رئيس الحكومة الكنديّة ستيفن هاربر (إلى اليسار) ووزير المال جو أوليفر

رئيس الحكومة الكنديّة ستيفن هاربر (إلى اليسار) ووزير المال جو أوليفر
Photo Credit: PC / Justin Tang/CP

اوتاوا: العجز المالي والعجز السياسي

 

اهتمّت الصحف الكنديّة بالوضع الاقتصادي والمالي في البلاد مع  ورود توقّّعات باحتمال حصول عجز في موازنة الحكومة الفدراليّة.

صحيفة ذي غلوب اند ميل كتبت تقول إن  خبر العجز في الموازنة هو بمثابة قنبلة سياسيّة.

ونظرا لأن الحكومة جعلت من تحقيق التوازن في موازنتها عام 2015 حجر الزاوية في أدائها ومحور برنامجها السياسي، لا يمكن أن نلوم أحزاب المعارضة التي سارعت إلى تلقّف الخبر حول العجز الذي أعلنه المدير البرلماني للموازنة.

فتراجع أسعار النفط تسبّب في انهيار الاقتصاد ويؤدّي إلى انخفاض العائدات من الضريبة.

وهذا يعني أن الموازنة المتوازنة التي وعد بها رئيس الحكومة المواطنين قبيل الحملة الانتخابيّة تحوّلت بدل ذلك عجزا في الموازنة.

والعجز المتوقّع هذه السنة هو بقيمة مليار دولار. وموازنة العام المقبل ستكون على الحافّة الشائكة بين العجز والفائض تقول ذي غلوب اند ميل.

و المشكلة أكبر على الصعيد السياسي بالنسبة لحكومة المحافظين وهي من صنع المحافظين أنفسهم.

وبغض النظر عن النتيجة السياسيّة، فلا مبرّر للاهتمام بما إذا كانت اوتاوا ستحقّق فائضا صغيرا او عجزا في موازنتها.

والأمر أشبه بمسرحيّة سياسيّة. و من سخريّة القدر أنّ المسرحيّة تجري فوق خشبة بنتها حكومة المحافظين لهذا الغرض. لكنّ العرض لم يجر كما كانت تشتهيه اوتاوا.

ولو تركنا السياسة جانبا، وهو أمر يصعب القيام به، فالعرض المسرحي قبل ثلاثة أشهر على موعد الانتخابات ليس عرضا حول صحّة الاقتصاد الكندي او ملاءة الحكومة الكنديّة الماليّة.

ومن المهمّ بالطبع أن تستمرّ نسبة الدين العام إلى الناتج المحلّي الاجمالي بالتراجع في ظلّ وضع اقتصادي جيّد.

لكنّ الأمر لا يتطلّب موازنة متوازنة بل أن ينمو الاقتصاد بوتيرة أسرع من الديون.

ويمكن أن تتعامل كندا مع عجز بقيمة 20 مليار دولار وأن يستمرّ تراجع نسبة ديونها  إلى الناتج المحلّي الاجمالي.

وإذا كانت البلاد حقيقة في حالة ركود كما يبدو أنّها عليها في النصف الأوّل من العام، فالعجز في الموازنة ليس مشكلة اقتصاديّة تقول ذي غلوب اند ميل، بل هو في الواقع جزء من الحلّ.

وإذا فرضت الحكومة اقتطاعات ببضعة مليارات من الدولارات في اللحظة الأخيرة في محاولة لتجنّب عجز مزعج سياسيّا، فهذا من شأنه أن يكون سيّئا للاقتصاد.

حتى أنّ قانون المحافظين بشأن توازن الموازنة يسمح بحصول عجز في فترات الانكماش الاقتصادي تقول ذي غلوب اند ميل.

وتختم الصحيفة مؤكّدة أنّ الفائض في الموازنة ليس من القضايا الرئيسيّة في الانتخابات المقبلة.

