مختارات من تعليقات الصحف الكندية الصادرة خلال الأسبوع من إعداد وتقديم بيار أحمراني وسمير بدوي وفادي الهاروني.
هل تقرر بريتيش كولومبيا مصير الانتخابات الكندية؟
تناول البروفسور دانيال بيلان، رئيس كرسي أبحاث كندا في السياسات العامة في جامعة ساسكاتشيوان في ساسكاتون، المشهد الانتخابي في غرب كندا في مقال نشرته له صحيفة "لا بريس" الصادرة في مونتريال.
حفلت الحملة الانتخابية الفدرالية لغاية اليوم بالتطورات في مقاطعة كيبيك حيث عززت عوامل مثل مسألة ارتداء النقاب تراجعاً سريعاً للحزب الديمقراطي الجديد في نويا الاقتراع، يقول البروفسور بيلان.
ولم يُسجل تبدل بهذا الحجم في نوايا الاقتراع في مقاطعات الغرب الكندي الأربع، بريتيش كولومبيا وألبرتا وساسكاتشيوان ومانيتوبا. لكن الغرب الكندي هو أبعد ما يكون عن الكتلة المتجانسة، إذ هناك فوارق هامة بين مقاطعة وأخرى، لا بل بين منطقة وأخرى داخل كل مقاطعة، يشير دانيال بيلان.
بريتيش كولومبيا المطلة على المحيط الهادي هي كبرى مقاطعات الغرب من حيث عدد السكان وثالثة كبريات المقاطعات الكندية، إذ يقطنها نحو من 4,7 ملايين نسمة. وبدوائرها الانتخابية الـ42، أي أكثر بست دوائر مما كانت تضم في الانتخابات الفدرالية العامة الأخيرة عام 2011، قد تقرر بريتيش كولومبيا مصير الانتخابات العامة الاثنين المقبل، يقول البروفسور بيلان.
في مطلع الحملة الانتخابية التي انطلقت في 2 آب (أغسطس) الفائت كان الحزب الديمقراطي الجديد بزعامة توماس مولكير أولاً وبقوة في نوايا الاقتراع في بريتيش كولومبيا، لكن الفارق بينه وبين سائر الأحزاب تقلص بصورة تدريجية. والحزب الليبرالي بزعامة جوستان ترودو هو المستفيد الأول من تراجع شعبية الديمقراطي الجديد في هذه المقاطعة.
وتشير آخر الاستطلاعات إلى أن المحافظين بقيادة ستيفن هاربر والليبراليين والديمقراطيين الجدد هم تقريباً متساوون من حيث الشعبية في بريتيش كولومبيا، مع أرجحية للحزبيْن الأخيريْن على المحافظين يشير البروفسور بيلان. وفيما يتنافس الليبراليون والديمقراطيون الجدد على الفوز بأكبر عدد ممكن من مقاعد فانكوفر، كبرى مدن المقاطعة، لا تزال السيطرة للمحافظين في شرق المقاطعة.

ألبرتا، الجارة الشرقية لبريتيش كولومبيا، هي ثانية كبريات مقاطعات الغرب من حيث عدد السكان. يقطنها 4,2 ملايين نسمة وحصتها 34 مقعداً من مقاعد مجلس العموم الـ338، أي أكثر بستة مقاعد هي الأخرى مما لديها في مجلس العموم الخارج الذي يضم 308 مقاعد.
في ألبرتا لا يزال المحافظون مسيطرين، باستثناء بعض دوائر كالغاري وإدمونتون، كبرى مدن المقاطعة وعاصمتها على التوالي، إذ قد يفوز الديمقراطيون الجدد بمقعد أو اثنيْن في العاصمة فيما يأمل الليبراليون بالفوز ببضعة مقاعد في كالغاري وبواحد في إدمونتون.
ومنذ بداية الحملة الانتخابية ظلت شعبية المحافظين فوق عتبة الـ45% في أغنى مقاطعات البلاد بالنفط، وهي الآن تتخطى الـ50%، يقول البروفسور بيلان.
أما الحزب الديمقراطي الجديد فلم يتمكن من الاستفادة من فوز الديمقراطيين الجدد المحليين بقيادة راشيل نوتلي بحكومة أكثرية في انتخابات ألبرتا قبل أربعة أشهر ونيف من أجل زيادة رصيده في هذه المقاطعة، لا بل أنه تراجع من المرتبة الثانية التي كان يحتلها في الاستطلاعات مطلع الحملة الانتخابية إلى المرتبة الثالثة وبعيداً خلف الليبراليين يقول البروفسور بيلان.
