الدخول في الحرب، حتى إذا كانت الأسباب مبررة منطقيا وإنسانيا، يبقى أسهل من الخروج منها، والأمثلة كثيرة : الحرب الكورية والفيتنامية والأفغانية والعراقية وعشرات الحروب التي شهدها العالم منذ منتصف القرن الماضي. وسرعان ما يتراجع الدعم الشعبي للمشاركة في الحرب ليتحول شيئا فشيئا إلى رفض شعبي قاطع ومطالبة بالانسحاب أيا كانت النتائج والتبعات، سيما إذا طالت الحرب واتفع عدد الضحايا وانسدت آفاق الحل السياسي.
من هنا تخوف المعارضة الكندية من انزلاق كندا أكثر فأكثر في الحرب الدولية المعلنة على الإرهاب وخاصة بعد طرح الحكومة الكندية أمس مذكرة أمام مجلس العموم بتمديد فترة المشاركة الكندية لسنة كاملة وتوسيعها لتطال الأراضي السورية . ويضاف إلى هذا القلق تخوف من أن يؤدي التدخل الكندي في سوريا إلى تعزيز سلطة النظام القائم بعد أن كان الهم الغربي إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.
وفي رده على المذكرة الحكومية تساءل زعيم المعارضة الرسمية في البرلمان الكندي توماس مولكير كيف يجوز دعم النظام السوري الديكتاتوري :
"النظام السوري لبشار الأسد، بشار الأسد أسوأ أصناف الديكتاتوريين ومجرم الحرب الذي استهدف شعبه بالسلاح النووي". وأضاف مولكير أن الحكومة كذبت على الشعب "فمخططو الجيش الكندي قالوا لنا إن نجاح المهمة يرتكز على أمرين: هدف واضح واستراتيجية خروج محددة بدقة وهاتان الركيزتان غائبتان عن المهمة الحالية". وأكد مولكير "أن التصعيد العسكري لن يساعد الشعب العراقي ذلك أن المتمردين يستفيدون من التصعيد لدفع الناس إلى التطرف وتجنيد المزيد من المقاتلين ".
كما اعتبر الناطق بلسان الحزب في الشؤون الدولية بول ديوار "أن يشار الأسد قد نصب فخا وقعنا فيه" وأضاف: " لقد سمعنا خلال جلسات لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية مجموعة من الخبراء يشرحون كيف استعمل الأسد تنظيم "الدولة الإسلامية" لخدمة مصالحه فسمح لهم بدخول مناطق كانت خاضعة للجيش السوري الحر المعارض".
وكما الحزب الديموقراطي الجديد كذلك الحزب الليبيرالي المعارض الذي يخشى زعيمه جوستان ترودو من استفادة النظام السوري من ضرب تنظيم "الدولة الإسلامية":
"ليس بوسعنا دعم مهمة ستعزز سلطة الأسد في سوريا وهو المسؤول أكثر من "الدولة الإسلامية" عن سقوط عدد كبير من الضحايا. واعتبر ترودو "أن المشاركة المباشرة في المعارك لا تخدم مصالح كندا ولا تقدم حلا بناء للأزمة الإنسانية الكارثية في المنطقة"
ومع اعترافه بالقلق المبرر الذي يساور الشعب الكندي من إرهاب "الدولة الإسلامية" أكد ترودو أننا "نعرف كذلك أنه إزاء وضع معقد ومتغير يواجهه الرأي العام الدولي في سوريا والعراق ليس مسموحا لنا تغليب الغضب على حساب المنطق".
يبقى أنه مهما كانت مواقف المعارضة فمشروع القرار سيمر آجلا أم عاجلا في مجلس العموم نظرا للأكثرية النيابية التي يتمتع بها حزب المحافظين الحاكم.استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.