"تكريم الحقيقة والتصالح من أجل المستقبل": عنوان التقرير النهائي الذي أصرته لجنة الحقيقة والمصالحة حول السكّان الأصليّين في كندا.
وكانت اللجنة تحقّق في المعاملة التي لقيها نحو من 150 ألفا من أولاد السكّان الأصليّين منذ سبعينات القرن التاسع عشر وحتّى العام 1996في نحو 130 مدرسة داخليّة في مختلف أنحاء كندا.
وكان إدخالهم المدارس بهدف إبعادهم عن ثقافة أهلهم وإدماجهم في مجتمع البيض حسب السياسة المتّبعة منذ تلك الفترة.
واعتبرت اللجنة أنّ سياسة الدولة الكنديّة لدمج السكّان الأصليّين فشلت، ولكنّ عواقبها الوخيمة ما تزال قائمة.
وقد تعرّض التلاميذ لسوء المعاملة والاهمال وانقطعوا عن أهلهم كما تعرّضوا في بعض الأحيان لاعتداءات جنسيّة.
وقد لقي نحو من 3200 تلميذ حتفهم بسبب إصابتهم بمرض السلّ او بسبب سوء التغذية او الظروف المعيشيّة المزرية التي كانت سائدة في تلك المدارس.
وجابت اللجنة منذ تأسيسها عام 2007 مختلف انحاء كندا واستمعت إلى نحو 7 آلاف شهادة، واصدرت تقريرها النهائي الذي رفعت فيه 94 توصية للتعويض عن الإساءة التي لحقت بالسكّان الأصليّين.
ويتحدّث التقرير عن إبادة جسديّة وبيولوجيّة وثقافيّة بحقّ السكّان الأصليّين.
وكانت اللجنة قد أصدرت تقريرا مؤقّتا غير نهائي في حزيران يونيو الماضي تحدّثت فيه عن إبادة ثقافيّة بحقّهم.
وتمّ الكشف عن التقرير خلال جلسة رسميّة حضرها رئيس الحكومة الكنديّة جوستان ترودو وأعضاء اللجنة وزعماء السكّان الأصليّين وتلاميذ سابقون في المدارس الداخليّة من أبناء السكّان الأصليّين.
وقد افتتح الجلسة رئيس اللجنة القاضي مورّي سانكلير الذي بدا متأثّرا خصوصا عندما تحدّث عن مضاعفات عمل اللجنة على أسرته. وممّا قاله القاضي سانكلير:
لقد قدّموا لي الدعم في مهمّتي على حساب العلاقات الطيّبة التي كدنا أن نخسرها والتي نسعى اليوم لاستعادتها قال القاضي مورّي سانكلير.
وأوضح أنّه تأثّر مع نظيريه في اللجنة الصحافيّة ماري ولسون والمحامي ولتون ليتلتشايلد بالشهادات التي استمعوا إليها طوال نحو ستّ سنوات من 6آلاف تلميذ سابق في المدارس الداخليّة .
وأضاف بأنّ متابعة العمل المؤثّر والمؤلم تطلّبت منه القوّة للمثابرة وكان دعم عائلته واولاده والأحفاد بالغَ الأهميّة بالنسبة له.
رئيس الحكومة جوستان ترودو تعهّد من جهته بتنفيذ كافّة التوصيات التي وردت في تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة بما فيها زيادة التمويل للبرامج التربويّة للسكان الأصليّين.
كما كرّر تعهّده بإنشاء لجنة خاصّة للتحقيق في مقتل وخطف نحو 1200 امرأة من السكّان الأصليّين خلال العقود الثلاثة الماضية.
واكّد على أهميّة وضع استراتيجيّة التزام وطنيّة ووضع إطار عمل للمصالحة وممّا قاله جوستان ترودو:
ما من علاقة أهمّ بالنسبة لي ولكندا من العلاقة مع الامم الأوائل وأمّة الخلاسيّن ( التي تكوّنت من التزاوج بين الكنديّين الفرنسيّين وأفراد من قبائل الأمم الأوائل) وأمّة الاينويت. وأَعِدُكم بأنّنا سنجدّد هذه العلاقة ونحترمها.
وتابع مؤكّدا على أهميّة الاعتراف بالأخطاء والتجاوزات التي ارتُكبت طوال هذه الفترة في المدارس الداخليّة.
وأضاف بأنّه تلقّى علومه في مدارس جيّدة مشيرا إلى تناقض بين ما عاشه هو وما عاشه أبناء السكّان الأصليّين الذين لا يزالون منهم على قيد الحياة واولئك الذين ماتوا في المدارس الداخليّة.
واشار إلى أنّ البرامج التعليميّة تتغاضى عن هذه الحقبة المظلمة من تاريخ كندا وتعهّد بعدم التغاضي عنها بعد اليوم.
لا بدّ من الاشارة هنا إلى أنّ بعض مقاطعات الغرب الكندي ، ومن بينها بريتيش كولومبيا والبرتا وأيضا اقليم اليوكن وأقاليم الشمال الغربيّة تدرّس هذه الحقبة من تاريخ كندا.
ونستمع إلى ما قالته مادلين بازيل التلميذة السابقة في إحدى المدارس الداخليّة التي عانت من سوء المعاملة والتي فقدت شقيقتها بسببها:
تقول مادلين بازيل إنّها كانت في الخامسة من العمر يوم تمّ إرسالها إلى المدرسة الداخليّة وتضيف:
إنّها بداية مرحلة جديدة بالنسبة لي ولعائلتي ولكلّ الناجين.
مرحلة جديدة أكّد عليها كلّ من رئيس الحكومة جوستان ترودو ورئيس لجنة الحقيقة والمصالحة القاضي مورّي سانكلير لكي تتذكّر الأجيال المقبلة التاريخ وتتحمّل مسؤوليّة عدم تكراره.
(راديو كندا الدولي وراديو كندا وسي بي سي)
استمعوا
شريط فيديو من سي بي سي هيئة الاذاعة الكنديّة
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.