أما مقاطعتا ساسكاتشيوان ومانيتوبا، حيث يبلغ عدد سكان الأولى 1,1 مليون نسمة والثانية 1,3 مليون نسمة، فحصة كل منهما 14 مقعداً في مجلس العموم.
ومن الواضح، استناداً لاستطلاعات نوايا التصويت، أن المحافظين سيحصدون غالبية هذه المقاعد، تاركين لليبراليين ما قد يصل إلى أربعة مقاعد في وينيبيغ، عاصمة مانيتوبا، وللديمقراطيين الجدد إمكانية تسجيل مكاسب في ساسكاتشيوان، هم الذين لم يتمكنوا من الفوز بأي مقعد في هذه المقاطعة في الانتخابات الأخيرة، يقول البروفسور بيلان.
"أحقاً هي قِيَمي؟"
تحت عنوان "أحقاً هي قِيَمي؟" كتبت المحررة في لودوفوار مانون كورنولييه مقالا تقول فيه:
الآخر. الآخر الذي نشك في أنه لا يحترم قيمنا, تلك القيم التي يقول زعيم المحافظين ستيفن هارب إنه يدافع عنها خلال الحملة الانتخابية الحالية.
ذاك الآخر الذي لا نحدد هويته، لا نسميه، لكن الجميع فهموا من هو عندما يربط هاربر دائما الأمن بالهجرة ويتحدث عن النقاب و"الممارسات البربرية". هو ليس صينيا ولا فيتناميا. هو مسلم عربي ربما ولا شيء آخر.
طبعا المحافظون يرفضون ذلك لكن ما كشفته مؤخرا ذي غلوب أند ميل بشأن تدخل مكتب رئاسة الحكومة في ملف اللاجئين السوريين لا يترك أي مجال للشك.
إن الحكومة تؤكد منذ عدة أشهر أنها تسهل استقبال اللاجئين السوريين والعراقيين "الأكثر عرضة للخطر" أي، بحسب مانون كورنولييه، الأقليات الدينية والعرقية . بكلمة أخرى، المسيحيين خاصة.
وتتابع: خلال الربيع الفائت فرض مكتب رئيس الحكومة تعليق البت بملفات لاجئين قدمتها المفوضية العليا للاجئين. ويبدو أن رئيس الحكومة تدخل شخصيا وطلب من مكتبه التحقق من الملفات لضمان إعطاء الأولوية للأقليات الدينية وعرقلة قبول المسلمين السنة والشيعة.
وتذكّر كورنولييه أن المفوضية العليا للاجئين لا تشارك إلا في اختيار لاجئين بكفالة الدولة والذين بحاجة ماسة للحماية ولا تدخل الدين في الحسبان إلا إذا كانت تلك الأقليات مهددة في الدول التي لجأت إليها، وهذا ليس وضع اللاجئين السوريين. وبما أن غالبية اللاجئين السوريين والعراقيين في تركيا والأردن هم مسلمون فغالبية الملفات التي تقدمها المفوضية هي لمسلمين . ولكي تتوصل الحكومة إلى أهدافها لجأت إلى مبدأ الكفالة الخاصة لاستقبال اللاجئين السوريين والعراقيين الذين تعهدت بمنحهم حق اللجوء، ولا تتدخل المفوضية العليا في هذه الملفات وتقوم مجموعات الكفيلين، وبخاصة الكنائس، بتقديم الطلبات. لكن طلبات الكفالة الخاصة لم يتم تعليقها الربيع الفائت وتم تعليق طلبات الكفالة الحكومية ما يمس خاصة ملفات المسلمين.

وتتابع مانون كورنولييه في لو دوفوار: إذا كان اهتمام رئيس الحكومة الحقيقي هو مواجهة تصاعد التطرف الديني فليقلها بوضوح وليقدم إجراءات لمواجهة هذه المشكلة أيا كان المتطرفون، مسلمين كانوا أو مسيحيين أو يهوداً.
إن مقاربة الحكومة لملف اللاجئين تكشف عن اعتماد أحكام مسبقة بحق مجموعة عانت خلال هذه الحملة من انعكاسات مسألة ارتداء النقاب وعدة إجراءات أخرى اقترحها المحافظون. وتضيف:
لا تجوز الإشارة إلى الأصل الديني والعرقي لإنسان ما لاعتبار أنه لا يشاركنا ومبادئنا وقيمنا ففي كل المجموعات أفراد لا يحترمون القواعد والنظم وهم أقلية وتصرفات فرد لا تبرر تشويه سمعة المجموعة بمن فيهم المسلمون.
