمقراطيين في تلك الانتخابات يبدو وكأنها أعادت إلى أوباما القوة والحيوية للمنازلة، يقول لاتراي. فكان أن ألقى مساء أمس أحد أفضل خطاباته عن "حالة الاتحاد". خطاب يحمل أفكاراً تقدمية تلامس حدود الاستفزاز للكثير من الجمهوريين، ألقاه بثقة وحماس أمام كونغرس لم يعد يشرف عليه.
رفع الحد الأدنى للأجور، والمساواة في الرواتب بين الرجال والنساء، ومنح الأهالي مساعدة مالية لدور الحضانة هي كلها إجراءات تهدف لمساعدة الطبقة المتوسطة على النهوض بعد الأزمة الاقتصادية التي أضحت شيئاً من الماضي، كما كرر أوباما.
من المرجح أن هذه الأفكار الليبرالية لن تتحول إلى قوانين في كونغرس ذي غالبية جمهورية، لكن خطاب أوباما أمس وضع المحاور الرئيسية لحملة الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في عام 2016، يرى مراسل راديو كندا في واشنطن كريستيان لاتراي.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.