صدر قبل أيّام كتاب بقلم الوزير الكيبيكي السابق كلود كاستونغي تحت عنوان: نهاية البقرات المقدّسة La fin des vaches sacrées يدعو فيه الكيبيكيين إلى الاسراع في اعتماد سياسة التغيير والتحرّر من سياسة الاتكال على خدمات الدولة المستمرّ منذ فترة طويلة.
"بشكل جماعي نحن تعوّدنا على الرفاهيّة وإن اردنا تطوير قدراتنا بصورة تامّة، ينبغي علينا تقييم النجاح " كتب الوزير كاستونغي .
يغوص الكاتب والسياسي المخضرم في كتابه في تفكير في العمق حول مستقبل كيبيك، وهو صاحب الخبرة في الشأن السياسي والملقّب بأب "التامين الصحّي" الذي يضمن للمواطن خدمات الطبابة والاستشفاء مجانا.
ويرى أنّه من المهم تثمين النجاحات التي يحقّقها الكيبيكيّون وتجنّب الأحكام المسبقة بشأنهم التي يردّها إلى جهل بطريقة عمل الاقتصاد.
الصحافي ومحرّر الاخبار الاقتصاديّة في تلفزيون راديو كندا هيئة الاذاعة الكنديّة جيرالد فيليون أجرى مقابلة مع الوزير كاستونغي وسأله أولا عن كتابه والغاية من توقيت إصداره. نستمع إلى ما يقوله كلود كاستونغي:
أعتقد أنّنا كمجتمع أمام خيارات صعبة لا يمكن تجنّبها. وإن حاولنا تجنّبها، سنستمرّ في التراجع الذي نشهده منذ فترة.
ويرى كاستونغي على العكس من ذلك أن اتخاذ الخيارات الصعبة من شأنه أن يعزّز القدرات الهائلة التي تزخر بها كيبيك.
ورغم أجواء التراجع تلك، يرى كاستونغي أن أغلبيّة من الكيبيكيين تؤكّد على أهميّة التغيير حتى ولو كانت تختلف في المنحى الذي يجب أن يسير فيه.
ويعود إلى مرحلة الثورة الهادئة التي عاشتها كيبيك في ستينات القرن الماضي ويقول بهذا الصدد:
في العام 1960 حصل تغيير في العمق إبّان الثورة الهادئة مع رينيه ليفيك وبول جيران لاجوا وجان لوساج الذي عمل على تنسيق التغيير.
ولديّ شعور بأنّنا نعيش اليوم مرحلة مشابهة لها يقول الوزير السابق كلود كاستونغي.
ويتحدّث عن تحوّل جذري عميق في المجتمع افرزته العولمة وصعود اقتصادات كبرى كالصين والهند ، فضلا عن انفتاح الأسواق واتفاق التبادل بين كيبيك والاتحاد الاوروبي.
ويرى أن التحوّل أعمق من ذلك الذي رافق الثورة الصناعيّة في القرن التاسع عشر. والتحوّل يحتّم اتخاذ الخيارات ولدى المواطنين من الحكمة ما يكفي لكي يشعروا بالتغيير ويدركوا أهميّة اتخاذ الخيارات الصعبة.
ويشير إلى اهميّة الانفتاح والتخلي عن ثقافة الاتكال على الدولة ويتابع قائلا:
ينبغي على المجتمع كي ينخرط في مشروع أو توجّه يتطلّب التغيير، أن يحصل على دعم المواطنين لينجح.
ولا يمكن التغاضي عن هذا التأييد ولا يمكن تحقيق النجاح عن طريق الإرغام يقول الوزير السابق كلود كاستونغي.
ويشير إلى أن الحكومة الكيبيكيّة الحاليّة تميل بعض الشيء نحو التشدّد بدل اعتماد خطّ التشاور.
ويذكّر بالخط الذي انتهجه رئيس حكومة كيبيك الأسبق لوسيان بوشار عام 1995 عندما قرّر القضاء على العجز في الموازنة.
ودعا في حينه أرباب العمل والنقابات والمجموعات الفاعلة إلى التشاور ووضع أهداف واضحة لتحقيق الهدف. وتكلّلت المهمّة بالنجاح يومها.
ويشير الوزير السابق ردّا على سؤال إلى تجربة الدول الاسكندنافيّة ويقول:
تبدي الدول الاسكندنافيّة الكثير من النضج السياسي. والسويد مثلا معروفة بسياستها الاجتماعيّة الديمقراطيّة والتزام الدولة في كافّة المجالات والمنعطف المهمّ الذي اتخذته على غرار الدانمارك وفنلندا.
وحقّقت هذه الدول نتائج مميّزة و معدّلات بطالة متدنّية ومستوى ازدهار ونمّو مرتفع وتنعم باستقرار اجتماعي مثير للإعجاب يقول الوزير السابق كلود كاستونغي.
ويعرب عن اعتقاده بأن الشعب الكيبيكي مستعدّ لإبداء هذا النضج السياسي إن امكن له أن يتعرّف عن كثب على تجربة الدول الاسكندنافيّة.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.