وتتابع كورنولييه: ليس ما يفعله المسلمون يجعلهم حاليا مشبوهين بنظر الكثيرين، إنما هويتهم الدينية تجعلهم كذلك فكيف السبيل لمكافحة هذا الوضع؟ إن التعامل بصورة مختلفة مع إنسان ما لكونه مسلما ، كما تفعل الحكومة في ملف اللاجئين دون أن تقر بذلك، يوازي مهاجمة اليهودي أو الأسود لمجرد كونه يهوديا أو أسود وهذا هو بالواقع التمييز لا بل العنصرية. وإذا كانت تلك، هي القيم التي يدافع عنها هاربر فهي ليست قيمي أنا، تختم مانون كورنولييه مقالها المنشور في لو دوفوار.
"رجل ومرشده"
ودوماً في إطار الحملة الانتخابية في كندا كتبت ليزيان غانيون في "لا بريس" مقالاً بعنوان "رجل ومرشده" قالت فيه:
هذه الحملة الانتخابية لها ما يميزها عن سواها كون زعماء الأحزاب السياسية الرئيسية الأربعة بمفردهم في الواجهة.
ولا يحيط بهم أي فريق في الحملات الدعائية الداعمة لأحزابهم.
وستيفن هاربر الذي يجد صعوبة في الاعتماد على وزرائه في هذه المهام لأنه بدافع رغبته الإشراف على كل شيء أوجد فراغا حوله.
لكن الأمور لم تكن دائما على هذا النحو في كندا: فبريان ملروني وبيار إليوت ترودو وجان كريتيان كانوا يعتمدون على وزراء أقوياء.
كل الزعماء يملكون هذا الميل السلطوي وهذا طبيعي في وضعهم لأنه لو لم تكن لهم هذه المواصفات لما وصلوا لمراكزهم أي للقمة غير أن أفضل الزعماء يعرفون كيف يحاطون بأشخاص بإمكانهم الصمود أمامهم.
توماس مولكير هو أيضا بمفرده في الواجهة. وفي كيبك، معقل الحزب، نائب واحد خرج للواجهة هو النقابي السابق ألكسندر بولريس لأن جناح الحزب الكيبكي مكون من أشخاص غير معروفين أو لآنه لا يثق بهم.
الشيء نفسه مع جيل دوسيب، عندما كانت الكتلة الكيبكية تحتل موقعا مهما في مجلس العموم الكندي، إذ طغت شخصية جيل دوسيب القوية على فريقه.

جوستان ترودو هو الوحيد بين الزعماء الأربعة الذي لا ترشح عنه أية صورة سلطوية. في الواقع، مشكلته هي العكس، حتى أن البعض يخشى بأنه لا يملك قوة الشخصية والنضج السياسي لمواجهة تحديات الحكم ومن هنا قلق الناخبين الذين يستهويهم الحزب الليبرالي هل سيكون ترودو في حال وجوده في مقعد رئاسة الوزارة محاطا بشكل جيد وأين سيأخذ استشاراته؟
وحتى لو أحيطوا بخبراء، فإن الزعماء الثلاثة الآخرين أي هاربر ومولكير ودوسيب يعبرون هم عن أفكارهم الخاصة بهم وهم بالتالي أسياد استراتيجيتهم الانتخابية.
أما بالنسبة لجوستان ترودو، هناك دماغ وراء الزعيم في الحملة الانتخابية: إنه جيرالد (جيري) بوتس الذي هو في الوقت نفسه مستشاره الخاص وصديقه الحميم منذ فترة طويلة
(مجموعة أدوار لا يوصي بها خبراء الإدارة أبدا)
وفي حال وثقنا بالصورة التي أوجزها عنه مارتن باتريكان في ماكلينز الصادرة في أواخر شهر سبتمبر أيلول الماضي فإن جيرالد بوتس هو الذي يشرف بدون منازع على أقرب المقربين من ترودو وهو يشرف على الوصول للزعيم وهو الذي حدد الخيوط العريضة للحملة الانتخابية مركزا على "الطبقة المتوسطة" ودعم مشروع القانون ضد الإرهاب واللجوء للعجز في الموازنة وهو الذي يقف إلى جانب ترودو في المناقشات المتلفزة كما يفعل المدرب الذي يعطي نصائحه الأخيرة لملاكمه النجم.
وتختم ليزيان غانيون مقالها في صحيفة لابرس بالقول الذين يعرفون جيدا جيري بوتس يصفونه كشخص متميز متألق سلطوي لا يقبل الانتقاد.
بوتس شخص "هجين في السياسة" فهو صانع سياسة وناشط سياسي في آن معا سيد في المضمون وفي الاستراتيجية.
وعلى عكس التحفظ الذي يلتزم به عادة استراتيجيو السياسة فإن بوتس لا يتردد في التعبير عن آرائه عبر تويتر بأسلوب فج ومبتذل هو كليا عكس أسلوب ترودو.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.