اثنان من سكّان كندا الأصليّين يتعانقان خلال لقاء مع لجنة الحقيقة والمصالحة في فانكوفر

اثنان من سكّان كندا الأصليّين يتعانقان خلال لقاء مع لجنة الحقيقة والمصالحة في فانكوفر
Photo Credit: PC/DARRYL DYCK

سكّان كندا الأصليّون: الحقيقة طريق نحو المصالحة

مدارس سكان كندا الأصليين الداخليّة كانت أداة أساسيّة لإبادة ثقافيّة. ووحده التزام الدولة بمنحهم المساواة في الفرص يعبّد الطريق نحو المصالحة.

هذا ما خلص إليه تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة بشأن سوء المعاملة التي لحقت بالشباب من أبناء السكّان الأصليين على مدى قرن من الزمن.

وقد تمّ إنشاء اللجنة عام 2007 للتحقيق في نظام المدارس الداخليّة الإلزاميّة لأولاد السكّان الأصليين والخلاسيّين.

فمنذ سبعينات القرن التاسع عشر حتى منتصف تسعينات القرن الماضي، تمّ انتزاع نحو 150 ألفا من أولاد السكّان الأصليّين والخلاسيّين من أسرهم ووضعوا في 130 مدرسة داخليّة موزّعة في عدد من المدن الكنديّة.

وكانت اوتاوا تسعى وبإقرار منها لإبعادهم عن ثقافة أهلهم ودمجهم في مجتمع البيض.

وقال رئيس الحكومة الكنديّة جون ماكدونالد عام 1883 إنّه ينبغي إبعاد أولاد الهنود عن تأثير أهلهم ووضعهم في مدارس صناعيّة تؤهّلهم لاكتساب عادات البيض ومهاراتهم.

وكانت هذه المدارس مموّلة من الحكومة وتحت إدارة كنائس مسيحيّة.

تلاميذ في مدرسة داخليّة لسكّان كندا الأصليّين
تلاميذ في مدرسة داخليّة لسكّان كندا الأصليّين © Archives de Radio-Canada

ويتحدّث تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة عن سوء معاملة وعن انتهاكات جنسيّة أحيانا تعرّض لها تلاميذ المدارس الداخليّة خلال تلك الفترة.

ولقي نحو 3200 تلميذ حتفهم، معظمهم قبل أربعينات القرن الماضي جرّاء إصابتهم بالأمراض ومن بينها السلّ .

وكانت الظروف الصحيّة سيّئة لدرجة كان معدّل الوفيات أعلى خمس مرّات ممّا كان عليه لدى باقي السكّان.

ويقول التقرير إن سياسة دمج السكّان الأصليين من قبل الحكومة تركت مضاعفات سلبيّة على مجمل السكّان الأصليّين وقوّضت قدرتهم على النجاح في المجتمع الكندي.

واستمعت اللجنة إلى نحو سبعة آلاف شخص من السكّان الأصليّين والمسؤولين عن المدارس قبل نشر تقريرها.

ورفعت اربعا وتسعين توصية تدعو من خلالها بصورة رئيسيّة إلى تحسين الأنظمة الصحيّة والتربويّة للسكّان الأصليّين واتخاذ كل الوسائل للتخفيف من عدد السجناء في صفوفهم.

وطلبت اللجنة من قداسة البابا أن يقدّم اعتذارا باسم الكنيسة الكاثوليكيّة إلى الناجين وأسرهم ومجتمعاتهم المحليّة في غضون سنة من تاريخ نشر التقرير.

التحقيق كان صعبا وشهادات السكّان الأصليّين كانت مؤثّرة للغاية ولكنّه كان لا بدّ من إلقاء الضوء على هذه الحقبة من تاريخ كندا للتوصّل إلى المصالحة.

كان الأولاد بعيدين عن أهلهم في ظروف صعبة وفي غياب المراقبة الجيّدة والموارد الماليّة الكافية لتأمين اللباس والمأكل والحماية اللازمة لهم.وتشير إلى أن نحو 150 ألفا من أبناء السكّان الأصليّين وُضعوا في أكثر من 130 مدرسة داخليّة. وما زال نحو 80 ألفا منهم على قيد الحياة كما تقول وتضيف:

مفوّضة لجنة الحقيقة والمصالحة في كندا  ماري ولسون
مفوّضة لجنة الحقيقة والمصالحة في كندا ماري ولسون © Radio-Canada/Marie-Sandrine Auger

والظروف الصعبة تسبّبت بمشاكل كثيرة لهم كما تقول المفوّضة ماري ولسون مشيرة إلى أن عددا منهم  ماتوا جرّاء الاصابة بداء السلّ والبعض الآخر بسبب الحرائق التي اندلعت في مباني المدارس الداخليّة.

وحاول آخرون الهروب بسبب تعرّضهم  للتجاوزات وماتوا إما غرقا وإما من شدّة البرد أحيانا.

وتتابع فتقول إن التقرير يتحدّث عن إبادة ثقافيّة وتضيف بالقول:

ينبغي أن يطّلع الكنديّون جميعا على ما جرى وتجاوز التجاهل الجماعي الذي ساهم في عدم معرفة بعضنا البعض في هذا البلد.

وينبغي تغيير المناهج الدراسيّة ووضع مناهج مناسبة كما ينبغي توعية الرأي العام على كلّ هذه الحقائق.

وترى ماري ولسون أن مسؤوليّة التغيير تقع على عاتق الحكومة الفدراليّة وحكومات المقاطعات وتضيف:

الحكومات المحليّة في المقاطعات تتولّى تعليم السكّان الأصليين لأن 60 بالمئة منهم يقيمون في المدن وليس في المحميّات.

كما ينبغي توفير الموارد اللازمة لمحميّات السكّان الأصليّين وهذا يندرج في إطار مسؤوليّات الحكومة الفدراليّة كما تقول ماري ولسون وتضيف:

ينبغي أن تقوم الكنيسة بما يمكنها للمساعدة. وقد وجّهنا نداء للكنائس لتوفير المال اللازم والمساهمة في إعادة البناء وإحياء لغات السكّان الأصليّين.

وتؤكّد مفوّضة لجنة الحقيقة والمصالحة ماري ولسون على أهميّة متابعة العمل بعد انتهاء عمل اللجنة ومتابعة التوصيات التي رفعتها وتضيف:

من المهمّ أن يتمكّن أبناء السكّان الأصليّين من تجاوز معاناتهم والفظائع التي عاشوها والحفاظ على الأمل والاتكال على مساعدة المجتمع لهم.

ويتعيّن على الجميع أن يعملوا معا لإيجاد الحلول المطلوبة.

يبقى أن نشير أخيرا إلى أن هذه التوصيات غير ملزمة للحكومة الفدراليّة ولكنّها تلقي على عاتقها عبئا أخلاقيّا ويساهم التقرير في تعزيز المصالحة بين الكنديّين البيض والسكّان الأصليّين.

 

 

استمعوا

 

 

 

 

 

فئة:السكان الأصليون، مجتمع
كلمات مفتاحية:، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.