مختارات من تعليقات الصحف الكنديّة الصادرة خلال الأسبوع من إعداد وتقديم كلّ من فادي الهاروني وبيار أحمراني وسمير بدوي.
من وحي الحملة الانتخابية في كندا (حكومة هاربر ما لها وما عليها)
تحت عنوان "من العصر الذهبي إلى العتمة الكبرى" كتبت ليزيان غانيون في صحيفة لابرس مقالا تناولت فيه تقييم حكومة حزب المحافظين بزعامة ستيفن هاربر مشيرة إلى أنه يمكن توجيه انتقادات كثيرة لحكومة ستيفن هاربر غير أنه يمكننا ذلك دون أن نصفه بالشرير كما يفعل العديد من الأشخاص بخفة منذ بضعة أشهر.
قضية السيناتور دافي؟ إنها قضية لو حصلت في أي بلد أوروبي لكانت تمت تغطيتها بفضائح أكثر فداحة.
التصرف الاستبدادي لستيفن هاربر ؟ لا يمكن نكرانه غير أنه ليس الوحيد. كافة رؤساء الوزارات في كندا كان لهم هذا الميل السلطوي ( من الضروري أن يكون لهم ذلك للوصول إلى هذا المنصب) حتى بريان ملروني كان ذا يد حديدية تغطيها قفازات مخملية. السيد هاربر دفع الحاجة للسيطرة والتعلق بالسرية إلى درجة مرتفعة جدا.
غياب الحس الدبلوماسي عند هاربر؟ إنه في الواقع مشكلة كبرى. ولست الوحيدة أضافت ليزيان غانيون للحديث عنه وخاصة في مقالي مطلع الشهر الحالي. وحتى لو أن هاربر لم يلمع على الساحة الدولية فإنه رغم ذلك لم يكن بمثابة "خجل وطني" جان كريتيان ارتكب أيضا أخطاء كبيرة وخاصة في الشرق الأوسط.
فما يمكن تسجيله في خانة هاربر الاحترام الذي يكنه للغة الفرنسية (فحيث وجد يبدأ خطاباته بالفرنسية) وهو من بين جميع رؤساء الوزارة في كندا في العصر الحديث باستثناء بريان ملروني كان الأكثر الذي تحاشى تجاوز صلاحيات المقاطعات على خلاف الليبراليين والديمقراطيين الجدد الذين كان يحرقهم الشوق للتدخل في قطاع التعليم (دور الحضانة بالنسبة للديمقراطيين الجدد والصحة بالنسبة للحزب الليبرالي (زيادة عدد الأطباء)
إن حكومة هاربر أدارت بشكل معقول الاقتصاد. وجميع الدول الأوروبية تنظر بحسد للطريقة التي نجحت فيها كندا بالتغلب على الأزمات الاقتصادية. لقد قادت البلاد أي حكومة هاربر نحو منطقتين هامتين للتبادل التجاري الحر (أوروبا والهادي)
أما في ما يتعلق بعلاقة هاربر المتوترة مع المحكمة الكندية العليا فالقضية يمكن مناقشتها.
فالحكم "عبر القضاة" يؤدي لمشاكل جدية لتمثيل ديمقراطي.

وتتابع ليزيان غانيون مقالها في صحيفة لابرس بالقول إن أسوأ مظاهر حكومة هاربر هي فكرتها القمعية في النظام الجنائي.
ففي الوقت الذي تطرح فيه الولايات المتحدة تساؤلات حول الأحكام الشديدة القسوة فيها اختارت كندا سياسات عقابية غير إنسانية وغير مجدية في الوقت نفسه.
إن نظامنا كان يستند بشكل دائم على قاعدتين: ضرورة معاقبة الجريمة وحماية المجتمع من جهة وتوفير إمكانية إعادة الاعتبار للسجناء.
غير أن حكومة هاربر في هذا المجال، فرضت أحكاما أدنى على كافة أنواع الجرائم، أحكاما بالسجن مدى الحياة متتالية دون إمكانية إعادة الاعتبار (ثلاثة جرائم قتل، 75 عاما بالسجن) واليوم ها هو يهدد أي هاربر بسحب الجنسية الكندية من الإرهابيين الذين يتمتعون بجنسيتين.
إنه إجراء مماثل للنفي أو للإلغاء الذي كان يمارس في العصور الوسطى. وهذا يعني إيجاد صنفين من المواطنين الكنديين.
وهو يعني إرسال مواطنين كنديين للمحرقة إلى البلاد التي هربوا منها أو التي لا يعرفونها.
