مكافأة الرعب، عنوان تعليق نشرته صحيفة لودوفوار الصادرة في مونتريال بقلم الصحافي والمحلّل السياسي فرانسوا بروسو تناول فيه الانتخابات في تركيّا.
تقول الصحيفة إنّ استراتيجيّة التهويل التي اعتمدها الرئيس رجب طيّب اردوغان إزاء احزاب المعارضة آتت ثمارها، وأسفرت الانتخابات النيابيّة عن فوز حزبه، حزب العدالة والتنمية، بأغلبيّة المقاعد النيابيّة.
والحزب الذي مضت عليه ثلاث عشرة سنة في السلطة، وكان يُعتبر إسلاميّا معتدلا، اعطى الدليل على إمكانيّة وجود إسلام سياسي ديمقراطي متسامح ليبرالي تقول لودوفوار.
وتركيّا افسحت الأمل حول ذلك بين عامي 2005 و 2012. ولكنّ الأوهام سقطت و استخدم نظام الرئيس اردوغان الذي استمرّ في اللجوء إلى صناديق الاقتراع، وسائل جديرة باللصوصيّة لضمان فوزه.
وتذكّر الصحيفة بأن حزب العدالة والتنمية حاز على 40 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة التي جرت في السابع من حزيران يونيو الفائت ولم يفز بأغلبيّة المقاعد المطلقة ما أغضب الرئيس اردوغان، خصوصا أنّ صعود حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد كان وراء تراجع حزب اردوغان.
وبعد أن قوّض اردوغان المفاوضات الهادفة لتشكيل حكومة ائتلافيّة، تمكّن من قلب الطاولة والدعوة إلى جولة انتخابات جديدة.
ووضع حدّا للهدنة مع التنظيم المسلّح التابع لحزب العمّال الكردستاني واستأنف القصف في جنوب شرق البلاد.
ولعب على وتر الشوفينيّة لدى مجموعة من الناخبين، وشيطَنَ حزب الشعوب الديمقراطي ومجمل خصومه الذين تحوّلوا أعداء، ونَعَتهم بالملحدين والارهابيّين والعملاء للخارج.
وبالغ في حملاته ضدّ وسائل الإعلام المستقلّة وهدّد صحافيّين وزجّ بعض الذين انتقدوه في السجن، وسخّر الشرطة والمحاكم لخدمته وأقفل بالقوّة محطّتي تلفزة.
وتتابع لودوفوار تعليقها مشيرة إلى أنّ اردوغان لم يُصدر أيّ تعليق بعد اعتداء العاشر من تشرين الأوّل اكتوبر الذي استهدف مظاهرة سلميّة للمعارضة في العاصمة أنقرة وأسفر عن وقوع نحو 100 قتيل.
ولعب دور الإطفائي ومُشعل الحرائق، واستقطب الرأي العام، ووسّع هوّة الانقسامات بين المحافظين والليبراليّين وبين المتديّنين والعلمانيّين ووقف بعد ذلك كالسدّ في وجه الفوضى عندما قال: "نريد حكومة حزب واحد" وإلاّ ستكون نهاية العالم.
ووفى بتعهّده وحصد بفضل خطابه الشوفيني الأصوات التي كانت تنقصه تقول لودوفوار.

وتشير إلى أنّ الناخبين الأكراد كانوا قلقين على سلامتهم وكانت نسبة مشاركتهم أدنى من الانتخابات السابقة قبل أشهر قليلة.
وفاز حزب التنمية والعدالة بالأغلبيّة البرلمانيّة التي تخوّله طرح مشروعه لتعديل الدستور على الاستفتاء.
وتعتبر الصحيفة أنّ نظاما قويّا هو حلم سلطان أنقرة الجديد، الرجل الذي بنى قصرا بكلفة نصف مليار دولار.
وقد رأينا، تقول الصحيفة، ما فعله أردوغان قبل تحقيق التعديلات الدستوريّة ويصعب تصوُّر ما قد يفعله في حال تحقّقت.
ونتائج الانتخابات تشكّل خبرا سيّئا لنحو 50 بالمئة من الأتراك الذين لم يصوّتوا لحزب العدالة والتنمية، و تنذر باضطرابات قد تتخطّى حدود تركيّا.
والاتّحاد الاوروبي يبدي موقفا منفتحا حيال طاغية أنقرة الجديد حسب قول الصحيفة.
ويأمل الاوروبيّون، عن خطأ بالتأكيد وعن سذاجة، أن يتمكّن اردوغان من مساعدتهم في تخبّطهم إزاء الأزمة في سوريّا وأزمة النازحين.
وهذا ما رآه البعض في زيارة المستشارة الألمانيّة انجيلا ميركل لاسطنبول في 19 تشرين الأول اكتوبر قبيل موعد الانتخابات.
وآمال الاوروبيّين ليست في محلّها تقول لودوفوار. وبإمكان "السلطان" أن يلعب ببراعة على حبل انتهازيّة الاوروبيّين ويأسهم ، وهم الذين تعهّدوا بتقديم ثلاثة مليارات يورو له لقاء كبح حركة النازحين السوريّين.
كلّ ذلك، تختم لودوفوار، حتى لو كان الأمر يعني غضّ النظر عن التشدّد الحاصل في قصر أنقرة.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.