يتجسد في كندا اليوم الانقسام السياسي العقائدي التاريخي بين المكونين الرئيسين ، الناطقين بالإنكليزية والناطقين بالفرنسية إذ تحتفل كندا اليوم بعيدين يمكن وصفهما بعيدين متناقضين: فمن جهة تحتفل مقاطعة كيبيك ذات الغالبية الفرنسية بعيد
"الوطنيين" الذين قاوموا الاحتلال البريطاني، بينما تحتفل معظم المقاطعات الأخرى بعيد الملكة فيكتوريا، أي برمز التبعية للتاج البريطاني.
عيد الملكة:
بدأ الاحتفال بعيد ولادة الملكة فيكتوريا عام 1845 أي قبل تشكيل الكونفيديرالية الكندية وتحول بعد وفاتها عام 1901 إلى إحياء ذكرى الملكة يوم الأثنين الأول المصادف قبل الخامس والعشرين من ايار _ مايو. وواضح ما يحمل العيد من رمز للولاء لبريطانيا وهو أمر كان وما زال يثير انقساما في المجتمع الكندي .
عيد الوطنيين:
العيد إحياء لثورة العامين 1837 و 1838 التي وقعت في ما كان يعرف يومها بكندا السفلى، أي مقاطعة كيبيك حاليا، في أعقاب صراع طويل منذ مطلع القرن التاسع عشر بين الشعب والمحتل البريطاني. ففي ربيع العام 1937، استفاد الزعماء الإصلاحيون، وعلى رأسهم زعيم "الحزب الوطني" لوي جوزيف بابينو، من النزاع السياسي ليؤسسوا قوة عسكرية ثائرة . وبلغ النزاع ذروته في الخريف ما اضطر البريطانيين إلى سحب قواتهم من كندا العليا، أونتاريو حاليا، ونقلها إلى كندا السفلى لمواجهة الثورة. وطبعا لم تكن القوى متكافئة ورجحت الكفة لمصلحة القوات البريطانية بقيادة الجنرال جون كولبورن الذي انضمت إليه ميليشيا من المقاتلين من كندا العليا. ووقعت عدة مواجهات عنيفة بين الطرفين أبرزها ثلاث معارك: معركة سان دوني ، حيث حقق الوطنيون انتصارا لم يدم طويلا نظرا لقوة الجيش البريطاني معركة سان شارل حيث خسر الوطنيون في الخامس والعشرين من تشرين الثاني – نوفمبر ومعركة سانت أوستاش التي استسلم فيها الوطنيون في الرابع عشر من كانون أول - ديسمبر. وأعلنت القوات البريطانية الحكم العسكري ما اضطر زعماء الوطنيين، بمن فيهم بابينو، إلى الهرب إلى الولايات المتحدة وتم إلقاء القبض على مئات المقاتلين وترحيلهم إلى أوستراليا بينما أعدم آخرون شنقا.
أما الهنود من سكان كندا الأصليين فأعلنوا حيادهم لكنهم ساعدوا القوات البريطانية سرا نظرا لوجود معاهدات عسكرية ومعاهدات صداقة كانوا وقعوها مع الحكومة في السابق.
وفي أعقاب القضاء على الثورة، عينت بريطانيا حاكما جديدا على كندا السفلى، اللورد دورهام، الذي كلف بتقديم تقرير مفصل عن أسباب الثورة والسعي لتهدئة الأوضاع ودعا في تقريره إلى توحيد كندا العليا والسفلى بهدف تقليص استقلالية الكنديين الفرنسيين، فتم تأسيس "كندا الموحدة" عام 1840 بهدف دمج الفرنسيين وتذويبهم في المجتمع الإنكليزي الذي كان يتنامى سكانه يوما عن يوم جراء الهجرة الإنكليزية إلى الأرض الجديدة ، والحؤول بالتالي دون قيام ثورات أخرى.
ويرى المؤرخون أن نتائج تلك الثورة كانت منطلق تأسيس الفيديرالية الكندية عام 1867 .استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.