تعدد الأحزاب في كندا دليل صحة وعافية ديموقراطية لكنه أيضا دليل تشرذم سياسي حالَ دون تحقيق أكثرية برلمانية واضحة. فمعظم الحكومات التي تشكلت في كندا في العصر الحديث، لم تنل الغالبية المطلقة أي خمسين بالمئة وما فوق ما يعني أنها تحكم بغالبية نيابية وليس بغالبية شعبية. فتشكيل حكومة ما من حزب نال أربعين بالمئة من الأصوات مثلا، يعني أن ستين بالمئة من الناخبين يعاكسونه ولم يصوتوا له، أي أن رافضي تشكيله الحكومة أكثر من داعميه ومؤيديه على المستوى الشعبي.
لكن النظام الانتخابي المعمول به قائم ليس على النسبة الشعبية التي يحصل عليها حزب ما إنما على عدد النواب الذي يتمكن من إيصاله إلى مجلس النواب. من هنا فكل دائرة إنتخابية لها وزنها في إنجاح أو إفشال حزب ما في تشكيل الحكومة ويلعب ناخبو الدائرة دورا مهما جدا . ذلك أن هناك نوعين من التصويت: الأول تصويت إيجابي يقوم على انتخاب مرشح يريد الناخب أن يشكل حزبه الحكومة، وهناك تصويت سلبي يقوم على التصويت لأي مرشح قادر على الفوز على مرشح لا يريد الناخب أن يشكل حزبه الحكومة وهذا ما يسمى بالتصويت الإستراتيجي في بعض الدوائر حيث المعركة محتدمة بين مرشحي الأحزاب الرئيسية، وهي الحال الآن في الحملة الانتخابية حاليا.
بهذا المعنى يقول الصحافي إيف بوافير:
"هناك عدة أشخاص سيصوتون لمن هو قادر على التغلب على المحافظين. ففي مطلع الحملة كان الحزب الديموقراطي الجديد مؤهلا أكثر من الليبيراليين للتغلب على المحافظين والآن ربما بات الليبيراليون مؤهلين أكثر للفوز عليهم. وإذا ما استمر الوضع على فسنشهد كثيرا من الناخبين ينتقلون من الديموقراطيين الجدد إلى الليبيراليين لاعتقادهم بأن الليبيراليين هم القادرون على الانتصار".
وفي هذا الإطار تلعب استطلاعات الرأي دورا بارزا في تحديد مسار الموقف الشعبي والتأثير على التصويت. فحلول الليبيراليين في المرتبة الثانية بعد المحافظين من شأنه أن يدفع ببعض مؤيدي الحزب الديموقراطي الذي حل ثالثا إلى الانتقال إلى صفوف الييبيراليين لتمكينهم من قلب حكومة المحافظين الحالية، أو أقله عدم تمكينهم من تشكيل حكومة أغلبية واضطرارهم لتشكيل حكومة أقلية يمكن إقالتها في البرلمان عند أول مناسبة.

لكن الحملة الانتخابية ما زالت طويلة وكل الاحتمالات واردة واستطلاعات الرأي ليست أكثر من مؤشر يساعد الناخبين والأحزاب على إعادة تصويب موقفهم أو كما قال وزير الأمن الفيديرالي المحافظ ستيفن بليني:
"استطلاع الرأي الحقيقي هو في التاسع عشر من الشهر المقبل، أي يوم إجراء الانتخابات".استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.