تناقلت وسائل الإعلام الكيبيكيّة نصّ رسالة وقّعها الكاتب دافيد بن سوسان الحائز على دكتوراه في الالكترونيّات من جامعة ماكغيل تحت عنوان: إعادة قراءة الكتب المقدّسة من أجل خدمة العقل لا استعباده.
ويعتبر بن سوسان أن إعادة قراءة النصوص خطوة مهمّة ليتمكّن الدين من خدمة العقل.
ويرى أن لكل الأديان قراءات متشدّدة للكتب المقدّسة تهدف ببساطة لاستعباد العقل.
"للكتب المقدّسة فوائدها الأخلاقيّة والروحيّة. ولكن، يحين وقت يحلّ فيه الضمير مكان الكتب المقدّسة ويعيد اللّه إلى مكانه" يقول دافيد بن سوسان في رسالته.
يتحدّث الكاتب دافيد بن سوسان في مقابلة أجرتها معه الصحافيّة في القسم الفرنسي في راديو كندا الدولي ماريز جوبان عن مفهوم الدين الطبيعي والدين الاصطناعي ويقول:
هنالك الدين الطبيعي العفوي لدى الإنسان. وإن أخذنا الجزء الثاني من الوصايا العشر ، لا تسرق لا تقتل لا تشته امرأة قريبك، نجد أن هذه القيم عالميّة شاملة.
امّا الدين المُنزل فهو في الجزء الآخر من الوصايا العشر. فهي تتضمّن الأخلاقيّات العلمانيّة او الأخلاقيّات بالفطرة التي هي تحت سلطة مطلقة وهو اللّه.
ويتابع دافيد بن سوسان فيقول إن تصرّفاتنا لا تنبع من الخوف ولكن من الاحترام ، احترام سلطة مطلقة هي اللّه.
والأخلاقيّات العلمانيّة تقوى في ظلّ الدين بفضل هذه السلطة العليا كما يقول.

وماذا عمّا يقوله بأن الدين الاصطناعي كان السائد خلال حقبة سابقة وأننا اليوم أكثر في الدين الطبيعي؟
يجيب الكاتب دافيد بن سوسان بأن الغزوات كانت جزءا من المعتقدات الوثنيّة في الامبراطوريّات القديمة. وهدفت الحروب الدينيّة لتوسيع رقعة انتشار الدين ويضيف:
أعتقد أن الدين ليس كذلك بالضرورة بل هو قبل كلّ شيء رسالة شخصيّة تتوجّه للعقل وللعاطفة وتسيّر احتياجات المرء الروحيّة.
ويتابع مشيرا إلى تنامي موجة التشدّد ويتحدّث عن تصادم الحضارات ويضيف موضحا:
هنالك الحضارة الإسلاميّة التي عرفت أوجها الثقافي والتقني والحضاري في الماضي. وهي ترى اليوم أن الغرب ودول اوروبا تفوّقت عليها على أكثر من صعيد.
وهي تسعى لمواكبة الحداثة ولكنّها لا تنجح في مواجهتها بصورة مباشرة وتعود كردّة فعل إلى الكتاب المقدّس.
ويتابع دافيد بن سوسان فيشير إلى أمور عديدة تزعج الإسلام من بينها أوضاع المرأة وتحرّرها الذي لا يلقى بعد القبول الكافي.
هذا فضلا عن حريّة الرأي وحريّة التعبير التي ترفضها العديد من المجتمعات كما يقول ويتابع:
عندما تكون هذه المجتمعات غنيّة كما في الدول النفطيّة مثلا فالأموال تذهب بمعظمها للأمراء أكثر منه للشعب.
وكلّ ذلك يولّد حالة استياء شديد ولا يجد الناس أنفسهم بداخلها، وهم تشرّبوا عقليّة دينيّة كانت مهيمنة فيما مضى.
ويؤدّي بهم الأمر إلى مواجهة بين الحداثة والإرث الديني يقول دافيد بن سوسان.
ويدفع بالبعض أحيانا للعودة إلى الدين حتى لو لم يكونوا متديّنين قبل ذلك.

وماذا عمّا يقوله في رسالته من أنّ الدين الطبيعي الفطري لا يضمن عدم الرجوع إلى الوحشيّة ويستشهد على ذلك بالنازيّة.
يجيب الكاتب دافيد بن سوسان بأنّه من غير المؤكّد إطلاقا أن عدد ضحايا الحروب الدينيّة يفوق عدد ضحايا الحروب التي لم تُشنّ باسم الدين.
والوحشيّة حسب قوله موجودة في أيّ مكان. والأخلاق بالفطرة لا تكفي لمنعها ويضيف:
لقد اقترح الدين سبلا مختلفة لذلك. ففي اليهوديّة القانون يدعو إلى جعل الفرد مسؤولا عن أعماله.
وفي المسيحيّة الإيمان يقضي بأن نظهر للعدوّ جانبا آخر من ذواتنا لكسر حلقة العنف. وفي الإسلام هنالك الخضوع المباشر.
وهذا تبسيط للمساعي التي تهدف لمواجهة مشاكل العيش المشترك في المجتمعات.
ويشير بن سوسان إلى وجود تناقضات في الكتب المقدّسة في بعض الأحيان ومن الممكن فهمها بطرق عديدة.
وثمّة أمور تأتي بالفطرة السليمة ونجد جوانب عديدة لفهمها في الكتب المقدّسة.
وعندما نختار واحدا من هذه الأوجه دون سواه فإننا لا نلبّي الحاجة الفكريّة المطلوبة.
وينبغي كما يقول الكاتب قراءة الكتب وفهمها بتأنّ وتمعّن بعيدا عن الإيمان الأعمى.
ويتابع مشيرا إلى المثليّة الجنسيّة فيقول:
الحديث عن المثليّة الجنسيّة مختلف اليوم وعلينا فهمه بطريقة مختلفة.
وإن كانت المثليّة جريمة في نظر الكتب المقدّسة وإذا كنّا نرى اليوم أن اجواءها غير ملائمة ليكبر الأطفال فيها، فلن نذهب إلى حدّ معاقبة أيّ كان والحكم عليه بسببها.
ويمكن التفكير في النصوص في هذه الحالات والاحتكام إلى الأخلاق بالفطرة.
ويضيف فيتحدّث عن قراءات متشدّدة لكتاب العهود وقراءات متشدّدة لكافة الكتب المقدّسة.
والقراءة المتشدّدة التي تأخذ النصوص بحذافيرها تؤدّي للإساءة وإلى عبوديّة الفكر وهو أمر مناف لروحيّة الأديان التي تهدف لخدمة الفكر يقول دافيد بن سوسان في ختام حديثه لراديو كندا الدولي.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.