وهو يعني بشكل خاص حرمان أشخاص وجدوا مذنبين بالإرهاب من كافة احتمال بإعادة الاعتبار. ومن يستطيع الجزم بأن جهاديا في 22 من العمر لا يمكن أن يتغير في فترة ما في حال وفرنا له الإمكانات؟
للأسف، وكما هي الحال بالنسبة للاستغلال الديماغوجي للنقاب فإن هذه الإجراءات ستكون على ما يبدو ذات شعبية غير أن ذلك لا يعني أنها عادلة.
وتختم ليزيان غانيون مقالها في صحيفة لابرس بالقول إنه من الخطأ الاعتقاد بالإجمال بأن كندا في عام 2006 مرت من العصر الذهبي إلى عصر العتمة الكبرى كما يردد الليبراليون الذين كانوا يعتقدون دائما بأن الحكم يعود لهم كحق إلهي.
نشرت صحيفة لو دوفوار مقالا بعنوان: " ضياع حكامنا " وقعه الخبير السياسي جيروم بلانشيه والأستاذ الجامعي كلود سيمار والمتخصص في العلوم الدينية كلود فيرو، يتوجهون فيه إلى نواب الحزب الكيبيكي. جاء فيه:
الأول من تشرين أول – أوكتوبر كان يوما أسود في تاريخ كيبيك فقد صوتت الجمعية الوطنية بالإجماع على مذكرة رفعها حزب التضامن الكيبيكي للتنديد برهاب الإسلام أو الإسلاموفوبيا المفترض أنها منتشرة في أوساط المجتمع الكيبيكي وبخاصة للتنديد بتكاثر اشرطة الفيديو والتصاريح الإسلاموفوبية العنصرية على شبكات التواصل الاجتماعي. وبتوقيعه على المذكرة المغرضة أظهر البرلمان قلة بعد نظر وجبنا.
ويتابع موقعو المقال: ليس بوسعنا سوى أن نتفاجأ بأن نوابنا وافقوا على مذكرة خرقاء وذات بعد تمييزي فهي تندد بالإسلاموفوبيا بذرائع منها مثلا مساعدة اللاجئين السوريين علما أن غالبية طالبي اللجوء إلى كندا ليسوا سوريين إنما عدد كبير من اللاجئين الاقتصاديين من عدة دول إسلامية. ولا بد من التذكير أن الشعب السوري متعدد الثقافات والأديان وفيه مسيحيون متجذرون في الأرض قبل مجيء الإسلام.
وتؤكد المذكرة أن "الكيبيكيين المسلمين هم مواطنون بصورة كاملة".
صحيح، يقول الموقعون، لكن المذكرة لا تشير إلى أن المسلمين يطرحون مشاكل اندماج هائلة في المجتمعات الغربية، في أوروبا كما في أميركا لأن أعدادا منهم يؤيدون القانون الظالم والرجعي الذي يدعى الشريعة ويطالبون بإصرار بتسويات دينية تتنكر للعلمنة والقيم الديموقراطية الحديثة. وتقديمهم كجالية تتعرض للتمييز في مجتمعنا، تجعل منهم ضحايا ما يجعل الناس تتردد في مواجهة نزواتهم الطائفية.
ويتابع موقعو المقال في لو دوفوار:
وأخطر من كل ذلك، فإن دعم النواب لهذه المذكرة يعني أنهم موافقون على وجود الإسلاموفوبيا التي تمزج بين الدين والعرق ولطالما توسلها الإسلاميون لمنع أي انتقاد للإسلام فإن التنديد ببعض تصرفات المسلمين ليس عنصرية أبدا. إنما هو بمثابة نضال مدني لمواجهة إيديولوجية سياسية ودينية ذات أبعاد تيوقراطية.
ويتوجه الموقعون إلى نواب الحزب الكيبيكي قائلين: بدون شك وقعتم في الفخ الذي نصبه بذكاء حزب التضامن الكيبيكي وفي الوقت نفسه خدمتم الحزب الليبيرالي الذي سيستفيد بدون شك من هذه الفرصة غير المنتظرة لتمرير قانونه المتعلق بمنع الخطاب الحاقد وكان الأولى بكم أن تصوتوا ضد المذكرة والتحلي بالشجاعة .
ويتساءل موقعو المقال: لماذا لا يطلع نوابنا أكثر على الدين الإسلامي وتاريخه وعقيدته ونصوصه المقدسة وحياة مؤسسه النبي المسلح محمد ؟ يكفي أن نقرأ مئات الآيات الحاقدة والعنيفة في القرآن لنكتشف "أن الإسلام ليس ذاك الدين الداعي إلى السلام والمحبة" كما يسعى البعض لتقديمه للشعب.
