تناول المحلل الاقتصادي جان فيليب ديكاري أسعار المواد الأولية وأداء بورصة تورونتو في صحيفة "لا بريس" الصادرة في مونتريال.
يقول ديكاري في مقاله الذي يحمل عنوان " لعنة المواد الأولية" إن إقفال بورصة تورونتو أمس على ارتفاع وضع حداً لسلسلة من سبع جلسات تراجع متتالية، الأطول من نوعها في السنوات الأربع الأخيرة، تجاوزت معها خسارة مؤشرها الرئيسي خلال تموز (يوليو) الجاري الـ5%.
ويضيف ديكاري أن مؤشر بورصة تورونتو الذي ارتفع بنسبة 8% في عام 2014 كان عند إقفال جلسة أمس قد سجل تراجعاً بنسبة 9% لفترة الأشهر الاثنيْ عشر الأخيرة.
وهذا التراجع في سوق الأسهم الكندية ليس غريباً عن "اللعنة" التي حلت بالمواد الأولية، فالقيمة البورصية للشركات التي تستثمرها تشكل 30% من مؤشر تورونتو المركب، يشير ديكاري.
والارتباط بين أداء بورصة تورونتو وسوق المواد الأولية يبدو أكثر وضوحاً عندما نعلم أن مؤشر "بلومبرغ" للمواد الأولية، الذي يراقب الأسعار اليومية لـ22 من منتجات الموارد الطبيعية، بلغ الأسبوع الفائت حده الأدنى في السنوات الـ13 الأخيرة، يقول ديكاري.
بالتأكيد أسعار النفط هي التي تهاوت أكثر من سواها إذ تراجعت بأكثر من 50% منذ سنة. لكن النيكل والنحاس والحديد والذهب سجلت هي الأخرى في الأشهر الـ12 الأخيرة تراجعاً في أسعار كانت أساساً متدنية.
والتراجع الشديد في أسعار الموارد الطبيعية لم ينجم عنه فقط تراجع بورصة تورونتو، فهو مسؤول أيضاً عن تراجع الدولار الكندي الذي يدفع ثمن الطلب الضعيف على موادنا الأولية، يقول ديكاري.

وللمتفائلين الميالين للاعتقاد بأن بلوغ أسعار الموارد الطبيعية حدها الأدنى في 13 عاماً قد يكون مؤشراً على أنها على وشك معاودة الارتفاع، يقول ديكاري بأنه "يمكننا أن نحلم".
صحيح أن أسعار المواد الأولية قبل 13 عاماً، أي في عام 2002، كانت قد بلغت مستوى متدنياً جداً وأن الدولار الكندي بلغ في كانون الثاني (يناير) من ذاك العام أدنى مستوى إقفال تاريخي له إزاء الدولار الأميركي جراء ذلك، وهو 61,79 سنتاً أميركياً.
وصحيح أن أسعار تلك المواد أخذت ترتفع مجدداً في ذاك العام، يتابع ديكاري. لكنها أخذت ترتفع بفضل ازدياد الطلب عليها بشكل مفاجئ وقوي من قبل الاقتصادات الناشئة في الصين والهند والبرازيل وروسيا، وهي الاقتصادات التي أصبحت محركات النمو الاقتصادي العالمي. وبلغت أسعار المواد الأولية سقوفاً قياسية إلى أن انهار الاقتصاد العالمي عقب الأزمة المالية العالمية في عاميْ 2007 و2008.
لكن في عام 2011 قامت الصين بإعادة النظر في سياسة التوسع الاقتصادي التي كانت تتبعها فخففت من تركيزها على مشاريع البنى التحتية الكبيرة لصالح الاعتماد على الاستهلاك الداخلي كسبيل للنمو، يشير ديكاري.
ولم يعد للصين شهيتها السابقة للموارد الطبيعية الكندية. وإن كان نموها الاقتصادي لا يزال قوياً فهو في حالة فقدان لزخمه.
كما أن سوق الأوراق المالية الصينية تراجعت منذ منتصف حزيران (يونيو) الفائت بأكثر من 30%، فاقدة بذلك نحواً من أربعة آلاف مليار دولار أميركي من القيمة السوقية، وهي خسارة يتحملها بنسبة 85% صغار المستثمرين.
وهذا لا يُعتبر فأل خير للدول المنتجة للمواد الأولية، ومن ضمنها كندا. فالصين أول مستهلك للنفط وثاني أكبر مستهلك للمواد الأولية بين دول العالم، وإذا ما تباطأ اقتصادها، ولو بقدر يسير، قد تظل لعنة المواد الأولية جاثمة على الاقتصاد الكندي لفترة غير يسيرة، يختم جان فيليب ديكاري في "لا بريس".
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.