وحول الموضوع نفسه تعليق كتب الصحافي جيرير بيروبي في صحيفة لودوفوار تعليقا بعنوان الرهان الخاسر يتناول فيه أداء حكومة المحافظين المالي.

تقول الصحيفة إنّ الحكومة برئاسة ستيفن هاربر تدفع اليوم ثمن هوسها بقطاع النفط.

ويدخل المحافظون الحملة الانتخابيّة في ظلّ اقتصاد يمرّ بمرحلة ركود ومع احتمال عودة العجز في الموازنة.

و الاتفاق بشأن الملف النووي الايراني يوحي بأنّ أسعار النفط ستتراجع إلى ما دون ال40 دولارا للبرميل وفق ما تشير إليه التوقّعات.

والحكومة الكنديّة راهنت في موازنتها الأخيرة في نيسان ابريل الفائت على مرونة الاقتصاد الكندي. ولكنّ المرونة فشلت وحكومة المحافظين راهنت على النفط قبيل موعد الحملة الانتخابيّة.

وتتابع لودوفوار فتشير إلى أن حاكم مصرف كندا المركزي تجنّب استخدام كلمة ركود لكنّه يتوقّع نموا سلبيّا للناتج  المحلّي الاجمالي للربع الثاني على التوالي، من  0،5% في الربع الثاني بعد 0،6 % على أساس سنوي في الربع الأوّل.

وأسوأ من ذلك، بالنسبة للعام 2015، فالنمو المتوقّع من 1،9 بالمئة لن يبلغ سوى 1،1 بالمئة حسب توقّعات المصرف المركزي.

وكانت الحكومة تراهن في موازنتها على نموّ بقيمة 2 بالمئة وكانت تتحدّث عن مرونة الاقتصاد الكندي في ظلّ الظروف  التي يمرّ بها  قطاع النفط ومضاعفاته على الماليّة العامّة.

وتشير لودوفوار إلى ما قاله المدير البرلماني للموازنة من أنّ الفائض المتوقّع بقيمة 1،4مليار دولار سيتحوّل بالأحرى عجزا بنحو مليار دولار.

وتضيف الصحيفة أنّ التغييرات في قطاع النفط قد تحمل المزيد من المفاجآت.

والحكومة راجعت توقّعاتها بشأن النموّ آخذة بعين الاعتبار تداعيات هبوط أسعار النفط.

وقد أطلق الخبراء تحذيرا من أنّ الاتفاق النووي الايراني ورفع العقوبات الدوليّة عن طهران سيعيد خلط الأوراق.

ومع عودة إيران إلى سوق النفط، من المتوقّع أن يتراجع سعر البرميل إلى ما دون الأربعين دولارا.

وقد فقدت اوتاوا الأمل  من تحسّن الوضع المالي مع تراجع أسعار النفط وتراجع سعر صرف الدولار الكندي.

ورهنت الحكومة المستقبل في موازنتها الأخيرة من خلال وضع سلسلة من الانفاق للسنوات المقبلة.

وراهنت اوتاوا على عودة التوازن إلى الموازنة يوم قرّرت زيادة المساعدات لحضانة الأطفال وتجزئة دخل الأسرة وزيادة سقف حساب التوفير المعفي من الضريبة وتخفيف العبء الضريبي عن كاهل الطبقة الوسطى.

لكنّ عائدات النفط لم تعد موجودة كما تقول لودوفوار.

وترى أنّ الانشقاق بين الشرق والغرب وبين المصنّعين وشركات النفط لحق بالحكومة الكنديّة التي تتمنّى في أحسن الأحوال سوق نفط متوازنة او أن ينقلب المرض الهولندي (الذي يُقصد به العلاقة الظاهرة  بين ازدهار التنمية الاقتصاديّة بسبب الموارد الطبيعيّة وانخفاض قطاع الصناعات التحويليّة).

 

 

استمعوا
فئة:اقتصاد، سياسة، مجتمع
كلمات مفتاحية:، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.