لا تقتصر ويلات الحروب على القتل والتدمير والتهجير والجوع والتشرد والقضاء على الحاضر والمستقبل، فثمة آفة قد تكون أكثر فتكا من الرصاص والمدافع لأنها تقضي على أجيال من البشر : استهلاك المخدرات. فقد أثبتت كل الدراسات أن استهلاك المخدرات يرتفع بصورة كبيرة جدا خلال الحروب ليس فقط في أوساط المقاتلين إنما أيضا في أوساط الناس العاديين الذين يستهلكونها بحثا عن نسيان الواقع المرير.
والحرب الدائرة في سوريا منذ أكثر من أربع سنوات كشفت مدى انتشار استهلاك المخدرات وبخاصة حبوب الكابتاغون بصورة غير مسبوقة.
الصحافي جوليان فوشي تقصى تفاصيل هذه المأساة التي تحولت إلى سوق مربحة جدا ومصدر تمويل للتنظيمات المقاتلة بما فيها النصرة وداعش والجيش السوري الحر والجيش السوري النظامي في متابعة للملف من الأردن خلال سنة كاملة، وهو يقول في حديث مع هيئة الإذاعة الكندية:
"ما أثارني هو كشف الصحف الأردنية عن مصادرة شرطة مكافحة المخدرات الأردنية لعشرات لا بل لمئات آلاف حبوب الكابتاغون يوميا مهربة في إطارات السيارات وطفايات الحرائق وحتى في الزيتون وقد قيل لي إن هذا المخدر هو ما يستهلكه كل المقاتلين من المعارضة كما من الموالاة، فالكابتاغون يسمح لمستهلكه بعدم النوم والهلوسة والهذيان والقتل والذبح والبسمة على الشفاه " كما يقول فوشي
ويتابع :
" مصادرة حبوب الكابتاغون في الأردن ارتفعت بستة أضعاف. ففي العام ألفين وعشرة تمت مصادرة خمسة ملايين حبة وبلغت العام الماضي ثلاثين مليون حبة ". وعن مصدر هذه الحبوب يقول فوشي:
"بحسب شرطة مكافحة المخدرات الأردنية تستورد هذه الحبوب من سوريا، تعبر الأردن وتصل إلى الإمارات العربية وبخاصة إلى المملكة السعودية حيث يرتفع سعر الحبة من يورو في الأردن إلى حوالي عشرين يورو في السعودية".
أين يتم إنتاج تلك الحبوب؟ يجيب الصحافي جوليان فوشي:
"معرفة ذلك صعبة جدا. في الأصل كان الانتاج الأهم يتم في بلغاريا ودول أوروبا الشرقية وانتقل قسم من الإنتاج إلى سهل البقاع في لبنان حيث يسيطر حزب الله واليوم توسعت مناطق الانتاج وباتت تشمل سوريا خاصة. ومن الصعب معرفة من ينتجها علما أن كل فريق يتهم الآخر بإنتاجها".
و تهريب الكابتاغون بات يشكل تمويلا مهما للتنظيمات المقاتلة إضافة إلى النفط وسرقة الأثار وفدية المخطوفين سيما وأن ما تتم مصادرته من الحبوب لا يتعدى العشرين بالمئة من الحبوب المهربة والتي يبلغ عددها أكثر من ستين مليون حبة ما قيمته مليار دولار تدخل جيوب المهربين والمنتجين من كافة التنظيمات المسلحة، يختم الصحافي جوليان فوشي حديثه لهيئة الإذاعة الكندية.استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.