ويؤكد الموقعون: إنطلاقا من كوننا ديموقراطيين نبقى شديدي التخوف من صعود الإسلام وفرعه السياسي الديني، التيار الإسلامي المتطرف. من هنا فإن تبني الجمعية الوطنية بالإجماع تلك المذكرة ، يجعلنا نعتقد أن كل النواب، بمن فيهم نواب الحزب الكيبيكي لا يأبهون بالقلق العميق من الإسلام الذي نتقاسمه مع عدد كبير من مواطنينا، يخلص موقعو المقال المنشور في صحيفة لو دوفوار.

وإلى صحيفة "ذي غلوب أند ميل" التي تناولت الغارة الجوية الأميركية على مستشفى جراحي في ولاية قندوز في أفغانستان يوم السبت من الأسبوع الفائت والتي أودت بحياة 22 مدنياً في مقال بعنوان "من يقصف مستشفى، حتى في أفغانستان؟".
في الصباح الباكر من ذاك السبت دمرت القوات الأميركية في أفغانستان مستشفى تقوم منظمة "أطباء بلا حدود" الإنسانية الدولية بتشغيله. ومنذ ذاك الحين قام المسؤولون الأميركيون بمفاقمة الأضرار من خلال تصريحات متناقضة تنشر الغموض والالتباس فيما المطلوب هو أعلى درجات الوضوح، كتبت الصحيفة الواسعة الانتشار في كندا.
"ضباب الحرب" تعبير عصري وضعيف يجعل التغاضي عن الأخطاء المميتة في الحروب أمراً في غاية السهولة، تقول "ذي غلوب أند ميل". وكتبرير لذبح مدنيين أبرياء وعمال إنسانيين، يصبح الحديث عن ضباب الحرب تهرباً شنيعاً من المسؤولية.
الرواية الأميركية عن الغارة شهدت تزحزحاً متواصلاً. في البدء جرى توصيف الضحايا في المستشفى كـ"أضرار جانبية" في غارات جوية استهدفت قوات لحركة "طالبان" متواجدة في مكان مجاور وتهدد مدينة قندوز، وقيل إن المستشفى أصيب عن طريق الخطأ.
لكن اتضح بعد ذلك، وبشكل شبه فوري، أن المستشفى كان الهدف الوحيد لقصف جوي دقيق قتل 22 شخصاً وأصاب 37 آخرين بجراح، تضيف "ذي غلوب أند ميل".
يمكن ابتكار كل أشكال التفسيرات حول أسباب احتمال اعتقاد أكثر جيوش العالم تطوراً أنه كان يستهدف معقلاً لـ"طالبان" لا منشأة رعاية صحية. وفي الأيام الماضية قُدم القليل من هذه الأعذار والتبريرات، لكنها لم تلبث أن تبدلت بعد أن دحضها بغضب مسؤولون في "أطباء بلا حدود" مظهرين أنها مريبة وتهدف لخدمة مطلقيها، تقول الصحيفة الكندية.
ما من شك أنه كان من المعلوم أن المبنى المستهدف هو مستشفى، فمنظمة "أطباء بلا حدود" كانت تزود السلطات العسكرية بصورة دورية بإحداثياته، تشير "ذي غلوب أند ميل"، والمستشفيات محمية بموجب القانون الإنساني الدولي، ومهاجمتها عمداً تشكل جريمة حرب.
عندما بدأت الغارة توسل العاملون في "أطباء بلا حدود" إلى المسؤولين الأميركيين والأفغان أن يوقفوا المذبحة، لكن القصف استمر 30 دقيقة على المستشفى إلى أن حوله إلى هيكل مدمر، تضيف الصحيفة.
في الأساس برر المسؤولون الأميركيون الهجوم كرد على تسلل مقاتلي "طالبان" من أماكن مجاورة للمستشفى، وقال ناطق رسمي أفغاني إن قوات معادية كانت تستخدم المستشفى قاعدة لها. لكن منظمة "أطباء بلا حدود" تشدد على أن المحيط المباشر للمستشفى لم يشهد أعمالاً قتالية كما أنها تنفي بشدة أن يكون مقاتلو "طالبان" قد تواجدوا في المستشفى، تقول "ذي غلوب أند ميل".
منظمة "أطباء بلا حدود" لا تميز بين من تعالجهم وفق انتمائهم السياسي أو العسكري، وهذا الرفض للانحياز قد يكون أغضب السلطات الأفغانية. لكن حتى وإن زُود الأميركيون معلومات استخباراتية خاطئة، هم ملزمون بشكل رئيسي بتوفير الحماية لمستشفى لا بتدميره، تضيف الصحيفة الكندية.
منظمة "أطباء بلا حدود" وصفت الغارة بأنها جريمة حرب، والمطلوب هو تحقيق نزيه يكشف أسباب هذه الفاجعة ويحدد المسؤوليات، تختم "ذي غلوب أند ميل".
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.