تناول الصحافي الاقتصادي جيرالد فيليون في مقال بعنوان "الاقتصادي والباني والأستاذ" على موقع راديو كندا (هيئة الإذاعة الكندية) الإرث الاقتصادي لرئيس حكومة كيبيك الأسبق جاك باريزو الذي توفي ليل الاثنين عن 85 عاماً.
وباريزو هو أول كندي يحوز على دكتوراه من كلية لندن للاقتصاد (London School of Economics) المرموقة، ودرّس مادة الاقتصاد ربع قرن من الزمن في معهد الدراسات التجارية العليا التابع لجامعة مونتريال، وكان مستشاراً لثلاثة رؤساء حكومة متعاقبين في مقاطعة كيبيك في ستينيات القرن الفائت قبل أن ينضم عام 1969 للحزب الكيبيكي الاستقلالي الذي كان قد أسسه في العام السابق رينيه ليفيك. وشغل باريزو منصب وزير المالية ثماني سنوات في حكومتيْن برئاسة ليفيك، وتزعم الحزب الكيبيكي منذ عام 1988 حتى مطلع عام 1996 عندما استقال من رئاسة الحكومة وزعامة الحزب والحياة السياسية بعد ثلاثة أشهر على فشله، وبفارق ضئيل جداً، بالفوز في الاستفتاء الشعبي حول استقلال كيبيك عن كندا.
يقول فيليون إنه التقى باريزو في أحد ممرات مبنى راديو كندا في مونتريال في خريف عام 2013، وكان رئيس الحكومة الأسبق خارجاً للتوّ من مقابلة سياسية. تصافح الاثنان وقال باريزو لفيليون "ينبغي قطعاً أن نتحدث عن الانتاجية، هذا هو المهم...".
وهذا ما جاء يشرحه باريزو فيما بعد، في منتصف كانون الأول (ديسمبر) من ذاك العام، في البرنامج الاقتصادي اليومي الذي يقدمه فيليون من المحطة الإخبارية التابعة لتلفزيون راديو كندا.
يقول فيليون إن باريزو أخذ الوقت اللازم، في تلك الحلقة من البرنامج، ليشرح كيف أن الكثيرين، من وجهة نظره، يعظمون مشكلة المديونية العامة في كيبيك وكيف أنه ينبغي بدل ذلك توجيه الانتباه إلى "مشكلة بنيوية" فعلية تتعلق بالمكننة والتشغيل الآلي والروبوتات الصناعية وتقنيات المعلومات في الشركات الصغيرة والمتوسطة في المقاطعة.
وبما أن 50% من إجمالي الناتج الداخلي في كيبيك تستند إلى الصادرات، كان من الملح برأي باريزو مساعدة تلك الشركات على تحسين انتاجيتها كي تتمكن من التوسع، يضيف فيليون.

ويذكّر الكاتب بأن باريزو شارك في بناء أهم المؤسسات الاقتصادية في مقاطعة كيبيك، ومن أبرزها "صندوق الودائع والاستثمارات" (Caisse de dépôt et placement du Québec) المناطة به مهمة إدارة أنظمة رواتب التقاعد في المقاطعة الكندية الوحيدة ذات الغالبية الناطقة بالفرنسية، و"هيدرو كيبيك" (Hydro-Québec)، شركة الكهرباء العامة في المقاطعة.
وأعطى باريزو دفعاً حاسماً للتنمية في مقاطعة كيبيك بإنشاء نظام أسهم التوفير الهادف لتشجيع المدخرين على الاستثمار في شركات كيبيكية.
ويقول فيليون إنه عندما وصل الحزب الكيبيكي إلى الحكم في كيبيك في خريف عام 1976، كانت الدولة الكيبيكية تسعى للتخفيف من وقع التضخم الناجم عن الصدمة النفطية الأولى ومن وقع العجز الناجم عن تنظيم الألعاب الأولمبية في صيف ذاك العام. فحاول باريزو المعين حديثاً وزيراً للمالية الحد من تنامي الاستدانة. لكن رغم ذلك واصل الدين العام نموه، وبوتيرة أكبر مع دخول عقد الثمانينيات، ما دفع الحكومة إلى إجراء اقتطاعات شديدة القسوة في رواتب موظفي القطاع العام عام 1982.
ويضيف فيليون أن باريزو حرص حتى النهاية على التهوين من أهمية الدين العام في كيبيك، وكان يرى أنه عندما تستثمر الدولة تحفز الاقتصاد، لكن عليها الاستدانة لأجل ذلك. ويضيف الصحافي أن رئيس الحكومة الأسبق قال عندما حل ضيفاً في برنامجه في نهاية عام 2013 إن الدين العام في كيبيك "يمكن إدارته". كان يرفض أي تحليل كارثي عن وضع المالية العامة في كيبيك، يقول فيليون.
ويختم جيرالد فيليون بأنه على الصعيد الشخصي، وبفضل مهنته كصحافي اقتصادي، كان لديه الحظ بالتحدث مع باريزو بضع مرات. "تحدثت إلى الأستاذ، فقدرت دقائق الفكر لديه ونظرته المطلعة على الاقتصاد والمالية وروحه المستقلة"، يقول فيليون.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.